في بداية آذار من العام 2016 اختطف الطبيب اللبناني حسين حبيش في منطقة مرج أعيون في مدينة البيضاء الليبية، لمبادلته بالموقوف في لبنان ​هنيبعل القذافي​ نجل الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي، ولكن الرجل الستيني استطاع بعد ثلاثة أشهر الخروج الى الحرية، الا أن تفاصيل "القصة" بقيت مخفيّة، فماذا حصل مع حسين حبيش ومن هم المتورطون بخطفه؟

"قام ملثمون مسلحون بخطفي من أمام عيادتي بعد ضربي وتعصيب عينيّ وادخالي سيارتهم والاتجاه نحو الصحراء"، يقول الطبيب الذي عانى الأمرّين بعد خطفه. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "وضعوني في "حفرة" عميقة تشبه المكان الذي يبدلون فيه زيت السيارات، دون طعام وشراب ليومين واخبروني أنني لن اخرج ما لم يتم مبادلتي بهنيبعل القذافي"، مشيرا الى أنه "بعد ايام نقلوني الى مكان آخر في غرفة داخل منزل لا يدخلها النور، وكنت الى جانب مخطوفين آخرين، نأكل الرز اليابس كل يومين، الامر الذي جعلني أمام حل الهرب للبقاء على قيد الحياة".

ويكشف حبيش أن هربه كان في أحد ايام شهر رمضان حيث كان الخاطفون يسهرون طيلة الليل وينامون في النهار. ويقول الطبيب دون الدخول في كل التفاصيل: "بعد ايام من التفكير بطريقة الهروب تمكنت من الخروج عبر نافذة، واستطعت بمساعدة "سائق شاحنة" من الوصول الى مركز للجيش، ومنه خرجت واختبأت في أحد المنازل ريثما ارسلوا لي ولزوجتي وولدي تذاكر السفر من لبنان، وتمكنت من الوصول للمطار والرحيل بمساعدة السفارة الايطالية"، مشيرا الى أن ​السفارة اللبنانية​ لم تستطع مساعدته لان موظفيها كانوا قد اصبحوا في تونس بتلك الفترة.

وصل حبيش الى لبنان، بلده الأم، فاتجه مباشرة نحو المراكز الطبية لتقييم وضعه الصحي الذي تدهور بشكل ملحوظ نتيجة خطفه وقلة الغذاء والماء والدواء، وكانت النتيجة أن أجرى عددا من العمليات الجراحية، فالخطف سبب مشاكل بالكلى والضغط والسكري.

وفي هذا الاطار تكشف مصادر خاصة بـ"النشرة" أن الطبيب المحرر تقدم بشكوى جزائية أمام النائب العام التمييزي ​القاضي سمير حمود​، الذي أحالها للنائب العام الاستئنافي القاضي زياد ابو حيدر، ليحيلها بدوره لمفرزة تحري بيروت. وتقول المصادر: "استمعوا لافادة محامي الطبيب، علي جوني الذي أظهر بالوثائق والبيانات عناصر الشكوى وحجم الاضرار التي تسببت بها عملية الخطف"، كاشفة أن القاضي زياد ابو حيدر قرر اعادة الملف اليه وحفظه من دون الاستماع للمدعى عليه هنيبعل القذافي، وهذا ما يعتبر سابقة تحصل للمرة الأولى.

وتضيف المصادر: "بعد أن اقفلت النيابة العامة الطريق، قدم المدعي شكوى مباشرة امام القاضي فؤاد مراد وتم الاستماع للمدعى عليه هنيبعل"، كاشفة أن الأخير اعترف خلال التحقيقات أن "أخواله" هم من قاموا بعملية الخطف للمبادلة. وتقول المصادر: "المتهم الرئيسي بالقيام بالعملية هو ضابط سابق بالمخابرات الليبية ويدعى عبد المنعم سالم فضيل البرعصي وهو من قبيلة والدة هنيبعل القذافي، المسؤول عن المجموعة". ولم تكتف المصادر بإسم المتهم الرئيسي في ​ليبيا​ بل كشفت أن "ليبياً" يدعى صالح ويقيم في لبنان كان صلة الوصل بين هنيبعل في سجنه والخاطفين في ليبيا، وهذا ما اعترف به القذافي أيضا، كاشفا أن صالح يدرس الطب في لبنان ويعمل بالشق الأمني المخابراتي.

بعد تقديم كل المعلومات الكافية للظن بالقذافي والادعاء عليه وتجريمه، لم يصل القضاء الى نتيجة بعد، وهذا ما يعتبره حسين حبيش مماطلة غير مبررة، مشيرا الى أن المسألة وصلت بالقاضي زياد ضناوي لطلب "باقي هوية" المدعى عليه عبد المنعم صالح فضيل البرعصي، وهذا ما يعتبر امرا شبه مستحيل. ويقول: "لا اريد سوى حقي فأنا قد ظُلمت وسأبقى اناضل في سبيل العدالة"، مشددا على أن قضيته "سياسية" وكان لا بد للدولة أن تطالب بحقه.

رفض محامي حبيش، علي جوني الادلاء بأي تصريح حفاظا على سرية التحقيقات، مبديا ثقته المطلقة ب​القضاء اللبناني​. ولكن ما زال الطبيب حبيش منتظرا عدالة بلده لإنصافه واستعادة حقه المادي والمعنوي، فهل سينتظر طويلا؟.