على وقع الارتياح الفلسطيني في لبنان، لخطوات المصالحة الوطنية بين حركتي "فتح" وحماس" برعاية مصرية، والامال ان تنعكس ايجابا على واقع ​المخيمات الفلسطينية​ سياسيا وأمنيا ونحو قرار موحد لمعالجة المشاكل المختلفة التي تئن تحت وطأتها، تلاحقت الاجتماعات الفلسطينية الداخلية واللبنانية لتحصين الوضع الامني في ​عين الحلوة​ ومعالجة قضية المطلوبين الخطرين، الذين ما زالوا يشكلون هاجسا لاستهداف الاستقرار اللبناني بعد هزيمة تنظيم "داعش" و"​جبهة النصرة​" الارهابيين في جرود البقاع والقاع و​عرسال​ وفليطة والمخاوف من عمليات انتقام عبر تحريك "الخلايا النائمة" او "الذئاب المنفردة".

خلافات واعتكاف

وكشف مشهد الاجتماعات والاتصالات عن فتور في العلاقات الفلسطينية الداخلية-اللبنانية وصلت الى حد "الاعتكاف" الضمني، وظهرت أولى مؤشراتها مع نائب قائد "قوات الامن الوطني الفلسطيني" في لبنان ​اللواء منير المقدح​، الذي يفكر جديا ويتجه ضمنيا نحو "الاعتكاف" بعد اعتراضه على عدم ترتيب الاولويات الفلسطينية من جهة، والاوضاع الامنية في المخيم من جهة أخرى، حيث أوعز الى قواته العسكرية بالانسحاب من منطقة "جبل الحليب" كرسالة لحث القيادة "الفتحاوية" الى اعادة تقييم الاوضاع مجددا بما يكفل قوتها وحفاظها على استقرار المخيم معا.

وثاني المؤشرات، بقرار "القوى الاسلامية" "الاعتكاف" موقتا والتعاون لبنانيا وفلسطينيا بالحد الادنى بخلاف المرحلة السابقة التي اتسمت بكثير من التعاون والتنسيق وأفضت إلى حل العديد من مشاكل الامنية في عين الحلوة، لسببين، الاول مطالبة ​الجيش اللبناني​ لها بحزم تسليم مطلوبين فلسطينيين لا قدرة لهم لا هم ولا غيرهم من القوى الفلسطينية على ذلك، والثاني تعرض عدد من مسؤوليها البارزين الى "تضييق" بالتفتيش الدقيق خلال مشاركتهم في الاجتماع الاخير الذي عقد في سفارة دولة فلسطين، والذي قرأ بانه رسالة "رد اعتبار" على انتقاد دور السفير الفلسطيني في لبنان ​أشرف دبور​.

واكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود لعب دورا لثني "القوى الاسلامية" عن قرارها "الاعتكاف" وعدم مغادرة المخيم ونجح، حيث كان من المقرر عقد اجتماع مشترك مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادة بضيافة الشيخ ماهر في مكتبه في صيدا، الا انه اعتذر بسبب انشغاله في اجتماع عقد في الناقورة مع القوات الدولية، على ضوء التطورات العسكرية الاخيرة واتفق على تحديد موعد قريب لاحقا.

ثالث المؤشرات، عدم نشر "القوة المشتركة" الفلسطينية حتى الان في "حي الطيرة" وفق ما كان مقررا، بعد التوافق على رفدها بالعناصر المطلوبة من كافة القوى الفلسطينية، بسبب الخلاف بين اولويات تعزيز تواجدها في مركز "البراق" عند مفرق "الصفصاف" وفق ما تطالب به "​عصبة الانصار الاسلامية​ التي تتواجد فيه، وبين نشرها في "حي الطيرة" وفق ما تطالب به حركة "فتح" وفصائل "المنظمة".

المطلوبون واللجان

الى جانب الخلافات، اثارت المعلومات عن فرار عدد من المطلوبين من مخيم عين الحلوة ضجة كبرى، بعدما أكد قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان ​اللواء صبحي أبو عرب​، أن المعلومات التي بحوزتهم تفيد بأن 6 مطلوبين فلسطينيين خرجوا في الأيام الماضية من المخيم بعد إتمام تغييرات بمظهرهم الخارجي"، ما استدعى المزيد من الضغط اللبناني على القوى الفلسطينية للاسراع بتشكيل "لجنة المتابعة المركزية لقضية المطلوبين"، في وقت علمت فيه "النشرة" انه تم تشكيل اللجنتين الباقيتين، "غرفة العمليات العسكرية المشتركة" برئاسة اللواء ابو عرب وتضم غازي دبور نائب رئيس "اللجنة" عن "تحالف القوى الفلسطينية"، عدنان ابو النايف عن فصائل "المنظمة"، الشيخ ابو شريف عقل عن "القوى الاسلامية" والحاج ماهر عويد عن "انصار الله"، و"لجنة التواصل والتنسيق اليومي" في منطقة صيدا برئاسة أمين سر حركة "فتح" العميد ماهر شبايطة، ونائبه ايمن شناعة عن "تحالف القوى الفلسطيني"، عمر النداف عن فصائل "المنظمة" وابراهيم ابو السمك عن "انصار الله"، ومحمد ابو صهيب عن "القوى الاسلامية".

وعقدت "لجنة التنسيق" اولى اجتماعاتها في ثكنة محمد زغيب العسكريّة في صيدا مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادة، رئيس مكتب المخابرات في صيدا العميد ممدوح صعب، ومسؤول فرع الامن القومي في الجنوب العقيد سهيل حرب، حيث طالبها الجيش رسميا تسليمه العقل المدير لـلخلية الإرهابية التي تنتمي الى تنظيم "داعش" ويقودها المصري فادي إبراهيم أحمد علي أحمد والملقب بـ"أبو خطاب" والمتواري في مخيم عين الحلوة، فاستمهلت ريثما يجري تشكيل "لجنة المتابعة المركزية لقضية المطلوبين".

رسالة وتعهد

بمقابل الخلافات "والعجز" في معالجة قضية المطلوبين، نجحت "القيادة السياسية الموحدة الفلسطينية" في منطقة صيدا، بتوجيه "رسالة انذار" شديدة اللهجة، الى المطلوبين اللبنانيين المتوارين في مخيم عين الحلوة والفلسطينيين المقيمين فيه تحذرهم من خطورة التخطيط او القيام بأي عمل أمني يمس السيادة اللبنانية او استقرار المخيم، وتدعوهم الى ضرورة الالتزام بحفظ الأمن والاستقرار في المخيم والجوار اللبناني، وبحصول "القوى الاسلامية" على "تعهد" جديد من "تجمع الشباب المسلم" خلال اجتماع ثنائي عقد في مسجد "النور" بمبدأ محاسبة كل من يخل بالأمن، وسط اتفاق على دقة المرحلة وانه لا بد من التعاطي الايجابي لحماية المخيم وعدم السماح لأي أحد ان يعبث بأمنه داخليا، وانه من غير المسموح لأحد ان يتخذه واهله رهينة للعبث بالأمن في لبنان وعلى ابقاء اجتماعاتهم مفتوحة للوصول الى النتائج المرجوة.

زيارة ونداء

​​​​​​​

وفيما خرقت زيارة سفيرة النروج في لبنان لين ليند، المشهد الامني "الهشّ" في المخيم خلال افتتاحها "المهرجان النسائي للإنتاج الغذائي"، الذي نظمته "الجمعيات التعاونية النسائية" التابعة لجمعية "ناشط"، حاملة رسالة اهتمام من المجتمع الدولي بتخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ودعوة لكسر "الصورة النمطية" بأن عين الحلوة ليس فقط عنوانا للتوتر الامني، بل فيه طاقات وابداعات تستحق الاهتمام والرعاية وان الفلسطيني في حال توفرت له الفرص المناسبة، قادر على الانتاج رغم كل الظروف الامنية المأزومة والحياتية الصعبة، وجهت "المبادرة الشعبية الفلسطينية" في مخيم عين الحلوة، نداء الى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ناشدته فيه التدخل لمواصلة الجهود الحثيثة لإيجاد مخرج منطقي للمشكلة القائمة في المخيم والمتمثلة بعدد متواضع من المطلوبين قضائيا وأمنيا للدولة اللبنانية من خلال حل يضمن حماية عين الحلوة وأمن سكانه والحرص على دورة حياته اليومية، بعد أن عجزت الفصائل والقوى السياسية المتعددة الإتجاهات والميول عن إيجاد حل على مدار السنوات الماضية رغم المطالبة الشعبية المتصاعدة بفعل سياسة الإنقسام في تقدير الموقف والتجاذبات في ما بينها على النفوذ، بينما أهالي مخيم عين الحلوة والذين يعيشون في ظروف أمنية صعبة وبؤس إقتصادي وإجتماعي غير مسبوق وحرمان قانوني وحقوقي مفتعل، لا يجوز أن يحملوا أيضا وزر الاداء الفصائلي الباهت، وعدم مسؤولية المطلوبين وضربهم جميعاً بعرض الحائط مصالح ومعاناة أهل المخيم الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف".