البيت الذي شهد أحداثاً درامية تلفزيونية إفتراضية إقتضاها سياق أحداث هذا المسلسل أو ذاك، شهد قبل ثلاثة أيام مأساة حقيقية تعرّضت لها فتاته العروس التي كانت تتهيأ لأن تزف قريباً الى خطيبها، إبن بلدتها ونسيبها.

كانت الفتاة في الجرود العالية في ذرى الجبل الشاهق مع ذويها، حيث يمضي أهل بلدتها، بعض أيامهم، في تلك المنطقة الجردية (نحو 1600 م، فوق سطح البحر) عندما إستأذنت والديها لـ»تنزل« الى البلدة، حيث البيت الرحب، وهي في مرحلة الإعداد للزواج، لفرحة العمر، ولتحقيق آمال الأهل. وكان مقدّراً للعرس أن يكون كبيراً، بانطلاقة العروس من البيت الفخم، المنيف، عندما يحل موعد الزفاف، في وقت غير بعيد.

صباح اليوم التالي قرعت مدبّرة البيت الباب فلم يأتها جواب. حاولت وكررت المحاولة، ولكن عبثاً. إستعانت بالناطور، النازح السوري، الذي بدوره قرع الباب، ثم نادى بإسم الفتاة، مراراً وتكراراً، وأيضاً لا جواب.

اتصل الناطور بالأهل حيث أمضوا ليلتهم في الجرد العالي، فهرعوا الى بلدتهم قلقين، وهم يضرعون الى اللّه ألاّ تكون إبنتهم قد واجهت خطراً.

ولكن قلب الأهل دليلُهم!وما إن وصلوا الى غرفة الفتاة ودلفوا الى داخلها حتى تكشف لهم المشهد عن الحقيقة المفجعة: لقد فارقت الحياة!

هذه الحقيقة المؤلمة ارتسمت أمام الأهل الذين كانوا يستعدون للعرس الكبير... فبدأوا التحضير لمأتم هذه الشابة التي كانت قبل ساعات في ميعة الصبا، تضج حياة، وعافية، وأملاً، وفرحاً، وطموحاً، وخططاً للمستقبل. التحضير لمأتمها الذي سيتحوّل الى عرس تلك الصبية التي عاشت عمر الزهور.

الى هنا، كان يمكن القول إنه ​القضاء​ والقدر.ولكن القضية ليست كذلك. أجري التشريح على الجثة ليتبين أننا أمام جريمة قتل موصوفة (إختناقاً)!. ثلاثة أطباء شرعيين وضع كل منهم تقريره وأجمعوا على أن الفتاة ضحية جريمة قتل موصوفة.

أُلقي القبض على المشتبه فيه... فاعترف.بسرعة تم كشف المتهم. ولقد اعترف بفعلته، وهو سيمثل، اليوم، الجريمة في تلك البلدة الهادئة المعروفة بأنها واحة سلام واطمئنان، ومقر للدور والقصور الجميلة، والتي ما عُرف عن أهاليها سوى محبة الناس وفتح قلوبهم وأبواب بيوتهم.

والمتهم ما هو إلاّ... ناطور بيت الضحية! أي النازح السوري الذي ائتمنه الناس على حياتهم وأرزاقهم طوال سنوات، فكافأهم بقتل إبنتهم، فلذة أكبادهم، التي قاومت المجرم بشراسة وبقدر ما تستطيع، وتركت اثاراً على عنقه، ولكنه تغلب على براءتها وانوثتها، فاغتصبها ثم فقتلها!.