اشار السيد علي فضل الله الى ان لبنان، الذي لا يزال يعيش على وقع الخلافات السياسية التي تعصف بأركان الحكم ومواقعه، فما أن ينتهي من أزمة حتى يقع في أخرى هي أكبر منها، يخشى إن استمرت أن تهدد أركان البلد، وأن تطيح بكل الإنجازات التي تحققت، وتعيد الفوضى، ليظهر وكأنه بدون دستور وميثاق وطني ولا تحكمه مؤسسات. إننا رأفة بهذا البلد، ورأفة بمعاناة إنسانه، ندعو إلى أن يتوقف كل هذا النكد السياسي وشد العصب، والذي غالبا ما يأتي لحسابات انتخابية وشعبوية. إن ما ندعو إليه هو الابتعاد عن هذا الخطاب، والعودة إلى المؤسسات، بصرف النظر عن الانتقادات الموجهة إلى أدائها، لتعالج كل القضايا الحيوية فيها، سواء منها الاقتصادية، أو السياسة الضريبية، أو ما يتعلق بالنزوح وتداعياته الخطيرة على البلد، أو السياسة الخارجية".
وتابع فضل الله خلال خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، "إننا بحاجة إلى أن يرتقي من هم في المواقع السياسية إلى حجم التحديات التي تواجه البلد في اقتصاده وأمنه، وفي المتغيرات التي تجري من حوله، حيث ترسم في هذه المنطقة خرائط جديدة، إن لم يكن فوضى خرائط، ولبنان، بالطبع، لن يكون بمنأى عنها. ومع الأسف، يتعامل المسؤولون كأن البلد بألف خير، وكأن لا أخطار محدقة به. ومن هنا، فإننا ندعو إلى مقاربة الملفات الداخلية المطروحة حاليا بروح وطنية عالية تأخذ في الاعتبار مصلحة هذا البلد، وتبتعد كل البعد في ذلك عن أي توظيف سياسي أو أي تصفية حسابات لصراع في الداخل أو اعتبارات الخارج.
واوضح إن البلد لا يحتاج إلى اصطفافات جديدة تعيد الانقسام الحاد إلى البلد، فهذه الاصطفافات هي مشروع فتنة، وستؤثر سلبا في الواقع كله، بعد أن ثبت بالوقائع أن لا خيار في هذا البلد إلا بالتوافق الذي هو مصلحة للبلد وللجميع. وإذا كان هناك من اصطفافات، فلتكن حول كيفية النهوض بهذا البلد وتحقيق استقراره، وهو الهم الذي ينبغي أن يكون هدفا للبنانيين جميعا، وعليهم جميعا العمل لتحصينه وتأمين سبله، حتى لا يبقى في عهدة القوى الكبرى والإقليمية، فإن أرادت هزه يهتز، بل أن يكون نابعا من إرادة اللبنانيين وحرصهم".
وعن العراق، قال: "بعد الاستفتاء الذي جرى في كردستان، فإننا في الوقت الذي نؤكد فيه حق الأكراد بالحصول على حقوقهم، وعدم الانتقاص منها، أسوة ببقية المواطنين الآخرين، لا نرى أن هذا الأمر يستدعي الانفصال، بل إن الانفصال قد يزيد معاناة هذا الشعب. ولذلك، نعيد التأكيد على عدم الاستمرار في هذه الخطوة، خشية تداعياتها على داخل كردستان وعلى وحدة العراق ووحدة المنطقة، ولا سيما بعد دخول العامل الإسرائيلي، سواء في تأييده لهذه الخطوة أو في ظهور علم العدو في إقليم كردستان، الذي ينبغي لقياداته أن يعلموا أن التشجيع الصهيوني لا يهدف إلى نصرة الأكراد، بقدر ما يهدف إلى زرع الفتنة وزيادة الشرخ داخل العراق وخارجه.
ورأى أن فرصة الحوار الداخلي لمعالجة الأزمة، لا زالت مستمرة، ولا بد لقيادات الإقليم من أن تلاقي دعوات الحكومة العراقية للحوار، لكن لا على أساس فرض الأمر الواقع، لأن البديل من الحوار ربما يضع الأكراد في عداء شديد مع جوارهم، وهو الخيار الذي لا يريده أي طرف، وستكون آثاره وخيمة على الجميع". وأضاف: "بالانتقال إلى فلسطين المحتلة، لا بد من أن نتوقف عند العملية البطولية التي نفذها شاب من شباب فلسطين في إحدى مستوطنات العدو في غرب القدس، والتي تؤكد أن الشعب الفلسطيني، مهما تعرض للقهر والحصار، سوف يبقى قادرا على استخدام كل الوسائل، لإشعار العدو بعدم الأمن، وبالكلفة الكبيرة للاحتلال، لإرغامه على القبول بالحقوق الفلسطينية المشروعة.