على رغم حماسة رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ لإقتراح القانون المعجل المكرّر الذي تقدمت به كتلته بهدف إنهاء ولاية مجلس النواب الحالي في 31 كانون الأول 2017 وإجراء ​الإنتخابات النيابية​ قبل هذا التاريخ، وعلى رغم تلاوة الإقتراح شخصياً من قبل بري بعد إجتماع كتلة التحرير والتنمية وهي من المرات النادرة التي يطل فيها رئيس المجلس متحدثاً أمام الكاميرا، ترجح أوساط نيابية متابعة ألا يدرج رئيس مجلس النواب إقتراح القانون المذكور على جدول أعمال أول جلسة تشريعية ستعقدها الهيئة العامة أما الأسباب فمتعدّدة. وعن هذه الأسباب تشرح مصادر نيابية بارزة السبب الأول على الشكل التالي: في الأساس وعند لجوئه الى تقديم إقتراح تقصير ولاية مجلس النواب، لم يكن هدف بري إدراجه على جدول الأعمال والتصويت عليه لإقراره، وهو الذي يعرف تماماً أن ما تبقى من ولاية المجلس الممدّدة ليست إلا بضعة أشهر قليلة فاصلة عن موعد الإستحقاق في أيار من العام 2018. "هدف بري من الإقتراح" تتابع المصادر النيابية، كان منذ البداية قطع الطريق على أي تمديد جديد لمجلس النواب، علم رئيس المجلس النيابي أن ​تيار المستقبل​ يعد له في الكواليس السياسية، وهو ما يرفضه على الإطلاق، أقله في مواقفه المعلنة.

هذا بالنسبة الى السبب الأول، أما السبب الثاني الذي جعل بري يقدم إقتراح القانون ليس بهدف إقراره، فتعتبر المصادر أنه ناتج عن قناعة لدى رئيس المجلس بأن هكذا إقتراح لا يمكن أن يمرّ بالتصويت عليه داخل الهيئة العامة، خصوصاً إذا كانت كتلة المستقبل غير موافقة عليه، وإذا كان موقف ​كتلة اللقاء الديمقراطي​ ضبابياً منه، وفي ظل تمسّك ​التيار الوطني الحر​ وتكتل التغيير والإصلاح بتطبيق الإصلاحات الجديدة التي تضمنها قانون الإنتخاب من ​البطاقة الممغنطة​ أو البيومترية وصولاً الى الإصلاحات الأخرى. وبما أن إقتراح القانون لا يحظى بإجماع ​الكتل النيابية​ عليه أو حتى بشبه إجماع، فعملية إدراجه على جدول الأعمال الجلسة المرتقبة بهدف التصويت عليه، ستخلق مشهداً سجالياً داخل الهيئة العامة سيعيق إقراره، وهذا ما لا يريده بري في هذه المرحلة خصوصاً بعد الأجواء الهادئة التي نتجت عن الإتفاق السياسي الأخير المتعلق بإيرادات ​سلسلة الرتب والرواتب​ والذي قاد مفاوضاته رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، مع كل من بري ورئيس الحكومة سعد الحريري.

إذاً، الإنتخابات النيابية في موعدها المقرّر، أي في شهر أيار من العام المقبل، وإقتراح القانون المعجل المكرّر الذي قدمته كتلة التحرير والتنمية، كان الهدف منه التصدّي لأي إقتراح جديد بتمديد ولاية المجلس مرةً رابعة، لا تقريب موعد الإنتخابات الى ما قبل نهاية العام الجاري. هكذا يلعب السياسيون البلياردو في الكبيرة والصغيرة، في الشاردة والواردة، وهذا ما ستثبته الأيام المقبلة وتحديداً جدول أعمال جلسة مجلس النواب التي لن يتأخر موعدها بسبب تطورات سلسلة الرتب والرواتب.