قد يكون إرباكاً حقيقياً ما تواجهه الحكومة و​المجلس النيابي​ ايضاً وكذلك العهد عموماً. ولكن الإنصاف يقتضي الإقرار بأنّ ما واجهه هذا العهد منذ إنطلاقته، حتى اليوم، هو لأن هناك قراراً حازماً بالتصدّي للكمّ الهائل من المشكلات والمسائل والقضايا والأزمات والمآزق الضخمة المتراكمة، والتي إستحقت دفعة واحدة... وهي مستحقة أصلاً منذ سنوات وبعضها منذ عقود... إلاّ أن أحداً لم يكن ليتصدّى لها جدياً لأسباب متعددة، بعضها الخوف إن لم يكن الحذر، وبعضها الآخر عدم القدرة. وبعضها الثالث عدم الإهتمام كي لا نقول الإهمال.

وجاء هذا العهد ومعه الحكومة، وأيضاً ​مجلس النواب​ ليشمّروا عن الزنود ويواجهوا تلك التركة الثقيلة التي هي محصلة مرحلة ما بعد الحرب.

وفي تقديرنا أن تصاعد المطالب والإصرار عليها من مختلف الأطياف السياسية والنقابية والإقتصادية والمالية إنما هو عائد الى منطلقين: المنطلق الأول وهو الأكثر جدية يعود الى الثقة بقدرة الرئيس العماد ​ميشال عون​ على التغلّب على الصعاب، وبالتالي قدرته على تحقيق الصعب والأصعب. والمنطلق الثاني هو جدّي إيضاً، ولكنه بمثابة محاولة لتعزيز العهد واستنزاف هالته وقدراته وإظهاره في غير الصورة التي رافقت إنتخاب سيده الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية. وهذا الإحتمال لا يمكن إسقاطه من المعادلة ومن الحسابات التي لا يجوز تجاهلها.

ولو نظرنا الى المسائل التي «إنفجرت» في وجه العهد، لوجدنا أنها محصلة تراكم طويل عريض. فمن كان يتوقع أن يتم التوصّل الى إصدار قانون ​سلسلة الرتب والرواتب​؟ ومن كان يخيل إليه أنّ هذه المسألة الحساسة يمكن أن تجد لها حلاً قانونياً؟

ومن كان يخطر له في بال أنه يمكن «الدقّ» (ولو بشكل محدود) ب​الأملاك البحرية​ والإعتداءات الرهيبة عليها التي حولت الشاطىء اللبناني الى إستثمارات خاصة من دون وجه حق؟

ومن كان يحلم، مجرّد حلم، أن بالإمكان إقرار قانون حق المتحدرين اللبنانيين بالجنسية اللبنانية، وهم الذين اعتادت أجيالهم الوعود العرقوبية منذ أقل من قرن، ومن دون أي نتيجة؟!

ومن كان يصدّق أن قانوناً ضريبياً، على قدر ملموس من العدالة والتوازن والجدّية يمكن أن يصدر في لبنان؟

وهل ثمة من كان يأمل بوضع قانون إنتخابات على القاعدة النسبية؟. وهو مهما قيل فيه، وسُجل عليه من مأخذ يبقى علامة فارقة في أنه فتح الطريق أمام كسر حال «البوسطات» التي دجّن أصحابها الشعب اللبناني؟!

ما تقدم سقناه على سبيل المثال وليس الحصر. ويمكن المضي في تعداد المزيد... ولا شك في أن هناك كثيراً من الحاقدين والمتضررين والموعودين بـ «جنّة» ما، مقابل أن يثيروا سخطاً وشغباً وبلبلة، ويهيئوا المناخات الى الإرباك الذي استهللنا هذه العجالة بالكلام عليه.

... والمهم ألاّ يتعرّض الوفاق الرئاسي الى خضات.

أما الباقي فتفاصيل.