ليس غريبا على الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان التقلب في مواقفه السياسية. كل خسارة تقع فيها استراتيجيته السياسية تتحول عنده الى اعلان انتصار. اليوم وبعد استحالة انضمام ​تركيا​ الى ​الاتحاد الاوروبي​ رغم كل المحاولات الساخنة التي بذلها، ها هو يصرح أن تركيا لم يعد يهمها ذلك. فعلياً، هو يهمه ذلك و لكنه خسر. يغلق أردوغان هذا الملف. اختلف مع روسيا حول ​سوريا​. كادت الحرب أن تندلع بين البلدين. اعتذر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على "خطأ" إسقاط الطائرة الروسية. ربحت روسيا الحرب الى جانب حليفتها سوريا.

خسرت تركيا مشروعها في سوريا. لم يصلّ رئيسها في الجامع الأموي. لم يسقط الرئيس السوري بشار الأسد. فشل أردوغان ولكنه يتموضع في مكان الرابحين بجعل تركيا من الدول الضامنة لمفاوضات آستانا الى جانب روسيا وايران. يدخل الأراضي السورية حاملا لواء محاربة الارهاب.

ها هي روسيا تبيع تركيا صواريخ "S 400" الأكثر تطورا في العالم، فتخسر تركيا ثقة الناتو الذي أقلقه مشروعه لمنظومة الأسلحة الخاصة. العلاقة الأميركية التركية تتدحرج من سيّء الى أسوأ على خلفيات عدة، أهمها الموقف الأميركي من الإخوان المسلمين. يعرف أردوغان تماما أن الكونغرس يسعى لوضع هذه المنظمة على لوائح ​الإرهاب​.

كردستان والموقف التركي حيالها ورفض أردوغان الاستفتاء وتصعيد تهديداته للإقليم، كلها عوامل دفعت واشنطن الى اقفال سفارتها في أنقرة بوجه منح التأشيرات للأتراك. العلاقة الأميركية-التركية تتأزم. سياسته تضع أنقرة خارج اتفاقيات الشراكة الحقيقية.

يوم السبت الفائت، صدر تصريح خطير عن اردوغان يقول أن ​الجيش السوري الحر​ في محافظة إدلب السورية يقوم بعمليات عسكرية بدعم من بلاده وموسكو.

ليس خافيا ان الجيش السوري الحر من القوات المرافقة للقوات التركية التي تدخل إدلب.

يوم الأحد، يعيد رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم التأكيد على أن تركيا تنسق خطواتها في إدلب مع روسيا.

روسيا وتركيا حليفان عسكريان. هذا ما يريح اردوغان بعد العزلة الدولية التي أوصلته اليها سياساته .ولكن، مصدرا فاعلا في قيادة الجيش السوري الحر ينفي أي تدخل أو تعاون عسكري مع روسيا في العمليات العسكرية التي تنفذها قيادته في إدلب.

في سياق متصل، يُذكر أن ​وزارة الدفاع الروسية​ كانت قد أعلنت في شهر أيلول المنصرم، أن غواصة روسية في البحر الأبيض المتوسط قصفت بصواريخ مجنحة مواقع ل​جبهة النصرة​ في إدلب .

ولكن لم يصدر أي تصريح روسي يؤكد ان روسيا تنسق وتتعاون مع الجيش السوري الحر .وذكرت مصادر عسكرية ان روسيا تتحضر لشن ضربة عسكرية كبيرة في إدلب. أردوغان يسعى لقطف ثمارها عبر إقامة قواعد عسكرية في دارة عزة وجبل السيخ.

قوننة الوجود التركي الدائم على الأرض السورية يستحصل عليها اردوغان مسبقا من روسيا عبر توريطها بتحالفات وهمية.

على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يعلن موقفه من تصاريح أردوغان بشأن دور روسيا في ادلب .ام انه ينتظر كلمة الميدان؟.

قبل حل مسألة مصير الاراضي التي ستحرر من مقاتلي جبهة النصرة في محافظة إدلب؛ لن تُحسَم أي معركة سياسية كانت أم عسكرية. عسى ألا يلدغ بوتين من أردوغان مرتين !