ل​ذكرى 13 تشرين الأول​ هذا العام خصوصيّة، تتمثل بأنها المرة الأولى التي يكون فيها القائد السابق للجيش اللبناني العماد ​ميشال عون​ رئيساً للجمهورية في مثل هذا اليوم، بعد أن كان أخرج من ​القصر الجمهوري​، في العام 1990، عبر عملية عسكرية قام بها ​الجيش السوري​، بالتعاون مع بعض الجهات اللبنانية.

في ذاكرة التيار "الوطني الحر" ورئيس الجمهورية أهمية خاصة لهذه الذكرى، التي كان يحرص على الإحتفال بها كل عام، نظراً إلى أنها تمثل شرارة الإنتقال إلى نوع آخر من النضال بعد الإنتهاء من المعارك العسكرية، تمهيداً نحو الوصول إلى مرحلة التحرير، التي توجت بخروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005، على خلفية الأحداث التي تلت إغتيال رئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​.

بعد ذلك، عمد الرئيس عون، عندما كان رئيساً للتيار "الوطني الحر"، إلى نسج علاقة جيدة مع ​الدولة السورية​، إنطلاقاً من تأكيده الدائم على أهمية هذا الأمر منذ أن كان يخوض حرب تحرير ضد جيشها، حيث كان يشترط إنسحاب ذلك الجيش من لبنان لنسج أفضل العلاقات معها، وباتت هذه العلاقة تهمة توجه إليه من قبل العديد من القوى اللبنانية، التي للمفارقة كانت متحالفة مع دمشق خلال فترة تواجدها في لبنان.

هذا الواقع، ينطبق اليوم على الخلاف القائم حول أزمة النازحين السوريين، حيث يطالب رئيس الجمهورية، ومن خلفه التيار "الوطني الحر"، بمعالجة أزمة النازحين السوريين، التي تتفاقم يوماً بعد آخر، بأي طريقة، حتى ولو تتطلب ذلك التنسيق مع ​الحكومة السورية​، إلا أن فريقاً كبيراً في البلد لا يزال يرفض بقوة هذا الأمر.

وبعيداً عن مجمل الأوضاع السياسية، سواء تلك التي رافقت أحداث 13 تشرين الأول 1990 أو تلك التي ترافقها اليوم، هناك قضية يجب ألاّ تغيب عن الذاكرة، هي قضية المفقودين والمخفيين قسراً، نظراً إلى أنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى، ومن حق أهالي هؤلاء معرفة مصير أبنائهم، سواء كانوا داخل الأراضي السورية أو في أي مكان آخر من العالم، واليوم مع شعور رئيس الجمهورية والتيار "الوطني الحر" بانتصار القضية، بعد ما يقارب 27 عاماً، من الضروري أن تكون أولوية بالنسبة لهما.

في مثل هذا اليوم، لا يمكن نسيان خيمة أهالي المعتقلين في السجون السورية، التي ناضل من خلالها ذويهم على مدى سنوات طويلة، ورئيس جميعة "​سوليد​" غازي عاد، الذي غادر هذه الدنيا، في شهر تشرين الثاني من العام المنصرم، على أمل أن تبقى القضايا التي ناضل من أجلها حاضرة في الوجدان اللبناني، خصوصاً أن رئيس الجمهورية قال في نعيه له: "سيظل غازي نموذجا وقدوة وحافزا لاستمرار الرسالة". اضافة الى العسكريين الّذين استشهدوا او اعتقلوا واقتيدوا خارج الحدود اللبنانيّة، وهم كانوا يحاربون وقتذاك جيش الاحتلال السوري، ولا يزال مصيرهم حتّى اليوم مجهولا.

13 تشرين 1990 اجتاح جيش الاحتلال السوري مدمّرًا بطائراته ودبّاباته المناطق الّتي كانت خاضعة لسيطرة العماد ميشال عون أيام تولّيه رئاسة الحكومة العسكريّة، فحفرت بذاكرة اللبنانيين ألمًا اعتصرهم ولا يزال منذ عقود، وحتّى نتعلّم من ذاكرتنا لا بدّ من ايقاظ الحكومة والاشارة الى دورها في متابعة مصير المفقودين اللبنانيين ممّن سقطوا أو خُطِفوا إبّان حرب الأيّام السوداء لتنقية القلوب بعد 27 عامًا.