من خارج سياق المكان والزمان جاءت زيارة وزير الصناعة حسين الحاج حسن الى عاصمة الشمال طرابلس الاربعاء الماضي، ففي زمن المواجهات السياسية الكبرى التي تتحضّر في لبنان بين القوى الحليفة للمملكة العربية السعودية، وتلك الحليفة لإيران، فجّر الحاج حسن قنبلة نووية تمثّلت بمشاركته بحفل تخرج متدربي الصناعات الخشبية في فندق كواليتي إن في طرابلس.
في ظروف سياسية عادية قد لا تشكل الزيارة سببا للكتابة عنها، الا أن زيارة أحد وزراء حزب الله لعاصمة الشمال في هذا التوقيت ليست أمرا يمكن المرور عليه ببساطة، فكيف اذا كان وزير العمل محمد كبارة هو من استقبل الحاج حسن، تقول مصادر طرابلسية معارضة لتيار "المستقبل"، مشيرة في حديث لـ"النشرة" الى أن حفاوة استقبال وزير حزب الله في طرابلس من قبل أحد صقور تيار المستقبل في المدينة، امر يجب التوقف عنده.
وتضيف المصادر، "يعيش قسم من الشارع الطرابلسي حالة من الاستغراب الشديد، فالحفل لم يكن مصيريا أو اساسيا للصناعة اللبنانية للقول بأن الزيارة مبررة بمكان ما"، سائلة: "ما هو العذر لقيام ابو العبد المعروف بمواقفه السياسية الحادة، والمعارض الشرس لمشروع حزب الله في لبنان باستقبال وزير الحزب الذي لبس بذته العسكرية والتقط الصور على الجبهة يوم معارك الجرود اللبنانية والسورية؟ وماذا كان ليكون موقف تيار المستقبل لو أن طرفا سياسيا طرابلسيا سواه استقبل الوزير المذكور، وهل هي رسالة للمملكة العربية السعودية من قلب طرابلس تعبّر عن موقف الحريري المرتقب؟ أم هي خطأ فردي يتحمل مسؤوليته وزير العمل؟.
بالمقابل تستهجن مصادر في تيار المستقبل الضجة المثارة حول زيارة وزير الصناعة الى طرابلس واستقباله من قبل وزير العمل. وتسأل عبر "النشرة": "ما هو الامر المهم في أن وزيرا استقبل وزيرا آخر ونحن التيار الذي ينادي ببناء الدولة لا الدويلة"، مشيرة الى أننا "ننظر للوزير الذي يقوم بعمله كوزير لبناني بغض النظر عن اسمه وانتمائه الحزبي والطائفي. وتلفت المصادر النظر الى أن "المناخ الطرابلسي الذي يدعي الحرص على المدينة ويهاجم مثل هذه الزيارة يسيء لطرابلس عاصمة التلاقي والعيش المشترك".
وتضيف المصادر، "ان زيارة وزير الصناعة لطرابلس مطلوبة ومرغوبة وندعو كل الوزراء الاخرين لزيارة المدينة وافادتها والعمل لأجلها وتحمل مسؤولياتهم تجاهها، ولذلك فمن الطبيعي أن يتم استقباله"، لافتة الى أن من يعترض على مثل هذه الزيارة يعني دفاعه عن منطق الدويلة بوجه الدولة، اذ لا يمكن الادّعاء أننا مع الدولة ونمارس العكس، فهل إن كان حزب الله قد أقام الدويلة يعني أننا يجب أن نقوم بالمثل؟ وماذا عن مبادىء ثورة الارز في 14 اذار التي نادت بقيام الدولة على كامل الاراضي اللبنانية؟.
وتشدد مصادر تيار المستقبل على أن المطلوب هو تعزيز منطق الدولة التي يمارس فيها الوزير عمله وصلاحياته بعيدا عن انتماءاته الحزبية والمذهبية، وفي مختلف المناطق اللبنانية، داعية الجميع للنظر الى الأمور من منظارها السليم وعدم محاولة استغلالها في اللعبة السياسية الضيقة، اذ أن طرابلس بحاجة لمن يعمل لأجلها لا لمن يستثمر اهلها سياسيا.
تعبّر قراءة تيار المستقبل لزيارة الحاج حسن الى طرابلس عن رؤية وطنية جامعة، ولكن بعد الاعتراضات التي برزت في عاصمة الشمال، والزيارة المنتظرة لرئيس الحكومة سعد الحريري الى السعودية، هل ستنظر المملكة الى الأمر بنفس المنظار وهي التي تدعو في كل ساعة الى مواجهة سياسة حزب الله في لبنان؟.