بات الحديث عن ​مكافحة الفساد​ والهدر في المال العام على لسان كثر من المسؤولين والخبراء والرأي العام، حتى قيل ان تصحيح هذا الخلل وحده يمكن ان يؤمّن المال اللازم لتمويل ​سلسلة الرتب والرواتب​. وكان آخر تجلّيات هذا الإهدار المخصصات التي منحت لهيئة الإشراف على الانتخابات.

ورأت مصادر سياسية انه اذا صحت المعلومات التي نشرت عن ان الراتب الشهري لكل عضو من اعضاء هذه الهيئة والبالغ عددهم 11 عضوا، هو سبعة ملايين ليرة شهريا، اي ما يقارب الخمسة آلاف ​دولار​، ولمدة تفوق العام الواحد، وربما لأكثر بحيث يمكن ان تكون مفتوحة، حيث نص قانون إنشائها على أن تستمر في عملها لحين تشكيل هيئة جديدة، فهذا يعني ان هدر المال العام يصل الى مئات آلاف الدولارات .

وإعتبرت المصادر ان الأرقام التي اوردها رئيس ​لجنة المال والموازنة​ النائب ​ابراهيم كنعان​ عن الأرقام التي يمكن ان توفرها خزينة الدولة بسبب الأموال التي تصرف في غير محلها، تعكس عدم جدية الدولة في مكافحة الفساد ووقف الهدر للمال العام .

وقالت المصادر ان قرار تشكيل هيئة الإشراف يتضمن مخالفة لأحد مواد تشكيلها، بحيث عيّنت احد الاعضاء وهو مدير عام لمؤسسة إعلامية مما يتعارض مع مسؤولياته في هذه اللجنة، وخصوصًا تلك المتعلقة بمراقبة اللجنة للمخالفات التي يمكن ان يرتكبها المرشح في مجال التصريحات و​الاعلانات​ وإبداء الرأي في مسار هذه الانتخابات .

وتعتقد المصادر ان الاخطر من ذلك ان قانون تشكيل هذه اللجنة منح اعضاءها حصانة من الملاحقة الجزائية حتى في مجال نشاطاتهم خارج نطاقها .

ولفتت المصادر الى ان التعيين لم يراع الهدف المنشود من وراء تشكيلها، بل جاءت التعيينات وفقا لمحاصصات سياسية في اغلبها، ان لم يكن في معظمها .

وقالت المصادر، في المرة الاولى التي شكلت فيها الهيئة كان في العام 2009، لم تحقق اي انجاز يذكر على صعيد الرقابة المالية، ولا الإعلامية ولا الإدارية، بل كانت هيئة يغلب عليها طابع ​المحاصصة​ السياسية والطائفية .

وسألت المصادر عن قدرة الهيئة من التحقق في ما اذا كان رؤساء الأحزاب وجميع القوى السياسية، يلتزمون ماليا واعلاميا بالقانون، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن ان معظم هؤلاء أقرّوا خلال توليهم مسؤوليات حكوميّة وإداريّة وسياسيّة بمخالفة الدستور دون أيّ رادع، مشيرة في هذا السياق الى كلام لوزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ مؤخرا وهو المشرف على اعمال هذه الهيئة، في لقاء مع فعاليات ​بيروت​ية قال فيه انه خلال تولّيه الوزارة وافق على جميع مطالب عكار وبيروت و​طرابلس​، القانونية منها وغير القانونية .

وذكّرت المصادر بأن عددا لا بأس به من النواب لا يزالون يجهلون معظم مواد ​القانون الانتخابي​ الجديد، وهذا ما دفع بالنائب والمحامي ​بطرس حرب​ في مداخلة له في الجلسة الاخيرة من جلسات ​المجلس النيابي​ الى توضيح بعض مواد القانون، فكيف بأعضاء لجنة هيئة الإشراف على هذه الانتخابات؟.

الم يكن، بحسب المصادر، من الأفضل إتّباع طريقة أخرى لاختيار اعضاء هيئة الاشراف تؤمن فعليًّا الشفافيّة، أي عبر أختيار خبراء حياديين عن طريق التطوع، اي من دون رواتب لتحصين استقلاليتهم في عملهم الموكول اليهم؟.

وخلصت المصادر الى الاستنتاج بأن تشكيل هذه الهيئة وبالطريقة التي شكلت فيها، بقي في اطار ما كان معمولا به في هذه الدولة، التي ما زالت تتكلّم عن الشفافية و​محاربة الفساد​ ووقف هدر المال العام، لكن قرارتها لا تعكس جديّة تصاريح ومواقف المسؤولين فيها .