في شهر أيلول الماضي، أعلن رئيس إتحاد بلديات ​الضاحية الجنوبية​ ​محمد ضرغام​، في مؤتمر صحافي شارك فيه رؤساء بلديات الضاحية، إطلاق برنامج "ضاحيتي"، الذي يضم خطة لتجميل وتنظيم الضاحية، ويتناول: خطة تنظيم السير، منع التعديات على الأملاك العامة، النظافة، والتجميل.

وقد تم تكليف شركة "خطيب وعلمي" إعداد الدراسات التي تعالج مشكلة السير، التي تشمل الإشارات الضوئية واتجاهات واشارات السير وتحديد خطوط الازدحام والخطوط البديلة وغرفة التحكم المروري والنقل المشترك ومعالجة حالات الاختناق والتقاطعات وتنظيم مواقف السيارات.

بالإضافة إلى ذلك، تم التوافق على تفعيل الدوريات ومحاضر الضبط والتشدد في حركة الدراجات النارية والفانات المخالفة.

في الأيام الماضية، شهدت المنطقة "إنتفاضة" لسائقي الفانات المخالفة، الذين يقدمون العديد من الحجج حول مخالفتهم، أبرزها إرتفاع أسعار لوحات السير العمومية. لكن فجر اليوم كان هناك "إنتفاضة" جديدة من أصحاب المخالفات في محلة ​حي السلم​، بعد أن إستفافوا على قوة أمنية تقوم بإزالة المخالفات فجراً، ما أدى إلى توتر الأوضاع على نحو كبير، وتمثل ذلك بظهور بعض المسلحين في الشوارع وإحراق دواليب.

ما يحصل في حي السلم، يطرح حوله العديد من علامات الإستفهام، خصوصاً أن المنطقة تقع قانونياً في نطاق بلدية مدينة الشويفات، التي لا تعتبر جزءاً من إتحاد بلديات الضاحية.

نقمة مفهومة

وبعد إنتهاء عملية إحراق الإطارات و​قطع الطرقات​ التي حصلت في الصباح الباكر،يجلس المتضررون من قمع المخالفات بالقرب منها، يتحسرون على أرزاقهم التي ذهبت خلال ساعات قليلة، خصوصاً أنه لم يُسمح لهم بإخراج ما لديهم من بضائع داخلها، "في الأصل لم يكن أحداً موجوداً لدى تنفيذ عملية القمع" يقول أحدهم، لكن الواضح هو النقمة التي يعبرون عنها على الأحزاب الفاعلة في المنطقة، أي "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، بالإضافة إلى إتحاد بلديات الضاحية الجنوبية، رافضين رمي الأخير المسؤولية على ​بلدية الشويفات​.

في هذا السياق، يبدأ عماد دندش بالحديث عما حصل بنفي حصول أي إطلاق نار في المحلة، ويضيف: "هدموا 3 محلات أملكها دون أن يبلغوني قبل ذلك"، سائلاً: "هل هذا هو العمل الشرعي؟".

ويشدد على أن هذه المحلات موجودة في مكانها منذ نحو 20 عاماً، ويلفت إلى أن لديه ساعة كهرباء، يرى أنها تشرعن المخالفة، ويؤكد أن الإنذارات التي أرسلت إلى المخالفين متعلقة بالمقاهي فقط ولم تشمل باقي المحلات.

ويشرح أن إعادة فتح الطريق تمت بعد معلومات عن تعويضات ستقدم لهم، لكنه يؤكد أن الخطوة التي قاموا بها هي من أجل باقي المواطنين لا من أجل الوزراء والنواب أو الأحزاب الفاعلة، ويتابع: "بحال لم يعالج وضعنا سنصعد وليتحمل المسؤولون المسؤولية".

خلال الحديث مع دندش يتدخل مواطن آخر، موجهاً رسالة إلى من أخذ القرار بقمع المخالفات اليوم مفادها: المطلوب "الإستقواء" على الغرباء وأصحاب المخالفات الكبيرة، لا على الفقراء و"جماعتنا".

من جانبه، يشير أبو علي زعيتر، في حديث لـ"​النشرة​"، إلى أن العملية تمت عند الساعة 3 فجراً، ويجدد نفي حصول أي إطلاق نار في المكان، ويؤكد أن أحد العمال لديه طلب من ​القوى الأمنية​ إخراج البضاعة، لكنهم رفضوا ذلك بشكل مطلق، فتم تدمير المقهى وغيره من المحلات.

ويستغرب زعيتر توقيت العملية، نظراً إلى أنه كان قد سأل عن موعدها قبل نحو يومين، والجواب كان: "لن نذهب إلى موقف حي السلم الآن"، ويضيف: "حالياً ​مخابرات الجيش​ هي التي تتابع الموضوع مع حزب الله، ونحن نطالب بدفع تعويضات لنا".

أحد العاملين في المقهى الذي يملكه زعيتر يتحدث عن تداعيات ما حصل بعد الإنتهاء من الحديث مع "المعلم"، ويشير إلى أنه يعمل فيه 6 أشخاص، أي 6 عائلات، ويسأل: "كيف سيعيش هؤلاء؟"، ويضيف: "حتى ولو حصل المعلم على تعويضات ماذا نفعل نحن؟"

بالقرب من المكان بتواجد عناصر من "حزب الله" و"حركة أمل"، بعضهم يتفهم "النقمة" التي يعبّر عنها المتضررون، خصوصاً أن أحداً لم يأت ليمتصها، ويعلق أحدهم بالقول: "النقمة علينا سببها أن هؤلاء يعتبرون أنهم يعيشون في كنفنا، لكن عندما بدأت عملية القمع لم نتدخل لمنعها"، ويتابع: "موقفنا واضح من هذا الأمر".

بلدية الشويفات توضح

حول هذا الموضوع، يوضح أحد المسؤولين في بلدية الشويفات، عبر "النشرة"، أن ما يحصل في حي السلم ما هو الا تنفيذ لقرار الدولة بإزالة المخالفات والتعديات على الأملاك العامة، مشيراً إلى أن ما قامت به القوى الأمنية، فجر اليوم، يأتي إستكمالاً للحملة التي بدأت منذ أسبوع والتي تستمر في كافة المناطق.

ويؤكد هذا المسؤول أن البلدية تعتبر أن تطبيق النظام والقانون يحمي جميع المواطنين، بالرغم من تفهمها الكامل للوضع الإقتصادي والمعيشي المزري في المنطقة، سواء كان ذلك من ناحية إنعدام المشاريع الإنمائية أو تأمين فرص العمل لأهالي حي السلم، لا سيما أن المنطقة تعاني من إهمال تام من قبل الدولة والمعنيين.

الاتحاد ينفي علاقته

إنطلاقاً من الإتهامات التي توجه إلى إتحاد بلديات الضاحية، تواصلت "النشرة" مع رئيس الإتحاد، الذي سارع إلى نفي أي علاقة لهم بما يحصل في حي السلم، قائلاً: "خارح نطاق الإتحاد البلدي"، مشيراً إلى أن الإتحاد يحرر المخالفات عن كل الأرصفة والأملاك العامة ضمن إطار الضاحية الجنوبية.

ويرفض ضرغام ربط الموضوع بالأوضاع الإجتماعية والإقتصادية، لافتاً إلى أن البلدية لا يمكن أن تحل مكان الدولة، وهي ليست وزارة شؤون إجتماعية أو أشغال أو طاقة ومياه، وبالتالي الدولة هي المسؤولة عن التقديمات التي يطالب بها الموطنون.

ويشير ضرغام إلى أن هناك إنذارات بالمخالفات عمرها أكثر من عام وعامين، مع العلم أن البلدية تستطيع أن ترخص بحال تقديم طلبات قانونية، لكن المخالفين لم يقدموا أي طلبات لأنهم يعرفون أن المخالفات التي قاموا بها لا يمكن أن ترخص.

ويشدد ضرغام على أن العنوان العريض الذي يتم التداول به هو قمع المخالفات، في حين أن الحقيقة هي أنها مشاريع لتحسين الأوضاع في الضاحية، بالإضافة إلى رفع مستوى الخدمات، ويضيف: "ضمن القوانين وحدود إمكانيتنا نعمل، ونناشد الدولة تعزيز سرية الضاحية الجنوبية لأن عدد السكان كبير، والمخالفات يجب أن تقمع خلال الإنشاء لا بعد ذلك".

سقف القانون

من جانبه، يشير عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ​بلال فرحات​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الفوضى تعم الضاحية الجنوبية منذ الحرب ال​لبنان​ية، وهناك فوضى عمرانية والبعض يعلل ذلك بالأوضاع الإجتماعية، ويضيف: "الأمور تغطت الحد المقبول الأمر الذي دفعنا إلى البحث عن إطار لتنظيم المنطقة بالشكل الصحيح".

ويشدد فرحات على أنه لا يمكن تحسين الأوضاع في المنطقة من دون قمع المخالفات، ولذلك تم البدء بإزلة المخالفات على كافة المستويات، بالرغم من تأكيدها تفهمه لظروف المواطنين، لكنه يقول: "في الوقت عينه يجب أن نكون تحت سقف النظام".

ويعتبر فرحات أن ردة الفعل التي تحصل تعود إلى أن البعض بات يعتبر أن الخطأ الشائع هو القاعدة، لكنه يوضح أن أعداد العاطلين عن العمل في لبنان كبيرة جداً، ولا يمكن السماح تحت هذه الحجة بإقامة مخالفات، نافياً وجود أي غطاء سياسي أو حزبي لهذه المخالفات، والدليل أنها تقمع.

في المحصلة، هناك مخالفات موجودة تم قمعها فجراً، لكن قائمة في مكانها منذ سنوات طويلة دون أن يتحرك أحد لمعالجتها، والمتضررون يطالبون بالتعويض لهم بعد أن تم "قطع أرزاقنا".

لمشاهدة الصور إضغط هنا