يصوِّر لنا ​الإنجيل​ مشهد الدينونة يوم يميِّز الراعي الخراف من الجداء، أي الصالحين من الطالحين، ويصدر الحكم على الصالحين بالجلوس عن يمينه في الحياة الأبديَّة، وعلى الطالحين بالذهاب الى العذاب الأبدي، ونقف خاصة عند أربعة أمور:

1 – على ماذا بُني الحكم

يبدو واضحاً أنَّ الحكم الذي أصدره الديَّان مبنيٌّ على علاقة الناس بالناس وإمكانيَّة رؤيَّة الله على وجوههم. فالذين نالوا الجزاء خيراً سألوا السؤال نفسه الذي أتى من الذين نالوا العقاب، ألا وهو متى رأيناك ياسيِّد، وجاء الجواب للإثنين: كلُّ ما فعلتموه مع أَحد إخوتي هؤلاء الصغار فمعي قد فعلتموه. فالأبرار الذين عاملوا الناس بالحسنى، انطلاقاً من محبَّتهم التي زرعها الله في قلوبهم ومن إحساسهم وقاموا بما قاموا به لوجه الله، نالوا الخير.

أمَّا الأشرار الذين أغمضوا أعينهم عن حاجات الناس وسدُّوا آذانهم عن استغاثتهم، فلم يعرفواالأخوَّة الإنسانيَّة ولم يتعرَّفوا في الناس على رحمة الله وأبوَّته للبشر، فنالوا عقابهم بالعذاب.

لقد عَرَف الفريقان الله وآمنوا به، ولكنَّهم اختلفوا بالممارسة وعيش هذا الإيمان. فالله بالنسبة للأشرار، بعيد غريب لا تربطنا به أيُّ رابطة، بينما الله بالنسبة للأبرار رحيم حنون تجمعنا به الأبوَّة وحسن المعاملة. لذا لم تكن الدينونة على الإيمان بالله، بل على كيف نعيش هذا الإيمان وكيف نفهم الله الذي نؤمن به.

2 – قيمة الإنسان

حين قال الربُّ، كلُّ ما فعلتموه مع الناس فمعي قد فعلتموه، رفع الإنسان الى مقامه وجعلنا نتساوى معه، إن لم يكن من حيث الطبع الإلهي، فمن حيث التعاطي والإكرام والإحترام، وهكذا أظهر الله كم نحن البشر عزيزين عليه وكم يريد أن نشعر بالفرح الذي نحصل عليه في هذا العالم، استعداداً لنيل السعادة في العالم الآتي. هذه القيمة الآتية من الله، لم يعرفها كثيرون من الناس ومنهم الطالحون الذين أنكروا وجهه في وجوهنا. وهكذا الناس اليوم، منهم مَن يهين

الآخرين ويستعبدهم ويقتلهم ويشرِّدهم ويسبِّب آلامهم وتعاستهم، ناسياً أنَّ الله رفع قدرهم، فهل يستطيع هذا المخلوق أن يزيل عنهم قيمةً وضعها الله؟

3 – اكتشاف مواهب الإنسان

يتساءل البعض، لماذا لا يعطي الله كلَّ العطايا لجميع الناس وهو القادر على أن يشبع جميع الجياع، وقد فعلها حين أطعم الآلاف من سمكتين وخمسة أرغفة، وهو القادر على شفاء المرضى وهو الذي حمل أوجاعنا، وقادر على إطلاق الأسرى ظلماً، وهو الذي حرَّرنا من أقسى من السجن.

على هذه التساؤلات نجيب ونقول: لا شكَّ أنَّ الله قادر على فعل ما ذُكِر. ولكن لو أزيلت كلُّ نقائص الحياة الإجتماعيَّة بقدرة إلهيَّة، وعمَّ العدل والرخاء، فكيف يمكن للإنسان أن يكتشف أنَّه مخلوق رحيم، حنَّان، معطاء، يساعد المحتاج ويتضامن مع الضعيف، فيعرف كم أنَّ الله أعطاه ليشكره، ويعرف أنَّ مِنْ نِعَم الله علينا حاجة الناس إلينا.وهكذا أيضاً، ولأنَّه يؤمن أنَّه صورة الله ، يعرف أنَّ الرحمة التي في الإنسان هي قَبَسٌ من رحمة الله وهكذا العطف والحبُّ والعدل والغفران وسائر الصفات الحسنة.

4 – متى رأيناك ولم نخدمْكَ

يذكِّرنا هذا الموقف بالغني الذي كان لعازر الفقير منطرحاً على بابه، وكان يدخل ويخرج الى بيته ومنه، ولم يقع نظره على لعازر، أو تعامى عنه احتقاراً. لم يكن لعازر إنساناً بالنسبة لذاك الغني، حتى أنَّ الكلاب جاءت تلحس قروحه ولم يلتفت إليه إنسان. وهكذا هنا، لقد تعامى هؤلاء الطالحون عن رؤية الناس ومعرفة حاجاتهم وتلبية طلباتهم، وبالتالي تعاموا عن نِعَم الله التي دفنوها في تراب قلوبهم. فلم يعرفوا الرحمة ولا الحبَّ ولا العطاء. لذا مصيرهم كمن دَفَنَ فضَّة سيِّده في الأرضيصوِّر لنا الإنجيل مشهد الدينونة يوم يميِّز الراعي الخراف من الجداء، أي الصالحين من الطالحين، ويصدر الحكم على الصالحين بالجلوس عن يمينه في الحياة الأبديَّة، وعلى الطالحين بالذهاب الى العذاب الأبدي، ونقف خاصة عند أربعة أمور:

1 – على ماذا بُني الحكم

يبدو واضحاً أنَّ الحكم الذي أصدره الديَّان مبنيٌّ على علاقة الناس بالناس وإمكانيَّة رؤيَّة الله على وجوههم. فالذين نالوا الجزاء خيراً سألوا السؤال نفسه الذي أتى من الذين نالوا العقاب، ألا وهو متى رأيناك ياسيِّد، وجاء الجواب للإثنين: كلُّ ما فعلتموه مع أَحد إخوتي هؤلاء الصغار فمعي قد فعلتموه. فالأبرار الذين عاملوا الناس بالحسنى، انطلاقاً من محبَّتهم التي زرعها الله في قلوبهم ومن إحساسهم وقاموا بما قاموا به لوجه الله، نالوا الخير.

أمَّا الأشرار الذين أغمضوا أعينهم عن حاجات الناس وسدُّوا آذانهم عن استغاثتهم، فلم

يعرفواالأخوَّة الإنسانيَّة ولم يتعرَّفوا في الناس على رحمة الله وأبوَّته للبشر، فنالوا عقابهم بالعذاب.

لقد عَرَف الفريقان الله وآمنوا به، ولكنَّهم اختلفوا بالممارسة وعيش هذا الإيمان. فالله بالنسبة للأشرار، بعيد غريب لا تربطنا به أيُّ رابطة، بينما الله بالنسبة للأبرار رحيم حنون تجمعنا به الأبوَّة وحسن المعاملة. لذا لم تكن الدينونة على الإيمان بالله، بل على كيف نعيش هذا الإيمان وكيف نفهم الله الذي نؤمن به.

2 – قيمة الإنسان

حين قال الربُّ، كلُّ ما فعلتموه مع الناس فمعي قد فعلتموه، رفع الإنسان الى مقامه وجعلنا نتساوى معه، إن لم يكن من حيث الطبع الإلهي، فمن حيث التعاطي والإكرام والإحترام، وهكذا أظهر الله كم نحن البشر عزيزين عليه وكم يريد أن نشعر بالفرح الذي نحصل عليه في هذا العالم، استعداداً لنيل السعادة في العالم الآتي. هذه القيمة الآتية من الله، لم يعرفها كثيرون من الناس ومنهم الطالحون الذين أنكروا وجهه في وجوهنا. وهكذا الناس اليوم، منهم مَن يهين الآخرين ويستعبدهم ويقتلهم ويشرِّدهم ويسبِّب آلامهم وتعاستهم، ناسياً أنَّ الله رفع قدرهم، فهل يستطيع هذا المخلوق أن يزيل عنهم قيمةً وضعها الله؟

3 – اكتشاف مواهب الإنسان

يتساءل البعض، لماذا لا يعطي الله كلَّ العطايا لجميع الناس وهو القادر على أن يشبع جميع الجياع، وقد فعلها حين أطعم الآلاف من سمكتين وخمسة أرغفة، وهو القادر على شفاء المرضى وهو الذي حمل أوجاعنا، وقادر على إطلاق الأسرى ظلماً، وهو الذي حرَّرنا من أقسى من السجن.

على هذه التساؤلات نجيب ونقول: لا شكَّ أنَّ الله قادر على فعل ما ذُكِر. ولكن لو أزيلت كلُّ نقائص الحياة الإجتماعيَّة بقدرة إلهيَّة، وعمَّ العدل والرخاء، فكيف يمكن للإنسان أن يكتشف أنَّه مخلوق رحيم، حنَّان، معطاء، يساعد المحتاج ويتضامن مع الضعيف، فيعرف كم أنَّ الله أعطاه ليشكره، ويعرف أنَّ مِنْ نِعَم الله علينا حاجة الناس إلينا.وهكذا أيضاً، ولأنَّه يؤمن أنَّه صورة الله ، يعرف أنَّ الرحمة التي في الإنسان هي قَبَسٌ من رحمة الله وهكذا العطف والحبُّ والعدل والغفران وسائر الصفات الحسنة.

4 – متى رأيناك ولم نخدمْكَ

يذكِّرنا هذا الموقف بالغني الذي كان لعازر الفقير منطرحاً على بابه، وكان يدخل ويخرج الى بيته ومنه، ولم يقع نظره على لعازر، أو تعامى عنه احتقاراً. لم يكن لعازر إنساناً بالنسبة لذاك الغني، حتى أنَّ الكلاب جاءت تلحس قروحه ولم يلتفت إليه إنسان. وهكذا هنا، لقد تعامى

هؤلاء الطالحون عن رؤية الناس ومعرفة حاجاتهم وتلبية طلباتهم، وبالتالي تعاموا عن نِعَم الله التي دفنوها في تراب قلوبهم. فلم يعرفوا الرحمة ولا الحبَّ ولا العطاء. لذا مصيرهم كمن دَفَنَ فضَّة سيِّده في الأرض.