هنّأ ​المطارنة الموارنة​، ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​، بـ"العودة من زيارته الراعوية إلى ​الولايات المتحدة الأميركية​، حيث زار عدداً من الرعايا وشارك في القمّة السنوية الرابعة لمؤسسة "دفاعًا عن المسيحيين"، التّي هدفت إلى التركيز على أهميّة الحضور المسيحي ودوره الثقافي والحضاري البنّاء في ​الشرق الأوسط​، وعلى ضرورة إيقاف الحروب الدائرة وحلّ النزاعات بالطرق الدبلوماسيّة والسياسيّة، وإعادة جميع اللاجئين والنازحين والمخطوفين إلى بلدانهم، من أجل ممارسة حقوقهم الوطنيّة"، مشيرين إلى أنّ "هذه الزيارة الراعوية تُوّجت بتكريس مزار ​القديس شربل​ في كاتدرائية سان باتريك في نيويورك، كعلامة رجاء ناطقة للمسيحيّة المشرقيّة"، مبيّنين أنّ "هذا الحدث يشهد من جديد على مدى النجاح والإحترام اللّذين يحظى بهما الوجود ال​لبنان​ي، في بلدان الإنتشار، وبالتحديد في دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية".

وشدّد المطارنة في بيان، عقب اجتماعهم الشهريّ في الكرسي البطريركي في ​بكركي​، على "ضرورة عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، لأنّهم باتوا مهدّدين بفقدان هوّيتهم، وعبئًا ثقيلًا على لبنان من كلّ جانب، فضلًا عمّا يترك هذا النزوح من آثار بالغة عند السوريين أنفسهم، وخصوصًا مَن ولدوا منهم على أرض لبنان"، مركّزين على أنّه "إذا استمرّت الأزمة، فسيكون هناك جيلٌ من النازحين لا هويّة وطنيّة له، فكيف له أن يشارك في مستقبل ​سوريا​. لذا، كلّ يوم تأخير في عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، في ظروف آمنة ترعاها القوى الدولية، يفصل هؤلاء عن مداهم الحيوي، وبالتالي عن كرامتهم الوطنية ومستقبلهم".

وتوقّفوا عند "الإنجاز الّذي حقّقه المجلس النيابي في موضوع ​الموازنة​، بعد سنوات كانت تعيش فيها الدولة من دون سقف للإنفاق"، منوّهين إلى أنّ "هذه الخطوة على أهميّتها، تبقى ناقصة ومخالفة لأحكام الدستور، إذا لم يتمّ تقديم قطع الحساب عن كلّ السنوات الماضية، لأنّ قطع الحساب هو الناظم الحقيقي للحسابات والإنفاق، والأهمّ لضبط الهدر والتعدّي على المال العام".

وأعرب الآباء، عن خشيتهم في أن "تكون فذلكة ​الضرائب​ الّتي أُقرّت لتمويل ​سلسلة الرتب والرواتب​ هي توليفة تقطع الطريق على إصلاح ضريبي حقيقي، يكون مبنيًّا أصلاً على تحوّل منشود من الإقتصاد الريعي إلى الإقتصاد المنتج، كما نادت به وثيقة بعبدا الأخيرة"، مؤكّدين أنّ "المطلوب هو إصلاح ضريبي يؤدّي إلى المزيد من البعد الإجتماعي في اقتصادنا الوطني، ويؤسّس لعدالة إجتماعيّة حقيقيّة، تنصف الفقراء وذوي الدّخل المحدود".

وعبّروا عن قلقهم "حيال الضبابية في موضوع الإنتخابات النيابية، وشدّ الحبال القائم في شأنها، والنقاشات الّتي يبدو منها أنّ انقسام المصالح السياسيّة يضرب عرض الحائط التشريع في ما خصّ قانون الإنتخابات"، موضحين أنّ "السؤال الّذي يُطرح هو إذا كان من المعقول أنّ الجهات الّتي اتّفقت على القانون وعلى إقراره في المجلس النيابي، هي نفسها الّتي تنقلب عليه في الممارسة؟".

ولفت المطارنة، إلى أنّ "من جديد يطفو على السطح موضوع الفساد و​المحاصصة​، الّتي لم تعد تكتفي بأن تكون طائفية، بل أصبحت اليوم تحزبّية بامتياز. والقضيّتان سواء في نتائجهما، لأنّهما على صلة بالنفوس، ممّا يكشف عن خطر كبير ينمّ عن نقص في الولاء للدولة والدستور والقوانين، هو أشبه بعودة مقنّعة إلى زمن الدويلات".

وأشاروا إلى أنّ "الكنيسة تحتفل اليوم بعيد جميع القديسين، وغدًا بتذكار الموتى. وفي الأحد المقبل ببدء السنة الطقسية، الّتي تحيي على مدار اثنَي عشر شهراً، أسرار الخلاص الإلهي بدءًا بتجسّد السيد المسيح ابن الله، وحياته الخفيّة ثمّ الظاهرة الّتي بشّر فيها بالإنجيل ودعا الناس إلى التوبة، وصولًا إلى آلامه وموته على الصليب وتمجيده بالقيامة، ثمّ إلى إرساله الروح القدس الّذي حلّ على الكنيسة الناشئة وملأها قوّة وشجاعة، للإنطلاق وإعلان إنجيل الخلاص لجميع الشعوب، وأخيرًا زمن الصليب المنفتح على النهايات"، داعين أبناءهم إلى "إحياء هذه السنة بالصلاة والتوبة والمحبّة الأخوية، سائلين الله أن يمنّ على العالم بالأمن والسلام".