لفت وزير الدولة لشؤون التخطيط ​ميشال فرعون​، خلال إلقائه كلمة رئيس مجلس الوزراء ​سعد الحريري​، في افتتاح المؤتمر السنوي العاشر للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، إلى أنّه "يسعدني أن أرحّب بكم في بيروت، حيث نلتقي لإطلاق التقرير السنوي العاشر للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد). وأعترف أنّني أتفاجأ كلّ سنة بإصرار المنظمة على الإستمرار في رفع راية ​البيئة​ في منطقة مضطربة، قد لا تكون البيئة في طليعة اهتماماتها"، مقرّأً أنّ "المنتدى نجح في وضع البيئة بقوة على جدول أعمال الحكومات، حتّى تكاد لا تخلو أية خطة حكومية للتنمية المستدامة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، من بصمات تقارير المنتدى وتوصياته"، مشيراً إلى أنّ " المنتدى وضع في دائرة الإهتمام الجدي مفاهيم الإقتصاد الأخضر، والمسؤولية البيئية لقطاع الأعمال، وإدخال الموارد الطبيعية في الموازنات الوطنية، والإدارة المتكاملة للمياه والطاقة والغذاء في إطار التصدي لآثار تغير المناخ".

وركّز فرعون على أنّ "أهمية هذا المنتدى أنّه المكان الوحيد في منطقتنا حيث يلتقي الجميع، الوزير ورئيس الشركة والأستاذ الجامعي والباحث والطالب والناشط البيئي، تحت سقف واحد لمناقشة قضايا البيئة والتنمية وآفاق المستقبل"، منوّهاً إلى أنّ "هذه التشاركية في التفكير والتخطيط والعمل هي جوهر التنمية المستدامة"، مبيّناً أنّ "في حين يعتقد البعض أنّ الحديث عن البيئة قد لا يتناسب مع التحديات الإقتصادية والأمنية الّتي تواجه منطقتنا، يأتي التقرير الّذي يطلقه "أفد" اليوم، عن وضع البيئة العربية في عشر سنين، ليذكّرنا بأنّ رعاية البيئة والإدارة المتوازنة للموارد الطبيعية واجب لا خيار".

وأكّد أنّ "بعد كلّ الحروب والنزاعات، لن نستطيع الهرب من واجب توفير مياه نقية نشربها وتراب خصب ينتج غذاءنا وهواء نظيف نتنفسه. صحيح أنّ بلداننا تواجه تحديات ضغط النازحين على ​البنى التحتية​ وإعادة البناء وتوفير الأمن والسلام، لكن من الضروري إدخال إدارة البيئة في هذه جميعاً، إذ لا نملك رفاهية ال‘نتظار".

وشدّد فرعون، على أنّ "الإدارة البيئية ليست ملحقاً يضاف إلى البرامج الإنمائية، بل هي جزء عضوي منها. والتنمية الصحيحة ليست ضدّ البيئة، فالأساس تأمين نوعية حياة جيّدة لجميع الناس، تحمل مقوّمات الإستمرار في توازن مع محدوديات الطبيعة"، لافتاً إلى أنّ "الخدمات الأساسية، من مياه نظيفة وشبكات صرف وكهرباء ومواصلات حديثة، إضافة إلى خلق فرص للنمو الإقتصادي، كلّها تساعد في تحسين الوضع البيئي"، جازماً أنّ "الإستقرار الإقتصادي شرط أساسي للإستقرار البيئي، فالمجتمع الّذي يتمتّع بالإكتفاء والواثق بنفسه، هو وحده المؤهّل لحمل لواء رعاية البيئة والتخطيط للمستقبل".

ورأى أنّ "التدابير التنفيذية للسياسة البيئية يجب ألّا تقتصر على العقوبات وردع المخالفين، فمن الضروري أن تكون الحوافز جزءاً أساسيّاً في أية سياسة عصرية، بحيث يتمّ تشجيع الأفراد والمؤسسات على اعتماد إجراءات تحمي البيئة، بإعطائهم الدعم المادي والإعفاءات الضريبية، إلى جانب فرض ضرائب وغرامات على الملوثين"، مركّزاً على أنّ "علينا جميعاً، مواطنين وقادة سياسة وفكر وصناعة وتجارة، العمل معاً من أجل ضمان بيئة معافاة للأجيال المقبلة".

ونوّه فرعون، إلى أنّ "تجارب العالم بيّنت أنّ حسن استخدام الموارد وحماية الطبيعة وتعميم الصناعات النظيفة الّتي تصدر عنها ملوثات ونفايات أقلّ، كلّها تقود إلى نوعية حياة أفضل. وثبت أنّ الكفاءة البيئية لا تتعارض مع الجدوى الإقتصادية"، مؤكّداً أنّ "حماية البيئة، وإن كانت مكلّفة، تؤدّي إلى تخفيف الفاتورة الصحية واجتذاب السياح واستقطاب الإستثمارات".

ودعا البلدان العربية إلى "تعزيز التعاون في ما بينها، وإقامة المشاريع المشتركة، خاصّة في مجالات ​المياه​ والطاقة وإنتاج الأغذية، فضلاً عن الأبحاث والتعليم وبناء القدرات"، داعياً إلى "إيجاد حلول سريعة وعادلة للصراعات والنزاعات في المنطقة، لأنّ الإستقرار السياسي والأمن شرطان ضروريان لتحقيق التنمية المستدامة ورعاية البيئة".