أكثر من لافتة جاءت مغازلة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال إطلالته الأخيرة عبر الشاشة البرتقاليّة. ففي الشكل قبل المضمون، بمجرد أن قبل جنبلاط بتصوير مقابلة عبر الشاشة في الذكرى السنوية الأولى على إنتخاب "الجنرال"، فذلك يعني أنه قرر توجيه رسالة إيجابية الى العهد ورئيسه، كيف لا وهو الذي خفّف من إطلالاته المصورة في السنوات الأخيرة مستبدلاً إياها بتغريدات عبر ​تويتر​ لإطلاق ما يريد من مواقف. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة في الحزب التقدمي الإشتراكي، أن الزعيم الدرزي إتخذ قراراً مند مدة بمهادنة جميع الأفرقاء في ​لبنان​، لا سيما الذين لديهم قواعد شعبيّة وازنة في الجبل وذلك حفاظاً على أمن الجبل وإستقراره، وسعياً الى تجنيب الجبل تداعيات الإنتخابات النيابية المرتقبة في أيار 2018 ومهرجاناتها التي تغيب فيها عادة لغة الهدوء والحوار لمصلحة خطابات السقوف العالية والتحريض المذهبي والطائفي.

أبعد من تجنيب الجبل أي خضّات قد تحدثها الإنتخابات، تكشف المعلومات أن الزعيم الدرزي يسعى الى تشكيل لائحة تحسم مصير العدد الأكبر من مقاعد دائرة ​الشوف​ و​عاليه​ قبل فتح صناديق الإقتراع وحتى في ظل إعتماد القانون النسبي. لائحة تكشف المصادر المتابعة عن ضمها الحزب الإشتراكي ووزير الدولة لشؤون المهجّرين ​طلال أرسلان​، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر فتيار المستقبل، الأمر الذي سيتطلب تنفيذه مزيداً من التضحيات التي يجب أن يقدمها جنبلاط لهؤلاء الأفرقاء على صعيد المقاعد، هذا إذا قبل الجميع بفكرة اللائحة القوية. إنفتاح جنبلاط على رئيس الجمهورية، لن يقتصر على تصوير مقابلة مع الشاشة البرتقالية، بل يسعى رئيس اللقاء الديمقراطي الى تتويجه بزيارة سيقوم بها الى القصر الجمهوري برفقة نجله تيمور، فور نضوج ظروفها وتحديد موعدها.

هذا الإنفتاح الجنبلاطي على العهد والتيار الوطني الحر ردّ عليه رئيس التيار وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ خلال زيارته الشوفيّة بإنفتاح مماثل، دفع جنبلاط الى وصف زيارة رئيس التيار الى الشوف بـ"المهمّة جداً". المشهد الجديد في العلاقة بين التيار والحزب الإشتراكي، يفرض طرح الكثير من الأسئلة، أولها هل ينوي التيار الوصول الى وثيقة تفاهم بينه وبين الحزب الإشتراكي أم أن ما يقوم به ليس إلا منافسة للقوات على الفريق الدرزي الأقوى في دائرة الشوف وعاليه، وهي الدائرة الأكبر في لبنان ككل على صعيد عدد مقاعدها الـ13؟ وثانيها هل سينجح جنبلاط في جمع التيار والقوات بلائحة واحدة في الوقت الذي بدأ كل منهما بتحضير لوائحه الإنتخابية في الدوائر الأخرى بغض النظر عما يفعله الفريق الآخر؟.

أسئلة سيكشف النقاب عن إجاباتها تباعاً كل ما اقترب أيار من العام 2018، وكل ما دقت طبول الإنتخابات أكثر فأكثر، على اعتبار أن المشهد الضبابي سينقشع عندما تأتي ساعة الحسم، ساعة تشكيل اللوائح إنطلاقاً من التحالفات.