لا ينتهي المواطن ال​لبنان​ي من أزمة، حتى يجد نفسه ضحية أزمات أخرى لا حول له ولا قوة فيها. وإن كانت السياحة في لبنان هي الملجأ الأخير للمواطن لكي يبتعد عن هموم الحياة اليومية في لبنان، فقد باتت هذه السياحة مصدر نصب واحتيال بأبشع الطرق الانتهازية على اللبنانيين. آخر عمليات النصب التي ضربت المواطنين عموماً، وشركات السياحة والسفر خصوصاً هي تلك التي قام بها أحد المصريين الذي يملك شركات سفر وهمية.

"تامر محمد علي عبدالرحمن راشد"، مصري كانت ​وزارة السياحة​ المصرية قد حذرت في العام 2013 من "التعامل معه لقيامه بعمليات نصب على فنادق وشركات سياحيّة ويزاول العمل السياحي بدون ترخيص من خلال موقع الكتروني تحت اسم شركة كايرو مازينكو للسياحة".

في هذا السياق، توضح مجموعة من وكالات السياحة في لبنان "اننا أطلقنا العديد من الصرخات لوزارة السياحة المصرية بعد تعرض العديد من الوكالات اللبنانية وعلى مراحل عديدة ومتكررة، خصوصاً في فترات الأعياد والإجازات، لحالات احتيال من قبل شركات مصرية سياحية غير مرخصة"، مشيرة إلى ان "هذه الحالات المتكررة أسفرت عن إحجام العديد من هذه الوكالات عن تنظيم الرحلات الى مصر بسبب الخسائر المتراكمة، إضافة الى الاحباط الناجم عن عدم تجاوب وزارة السياحة و​السفارة المصرية​ مع نداءاتهم على الرغم من الادلّة الموثّقة التي تم تقديمها لدعم قضيتهم".

وفي حديث مع "​النشرة​"، يؤكد بلال بازار باشي، مالك أحد مكاتب السياحة في لبنان، تعرضه لعملية النصب هذه، ويروي أنه "في الصيف تعرفنا وتواصلنا مع الشخص المصري واخذنا حجوزات في فنادق وطائرات بعد أن كان العرض عبارة عن رزمة كاملة. وبعد دفعنا للأموال المطلوبة، وقبل استلامنا للتذاكر اختفى ولم يعد بالامكان التواصل معه. ومجموع ما خسرناه هو 16 ألف دولار، مع العلم أن شركات أخرى قد خسرت مبالغ أكبر من هذه".

ويشير بازار باشي إلى "اننا اكتشفنا في ما بعد أن هذا الشخص مشهور بفعلته، بعد أن تم رصد العديد من الحالات المماثلة من قبله وبأسماء وكالات وهمية مختلفة، على شركات عراقية وجزائرية واردنية وتونسية ومغربية، دون أن يحرّك احد ساكناً على الرغم من افتضاح هوية الجاني ومكان اقامته"، مضيفاً "توجهنا إلى السفارة المصريّة وقدمنا تقريراً إلى الملحقيّة التجاريّة الا اننا لم نلقَ جواباً حتى الآن".

وفي عمليّة رصد لشركات السياحة والسفر، والتي تنظّم رحلات من وإلى مصر، نجد العديد من هذه الشركات وبأسماء مختلفة، الا انه وبعد التدقيق يتبيّن أن أرقام التواصل مع هذه الشركات هي نفسها، وكلها تعود لشخص واحد وهو "تامر محمد علي عبدالرحمن راشد". كما ان بعض التعليقات توضح أن العديد من الأشخاص قد وقعوا ضحية لعملية النصب عينها.

"النشرة" تواصلت مع راشد، وأعلمته بالاتهامات الموجهة ضده، لإعطائه فرصة الدفاع عن نفسه. الا انه رفض الحديث عن أي من هذه المواضيع قبل أن يقفل هاتفه بوجهنا ويمتنع عن الردّ. لكن اللافت في الموضوع أن هذا الرقم الذي تواصلنا عبره مع راشد، وهو الذي كان موضوعاً على مواقع شركات السياحة المصرية، تم تغييره بعد دقائق من الاتصال.

العديد من الأرقام، وأسماء الشركات الوهمية توصلنا إلى شخص واحد، وقع ضحيته العديد من اللبنانيين. وكأن ما يواجهه اللبناني في وطنه لا يكفيه ليجد نفسه عرضة لعمليات نصب بآلاف الدولارات. فهل ستتحرك السفارة المصريّة في لبنان ومعها وزارة السياحة المصريّة، لتحمي اللبنانيين من هذه العمليات، قبل فقدان الثقة من قبل وكالات السياحة اللبنانية تجاه الشركات المصرية العاملة في نفس المجال؟.