كلهم، من الإنسان العادي في الشارع الى المسؤول وراء مكتب، يريدون أن يعرفوا ماذا يدور في لبنان.

كلهم يسألون عن الشيخ ​سعد الحريري​. أين هو؟ ماذا حلّ به؟ ما مصيره في المجال الحكومي؟ هل سيعود الى لبنان؟ هل سيبقى في المملكة العربية السعودية؟ هل سينتقل الى بلد آخر غير لبنان والمملكة؟ هل سيعتزل السياسة؟ هل هو مرشح لتشكيل ​الحكومة​ الجديدة في لبنان؟

إنها نماذج عن سيل من الأسئلة تنهمر عليك لمجرّد أن يعرف محدثك أنك لبناني وأنك صحافي أيضاً.

ولم أفاجأ. أعرف بأننا في لبنان نعتبر العلاقة مع ​الكويت​يين ذات خاصية، كما يعتبرها الكويتيون أنفسهم. وفي الزيارات كلّها كنّا نغرق في «الهم المشترك» بين البلدين والشعبين. وذات تكريم أقيم لي قبل سنوات في هذا البلد الشقيق تحدّثت عمّا أسميته «حد السيف» الذي يجمع بين البلدين في دفع ما ادّعي أنه «ضريبة الديموقراطية». وقلت كون لبنان أو أي بلد عربي عاش الديموقراطية ومارسها في نظام برلماني، وكون الكويت أول بلد في محيطه يعيش في ظل دستور مكتوب (منذ 55 سنة حتى اليوم) فإن هذا النوع من الأنظمة ليس ممنوعاً وحسب، بل هو مدان... ويجب «تأديب» من يعتمده. والحمدللّه أن الكويت نجا من التأديب، أما نحن في لبنان فقد «علقنا» ولم نخرج من «العلقة» بعد.

في أي حال لفتني كثيراً ما لمست من لهفة (على الصعيد الشعبي في الكويت) بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري... مع الإستدراك بأن الكثيرين لا يدركون ماهية التطورات وحيثياتها ووقائعها وتفاصيلها... ومع الإشارة أيضاً الى أن الجميع، تقريباً، يظنون أنّ لبنان يتجه الى أيام ساخنة وخطرة. وعندما تحاول أن تخفّف من هذه التوقعات يقولون لك: ولكن القناة التلفزيونية الفلانية حذّرت من المخاطر، وهذه القناة تحدّثت عن مستقبل غامض، وتلك جزمت بأنّ لبنان مقبل على أيام صعبة.

طبعاً الأجواء الإعلامية في شبه إجماع على أن الآتي على لبنان أعظم... ولقد يكون دور الحكومة اللبنانية في هذه المرحلة، عبر ​وزارة الإعلام​ بالذات، أن تبدّد هذه الأجواء السوداء... وإن كنت أعرف أنّ المسألة ليست على هذه البساطة، خصوصاً وأن ما يتردد على ألسنة الناس، هنا، حول دولة الرئيس سعد الحريري لا يدعو الى الإرتياح ... إلا أن الناس عادة ما يؤخذون بالشائعات التي تنتشر كالنار في الهشيم.

وأود أن أختم بأنّ إعتماد النظام الديموقراطي في هذه المنطقة (وإن مشوباً بألف شائبة) هو مكلف كثيراً. لذلك فإنني أردد وأكرر أمام من أتبادل وإياهم أطراف الحديث بأن حال لبنان كمن يمشي على حد سيف مسنون فيدميه كثيراً حتى العظم أحياناً، إلاّ أنه لا يستطيع أن ينزل عن هذا السيف الحاد لأنه إذا نزل من إحدى الجهتين وقع بين أنياب الذئاب وأشداقها. وإذا نزل من الجهة الثانية وقع في مجموعة بين الأفاعي السامة!