أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن "القومية هي الهوية وهي الانتماء.. هي ماضي وحاضر الشعوب وهي أساس وجودها والهدف الأكبر لم يكن هذا الدمار، فالدمار يعاد بناؤه، إنما الهدف كان ضرب انتماء الإنسان العربي في هذه المنطقة، انتمائه بكل ما تعني الكلمة من معنى، انتمائه لكل البيئة التي عاش فيها، للجغرافيا، للتاريخ، للمبادئ وللانتماء القومي".

وخلال استقباله اليوم المشاركين في الملتقى العربي لمواجهة الحلف الأميركي – الصهيوني – الرجعي ودعم مقاومة ​الشعب الفلسطيني​، لفت الأسد إلى أن "العاصفة التي ضربت عدداً من ​الدول العربية​ وفي مقدمتها سوريا وليببا و​اليمن​ و​العراق​ إلى حدٍ ما والدمار المادي والمعنوي الذي حصل، هدفه الأساسي هو إعادة هذه المنطقة قروناً إلى الوراء، وهذا صحيح"، مشيراً إلى أن "هناك شرائح من مجتمعاتنا العربية، مع كل أسف وعبر الزمن، عندما فقدت الانتماء القومي كانت جاهزة للذهاب في اتجاهات أخرى، فذهبت باتجاهين رئيسيين في بدء الأحداث، إما الارتماء بأحضان الأجنبي أو الارتماء بأحضان التطرف ​الإسلام​ي".

وأشار إلى أن "​الربيع العربي​ بحسب التسمية المستخدمة من قبل الأعداء كان يهدف لضرب الانتماء القومي، لكن بالمقابل ولولا ضعف هذا الانتماء وضعف الشعور القومي لما تمكن ذلك الربيع من الانطلاق في منطقتنا"، معتبراً أنه "من الطبيعي للمواطن البسيط أن يختار الإيمان، ويكون بالمقابل ضد أي انتماء آخر في مواجهة أو مقابل الإيمان و الإسلام والحقيقة أنه لا يوجد أي تعارض بين الإسلام و​العروبة​، فكلا الانتماءين يصب باتجاه الآخر، وكلاهما يعزّز الآخر".

وأضاف الأسد "أول مشكلة كبيرة نواجهها على مستوى العمل القومي هو ضرب علاقة الإسلام مع العروبة، حيث اتهموا أو وصموا العروبة بصفة ​العلمانية​، ووصفوا العلمانية بصفة الإلحاد، فربطوا العروبة والعلمانية والإلحاد برابط واحد وقالوا للمواطن البسيط عليك أن تختار بين الإيمان وبين الإلحاد"، مشيراً إلى أن "القومية العربية وضِعت في مواجهة قوميات أخرى وزرع الاستعمار مع مرحلة الاستقلال بذور الفتنة بين تلك القوميات، ومع غياب وجود حصانة فكرية من قبل مجتمعاتنا، نمت هذه البذور، وتم سقيها سواء من قبل أعداء الفكر القومي أو من قبل بعض القوميين بفكر سطحي وبأداء جاهل".

وتابع "أعداؤنا وضعوا القومية العربية بقفص عرقي، وقالوا أن هذه القومية تنتمي لعرق محدد وركّزوا على الموضوع العرقي ونزعوا عن القومية أهم الجوانب الحضارية الموجودة فيها المتعلقة بالجانب الثقافي واللغة والجغرافيا والتاريخ"، مشيراً إلى أن "الأداء السياسي السيء للدول العربية دفع الكثيرين للعمل بردّة فعل نتيجة تآمر بعض الدول العربية على دول عربية أخرى أو على شعوب أو على قضايا، وبالتالي لم يميزوا بين الانتماء لهوية محددة، وبين الانتماء لنظام سياسي".

ولفت الأسد إلى أن "العروبة تتهم اليوم بأنها مرادفة للتخلف.. وبأن أي طرح قومي، هو طرح متخلف، الأمر الذي يفرض علينا أن نكون السباقين لدعم وتطبيق الأفكار التطويرية وأن يكون لدينا برنامج متوافق مع هذا العصر، ومتوافق مع مصالح الشعوب"، مؤكداً أن "العروبة حالة حضارية وأهم شيء في الحالة الحضارية هي الثقافة التي تحملها، والثقافة تعبر عنها اللغة.. وفقدان اللغة هو فقدان للارتباط أو بشكل أدق هو حالة غربة عن الثقافة التي ينتمي إليها هذا الإنسان".