على وقع الإنقلاب الشامل والخطير في السعودية، الذي قاده وليّ العهد محمد بن سلمان السّبت الماضي، مُطبقا بقبضة حديديّة على كامل مفاصل الحكم، بعد عمليّة اعتقال جماعيّة طالت اكثر من 11 أميرا ووزيرا أعقبت مباشرة استدعاء رئيس الحكومة اللبنانيّة ​سعد الحريري​ الى الرّياض وإجباره على تقديم استقالته من هناك، ووضعه وعائلته قيد الإقامة الجبريّة، نقلت معلومات صحافيّة لبنانيّة عن مصدر مقرّب من السفارة الفرنسيّة في بيروت، اشارته الى انّ الحريري وصل الى حالة صعبة للغاية بعد مقابلته التلفزيونيّة الأخيرة، قبل ان "يضغط" الرئيس اللبناني ميشال عون بقوّة وحزم باتجاه الرّياض، مُلوّحا بنقل قضيّة احتجازه الى مجلس الأمن، ما انتج تسوية ضغطت فرنسا ايضا باتجاه التوصّل اليها، تسمح للحريري وعائلته بالإنتقال الى فرنسا.. هذا بعد تصلّب ورفض سعودي قاطع دام حتى صباح امس، بالإفراج عن حريّته، وتبلّغته النّائب بهيّة الحريري

التي بادرت منذ ايام الى الاتصال بشخصيّة سعودية رفيعة المستوى، للإستيضاح عن رزمة علامات استفهام تتعلّق بوضع ومصير رئيس الحكومة منذ استدعائه على وجه السّرعة الى المملكة، الا انّ الجواب اقتصر على "انّ الحريري مواطن

سعودي يخضع لقوانين المملكة واجراءاتها"-حسب اشارة المصدر.

الأخطر هو ما رافق عمليّة احتجاز الحريري، من تهويل سعوديّ وصل الى حدّ تهديد لبنان بحرب شعواء انطلاقا من هدف جعل هذا البلد ساحة بديلة لمنازلة ايران عبر "سحق" حزب الله، بعد خسارة السعوديّة المدويّة لكلّ اوراقها في ساحات المواجهة الأخرى، في سورية، والعراق وصولا الى اليمن..وهنا خرقت معلومات خطيرة المشهد المرتبك برمّته، على لسان

مستشار الرئيس اللبناني جان عزيز، الذي كشف قبيل ايّام عن "هجمة مُرتقبة على لبنان من جهات خارجيّة، اتُّخذ قرارها على مستويات عالية لضرب البلد، وانّ هذه المعلومات وصلت في طيّ رسالة خارجيّة الى الرئاسة اللبنانيّة، حملت عنوان "اللعبة انتهت وعليكم التكيّف مع هذا القرار"!

وسريعا اُلحقت الرّسالة بمعلومات لا تقلّ خطورة عن سابقتها، كشفت عن خطّة سعوديّة لتحريك المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان، وعلى وجه الخصوص مخيّم عين الحلوة، بعد استدعاء الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس سريعا الى الرّياض، الأمر الذي فرض تحرّكا عاجلا للرئيس اللبناني ميشال عون، وايفاده المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم للقاء عبّاس، وتحذير الأخير من انّ الإنصياع لهذا المخطّط –الذي كُلّف بتنفيذه محمد دحلان- سيُفضي الى كارثة تجتاح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان- وفق ما كشفت معلومات صحافيّة لبنانيّة متابعة-

وفي خضمّ هذا الجنون السعوديّ حيال لبنان، يُطرح السؤال" من الذي يدفع الامير السعوديّ الشاب الى هذا التّهور غير المسبوق في السياسة الدّاخلية والخارجيّة الخطيرة، تحديدا ضدّ لبنان؟". تنقل صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية عن مسؤول فرنسي رفيع المستوى، اشارته الى تحريض خفيّ وكبير للريّاض من جانب الإدارة الأميركية، بضرورة نقل مواجهتها لإيران الى السّاحة اللبنانيّة، كتعويض عن خسارتها للسّاحات الأخرى، ويشير الى حنق اميركي كبير من انتصار "المحور المعادي" في معارك الشرق السوري، تحديدا البوكمال، التي وصل اليها الجيش السوري وحلفاؤه الإيرانيون ومقاتلو حزب الله بسرعة

لافتة-رغم كلّ التحشيد المسلّح هناك بدعم اميركي، والعقبات التي تضعها واشنطن لمنع استكمال تحرير المدينة.. الا انّ اكثر ما استفزّ الأميركيين -حسب المسؤول الفرنسي- يتعلّق بالمفاجأة "غير السّارة" التي واكبت انطلاق تلك المعارك، عبر

وقوع اثنين من قادة "داعش"- من الحلقة المقرّبة من البغدادي ويُعتبران بمثابة "كنز" للمعلومات والأسرار الأميركية الحسّاسة- في قبضة الجيش السوري ومقاتلي حزب الله، بعد طول ترصّد استخباري سوري لتنقّلاتهما بين الميادين

والبوكمال، وبحوزتهما مبالغ ماليّة ضخمة.

الا انّ التوصيف الأدقّ لدوافع الهجمة السعوديّة على لبنان الآن، اختزله موقع "والاه" العبري في سببين اثنين: فشلها المدوّي في سورية وذهاب كلّ ملياراتها التي انفقتها على مجاميع "المتمرّدين" منذ انطلاق الأزمة السوريّة في سبيل اسقاط الأسد ادراج الرّياح، لتؤول النتيجة نصرا كاسحا له ولإيران وحزب الله. والثاني، عدم استطاعتها تحقيق ايّ نصر في اليمن

"بسبب ايران وحزب الله"، وعليه قرّرت مواجهة اعدائها في لبنان، معتقدة انّ "اسرائيل" ستقاتلهما نيابة عنها، "وليعلم السعوديون اننا لا نعمل لخدمة مصالحهم".

جملة طلعت على ألسن غالبيّة الخبراء والمحلّلين العسكريّين "الإسرائيليّين" وفي عدد كبير من الصحف والمواقع الإخباريّة العبريّة، ردّا على الطلب السعودي من "اسرائيل" شنّ حرب على لبنان، ودفعت دبلوماسيّا "اسرائيليّا" في موسكو

الى التعليق على هذا الطلب، عبر نصح السعوديّة بالتحضّر ل "زلزال" قادم ليس بعيدا عن المملكة بدل محاولة استدراج "اسرائيل" الى مستنقع حرب ليست لها. ويكشف الدبلوماسيّ عن تقرير استخباري فرنسي وصل الى الرّياض، يتضمّن تحذيرا "على درجة كبيرة من الجدّية"، من تداعيات خطيرة تنتظر تولّي الأمير محمد بن سلمان رسميّا سدّة الحكم، جرّاء عمليّات التّطهير غير المسبوقة في صفوف الأمراء والوزراء، ليختم التقرير بضرورة التنبّه إذ انّ المؤشّرات كلّها توحي بأنّ المملكة ستواجه "مشهدا قاتما" بعد شهور معدودة!

وعليه، تنقل معلومات صحافيّة لبنانيّة عن مسؤول لبناني رفيع المستوى، أسرّ في احد مجالسه أمس، انّ التخطيط الخارجي بشنّ حرب على لبنان فشل قبل ان يبدأ، لافتا الى قرب اعلان انشقاقات في صفوف "صقور" تيّار المستقبل ستُشكّل حدثا غير مسبوق في الساحة الداخليّة، سيّما انّها ستطال من ضمنها رئيس حكومة سابق يُعتبر اليوم "صقرا سعوديّا" بامتياز، وكاشفا عن "مفاجأة" وشيكة ترتبط بمصير الحريري "في اللحظة الأخيرة"!