وصفت مصادر نيابية كلام رئيس الجمهورية امام اصحاب وسائل الاعلام المرئية والمسموعة واعضاء ​المجلس الوطني للاعلام​، بأنه موقف وطني، ورد مباشر على تجاهل مطالب لبنان التي أبلغها الرئيس ​ميشال عون​ للقائم بالاعمال السعودي ​وليد البخاري​، والتي تصبّ في معرفة مصير رئيس وزراء لبنان الموجود في المملكة العربية السعودية وحريته مقيّدة، سواء في العودة الى بلاده، او التواصل مع كبار المسؤولين اللبنانيين.

وقالت المصادر انه اذا كانت المملكة التي يبدو ان ممثلها في بيروت تفاجأ بموقف بعبدا، لا تعرف أسباب هذا الموقف فعليها ان ترد على التوضيحات اللبنانية حول مصير رئيس حكومة اللبنانيين .

ولفتت المصادر ان لبنان يملك معطيات لا يرقى اليها الشك، بأنه فور وصول الحريري يوم الجمعة الماضي الى المطار في الرياض، كان في انتظاره على سلم الطائرة مجموعة أمنيّة اقتربت منه وحاولت انتزاع هواتفه بالقوّة، وعندما حاول حرسه الخاص منع الامن السعودي من انتزاع هواتف الحريري تم الاعتداء عليهم بالضرب، وأخذوا هواتف رئيس الحكومة، ونقلوه الى مكان مجهول، ولم يكن بالإمكان لاي شخص الاتصال به، او لقائه، حتى ان رئيس أمنه لم يظهر منذ وصوله الى السعودية، الى ان شوهد الحريري على شاشة العربية وأعلن استقالته من خلال هذه الوسيلة الإعلامية التابعة للرياض.

واشارت المصادر الى ان المعلومات المتوفّرة لديها تشير الى ان الحريري يقيم في جناح داخل منزله، بعيدا عن عائلته، وانه يتم تفتيش أولاده وحتى زوجته في كل مرة يريدون الخروج من المنزل او العودة اليه، وكما يتم تفتيش زواره بمن فيهم الدبلوماسيين الأجانب .

ووصلت بحسب المصادر معلومات تفيد بأن ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ عرض مرتين على الحريري، خلال اللقاء القصير بينهما، في غياب الاعلاميين الذين رافقوه في زيارته للسعودية، ان يصطحبه مع عائلته بالطائرة الى لبنان، لكن رئيس الحكومة أبلغه انه غير قادر في الوقت الحاضر، لان عليه امور يجب إنجازها .

وأكدت المصادر انه لم يحصل اي تواصل بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون منذ السبت الماضي باستثناء المكالمة المختصرة التي ابلغه فيها رغبته في الاستقالة، كما ان رئيس الحكومة لم يتصل برئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، أو بوزير الخارجية ​جبران باسيل​، ولا بأي رئيس كتلة نيابية تتعاطف معه سياسيا.

وتضيف المصادر ان القلق الذي أبدته عدد من الدول الغربية والأوروبية حيال وضع رئيس حكومة لبنان في المملكة العربية السعودية، والمطالبة بعودته الى بلاده بأسرع وقت ممكن، يعكس الضبابية التي تحيط بوضعيته في السعودية، وان دعوة الحريري لزيارة فرنسا مع عائلته تدخل في اطار الهواجس بأن حريته مقيّدة، وإنّ الشكوك حول تركه الرياض ستظل قائمة حتى يصل ​باريس​ مع عائلته .

وترى المصادر نفسها انه في حال عدم عودة الحريري الى لبنان قبل يوم الأحد المقبل، فإنّ لبنان سيثير هذا الملف في اجتماع وزراء خارجية الدول العربيّة من منظار الموقف الذي اعلنه رئيس الجمهورية، واكد فيه ان ما حصل مع رئيس الحكومة اللبنانية يشكل اعتداء صارخا على لبنان، وانتهاكا للمواثيق الدولية والحصانة الدولية التي يتمتع بها رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ .

ولا يعير المسؤولون في لبنان كما أوحت المصادر أيّ اهتمام لما يصدر عن بعض النواب في ​تيار المستقبل​ من مواقف، لان بعض هؤلاء يعكسون موقف وزير الدولة السعودي لشؤون ​الخليج العربي​ ثائر السبهان، وان بيان ​كتلة المستقبل​ يعكس هذه الحقيقة، حيث اعتبرت ان مواقفها تصدر عنها ومن خلال بيان واضح، وليس عبر تكهنات او تحليلات .

وبانتظار عودة الحريري الى لبنان وصلت الى رئاسة الجمهورية تقارير أمنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة تؤكد حالة الاستقرار في البلاد من هذه النواحي.

وتستنج المصادر ان مفتاح حلّ الازمة وعدم انزلاقها الى تدهور في العلاقات السعودية-اللبنانية، يكمن بعودة رئيس الحكومة الى بلاده، ويقرر ما يشاء، سواء في الإصرار على الاستقالة او التراجع عنها، كي يبنى على الشيء مقتضاه، وان الاستمرار في ابتزاز الرياض للبنان، ومحاولة فرض واقع سياسي معين عليه من اي جهة كانت، لن يكتب لها

النجاح، بفضل تضامن الأغلبيّة الساحقة من القوى السياسيّة اللبنانيّة الفاعلة، مشيرة الى ان كلام الرئيس عون بأن الحكومة المستقيلة تستطيع وفي حالات استثنائية عقد اجتماع يوحي بوجود قناعة بأنّ الحريري سيصرّ على استقالته، ولكن دون ان يؤدي ذلك الى شلل كلي في البلاد بانتظار الانتخابات النيابيّة المقبلة، اما اذا كان هناك إلحاح سعودي باستبعاد رئيس الحكومة عن العمل السياسي، فهذا سيكون له تداعيات سلبيّة على التيّار الأزرق الذي يدور في الفلك السياسي للملكة، خصوصًا بعد رفض غالبيّة مكوناته استبدال الحريري بأي شخصية اخرى .