من يراقب العالم وكيف تتغير القيم الاجتماعية فيه يُصاب بالذهول. ومن لا يراقب يجد نفسه كلّ مرّة أمام تغيّر مفاجىء. مقابل من يقف خلف الإنحرافات من استفادة وتحريض وتخطيط ممنهج، هناك من يستهجن، ومن يستسلم، ومن لا يبالي.

وهناك من يقع ضحيّة هذه التغييرات، فيدافع عنها باسم الحريّة والتطوّر والعلم دون أن يعي خطورتها ونتائجها السلبيّة على الأجيال الصاعدة، وعلى أولاده إذا كان ربّ عائلة.

في الآونة الأخيرة سمعنا عن استفتاء شعبي في ​أستراليا​ حول المثليّة ​الجنس​يّة، وأتت النتيجة لصالح قانونيّة المثليّة بتسميتها الملطّفة.

هذه التسميّة ”المثليّة“ أصبحت هي السائدة لإيهامنا أنّه هناك فرق بين الشذوذ والمثليّة، ضاربين بعرض الحائط أن الشذوذ يأتي من المثلية ولا فرق بين التعبيرين على الإطلاق.

ما جرى في أستراليا كان صاعقًا بكل ما للكلمة من معنى: يمثّل المثليون على أرض الواقع نسبة ضئيلة جدًا من المجتمع، إذ لا يتعدّون الـ٢ بالمئة من الشعب، لكن أتى التصّويت لمصلحة القانون الشاذ، والترقّب الآن أن يفرض البرلمان على الكنيسة تزويجهم بعد إقراره للقانون.

الجدير بالملاحظة أن ما سمّي استفتاءً شعبيًّا لم يشمل كلّ الشعب على الإطلاق لأنّه بالأساس اختياريًّا.

كثيرون لم يقترعوا لا مع ولا ضد، وسُجل أن أغلبية التصّويت أتى مخالفًا للقواعد المتفّق عليها، إذ أكثريّة الذين صوّتوا إيجابًا لمصلحة القانون الشاذ كانوا مسنّين تعدّوا عمر السبعين سنة، وبالتالي تُعتبر هذه النتائج باطلة.

وهنا نسجّل الملاحظات التالية:

- بات يحق للأولاد من عمر ست سنوات وما فوق إختيار جنسهم وتغييره على الهويّة!.

- 60 بالمئة من الأولاد من عائلات مهدّمة ومشتّتة دون أب (Fatherless).

وبالتالي نطرح الأسئلة التالية:

- كيف ستكون شخصيّات الأولاد الذين يعيشون مع أهل من نفس الجنس؟

- ما هو المقصود من كلّ هذا؟ وإلى أين يريدون الوصول؟

- ألا يُدخلنا هذا كلّه في حالة شذوذ لا تنتهي، كمن ينتقل من شرّ إلى أشرّ؟

حتّى تعريف العائلة تغيّر، فلم يعد يُعرّف عنها "رجل وإمرأة"، بل يُعرّف عنها شخصان يعيشان معًا لفترة لا تقل عن عام، ويحق لهذين الشخصين بغض النظر إذا كانا ذكرين أو أنثتين أن يتبنيا ولدًا.

يا لهذه السخريّة، ويا لهذا المحيط المريض الذي حتمًا سيولّد عنه نتائج لا تُحمد عقباها.

ليس من المستغرب أن نجد تدفقًا لأموال طائلة تُصرف لدعم هذه الاستفتاءات وتمويلها وتنظيمها.

فقد بتنا في عالمٍ غريب عجيب يعجز وصفه، تنهال عليه سمومًا شتّى تضرب جذوره وتجعله يومًا فيوم أكثر اهتراءً.

هذه حالة الغرب بالإجمال، والمؤمنون فيه جديّون جدًا ولكن قليلون.

أمّا الشرق، صحيح أنّه لم تصبح المثليّة فيه قانونيّة بالرغم من محاولات عديدة تظهر كلّ عام، إلّا أن وجود أمور مشابهة تحصل في الخفاء تنتظر فرصتها لتظهر بقوّة للعلن.

الكنيسة لا تدين أحدًا، ولكن بالمقابل تعلن الحق الذي هو الرّب ​يسوع المسيح​ وترفض الشرّير وأعماله وخدعه.

مسؤوليتنا كبيرة من الإكليركيّين والشعب، وإنجيلنا حضارة المحبّة والسلام والتوازن والشفاء من الأمراض الدهريّة، وما ينتج عنها من سموم خدّاعة لا تنفك من التسلّل إلى عقول أولادنا لتلغي فيهم صورة الله التي خُلقوا عليها.

نعم هذه مسؤوليّة كبيرة ملقاة على عاتقنا، لا بل تدخل في صميم رسالتنا وجوهرها، ولا يجوز الاستخفاف بكل ما يحصل ويدق بابنا إن كان من خلال ​مواقع التواصل الإجتماعي​ وصفحاته أو من خلال الأفلام والفيديو كليبات والمقالات والنظريّات هذه وغيرها.

*رئيس قسم الإنتاج في المركز الأرثوذكسي الأنطاكي للإعلام