تطرّق موقع "إيه. بي. سي" الإخباري الأميركي إلى ما وصفه بالحادثة الغريبة، المتمثلة في استقالة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري من ​السعودية​، وما أحدثه ذلك من اضطراب حول العالم.

وذكر الموقع الأميركي أن قليلين ربما يدركون مدى ما شكّلته أزمة استقالة الحريري من السعودية من خطورة دفعت ​الولايات المتحدة​ إلى توجيه رد قاسٍ للمسؤولين السعوديين للتراجع عن إجبار الحريري على الاستقالة.

وأضاف الموقع في تقريره أن استقالة الحريري تبيّن لاحقاً أنها مناورة تكتيكية متهورة من قِبل النظام السعودي، أحد أهم حلفاء إدارة الرئيس الأميركي ترمب في منطقة الشرق الأوسط؛ مشيراً إلى أن الواقعة كانت لتدخل المنطقة في حرب خطيرة لولا تدخّل الولايات المتحدة و​فرنسا​ بحذق لإنقاذ الموقف.

وتابع التقرير القول بأنه في وقت تبدو فيه الولايات المتحدة في تراجع مع خلو سفارات أميركية كثيرة حول العالم من سفرائها وتقليص ميزانية وزارة الخارجية، فإن حادثة استقالة الحريري صبّت التركيز على أهمية الدور الأميركي باعتبارها وسيطاً في الصراعات.

وأكدت راندا سليم -مديرة قسم حل النزاعات في معهد الشرق الأوسط بواشنطن- أن الدبلوماسيين الأميركيين وصانعي القرار بواشنطن اضطلعوا بدور محوري في إيقاف الخطوة السعودية المتهورة وتحديد مسار لتخفيف الأزمة.

ووفقاً لعدة مصادر تحدث إليها الموقع، فإن النظام السعودي رأى أن سعد الحريري ليس قوياً بما فيه الكفاية لمواجهة ​إيران​ و​حزب الله​، فقرر استبدال أخوه بهاء به، ورغم مدح الرئيس ترمب لسعد الحريري على جهوده في مكافحة تنظيم الدولة، وإمكانية اندلاع حرب مدمرة بين لبنان وإسرائيل بسبب استقالة الحريري، وهما ركيزتان مهمتان لأميركا في المنطقة، فإن ذلك لم يحصّن الحريري من خطط النظام السعودي التي رسمها للمنطقة.

ولفت التقرير إلى أن النظام السعودي كان عازماً على اتخاذ لبنان ساحة مباشرة لكبح جماح إيران بطريقة مباشرة وقوية، ومن ثم كانت الأحداث الدرامية التي تطورت على مدار أسبوعين، والتي كشفت أسلوب الحكم الذي ينتهجه النظام في السعودية، والتي أوضحت مخاطر عدم التصدي للقوتين الإقليميتين المتنافستين في الشرق الأوسط: إيران والسعودية.

وأوضح تقرير "أيه بي سي" أن الولايات المتحدة وجّهت ضربة قاتلة لخطة السعودية في لبنان؛ ففي 10 تشرين الثاني من الشهر الماضي، التقى الوزير السعودي ​ثامر السبهان​ الذي يشرف على شؤون الخليج ولبنان، مع ديفيد ساترفيلد، أعلى مسؤول أميركي عن الشرق الأوسط في ​وزارة الخارجية الأميركية​؛ إذ وصف اللقاء بالصعب، وفيه وجّه ساترفيلد رسالة واضحة للسبهان أن واشنطن لا تدعم مطلقاً الإطاحة بالحريري.

وأشار التقرير إلى أن السبهان تلقى الرسالة ذاتها من مجلس الأمن القومي الأميركي، وطلب منه التراجع عن خطوة الإطاحة بالحريري، وأكد التقرير أن موقفي فرنسا وأميركا كانا متوافقين حول ضرورة إبعاد لبنان -ومعه الحريري- عن الصراعات بالوكالة بين طهران والرياض.