كشفت مصادر سياسية لـ"النشرة"، عن أجواء تشاؤمية تهدد جديا جوهر ​القضية الفلسطينية​ على خلفية قرار الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ باعتبار ​القدس​ عاصمة ​اسرائيل​ ونقل السفارة الاميركية من "تل أبيب" اليها، اذا لم يستطع الموقف الفلسطيني ومعه العربي والاسلامي من التصدي لهذا القرار كونه بداية لتصفية القضية.

وأوضحت المصادر، انه بعد القرار الاميركي الخاص بالقدس يعني تراجع فرص إستئناف عملية السلام او بقاء الادارة الاميركية كشريك فيها، فإن المخاوف تتزايد من مخطط لإنهاء وكالة "الاونروا" كونها المسمار الاخير في نعش القضية وشطب ​حق العودة​ وفرض ​التوطين​.

وقاطعت أوساط فلسطينية لـ"النشرة"، هذه المخاوف مع ما أبلغه مسؤول أمني ​لبنان​ي رفيع المستوى لقوى فلسطينية خلال لقاء عقد منذ ايام من معلومات عن مخطط دولي لانهاء وكالة "الاونروا" تحت ذريعة العجز المالي، فيما الحقيقة هو قرار سياسي أميركي-اسرائيلي لانهائها وشطب حق اللاجئين بالعودة بعد قرار اعتبار القدس عاصمة اسرائيل.

المسؤول الأمني نصح القوى السياسية واللجان الشعبية بوضع خطة تحرك احتجاجي لافشال هذا المخطط مثلما فعلوا في العام 2016، حين قررت وكالة "الاونروا" تقليص خدماتها الصحية والتربوية والاجتماعية، فقامت "انتفاضة" سياسية وشعبية، ولم تهدأ سوى بالتوصل الى "تسوية" مقبولة، تراجعت فيها ادارة "الاونروا" عن قراراتها وخاصة الصحية منها.

وما لم يقله المسؤول الامني اللبناني، اوضحته مصادر فلسطينية ان ​وكالة الاونروا​ اليوم تمر بمرحلة عجز تصل الى نحو 50 مليون دولار، بعد حصول ادارتها على تعهدات بدعم مالي في اجتماع وزاري استضافته ​منظمة التعاون الإسلامي​ في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة في 22 أيلول الماضي تحت عنوان "منح الأمل للاجئي فلسطين"، بعدما وصل العجز المالي لعام 2017، نحو 126 مليون دولار ليصل إلى 77,5 مليون دولار ثم الى 50 مليون دولار اميركي.

وتوازيا مع العجز، فان اسرائيل تسعى بجهود حثيثة لحل وكالة "الأونروا" وصولا الى شطب "حق العودة"، وقد بدأت بخطتها تدريجيا بمحاولة تغيير واقع عمل "الأونروا" وإلغاء صفة "لاجئ" عن الفلسطينيين، حيث قاد رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​، جهودا كبيرة بالتعاون مع أميركا ودول أوروبية من اجل ذلك، عبر ضغوط مارسها على ​الأمم المتحدة​، لوقف عملية "توريث صفة اللاجئ"، اي الغائها بحيث يتساوى أطفال اللاجئين الجدد مع غيرهم من الفلسطينيين ممن لا يحملون هذه الصفة مستقبلاً، في خطوة تهدف إلى إنهاء الملفّ تماما.

وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، إن قضية اللاجئين تُشكّل خطراً كبيراً على "بقاء دولة الاحتلال"، مشيرة إلى أن "الأونروا" تمرّ بمرحلة خطيرة للغاية، اذ باتت تتأثّر بالضغوطات الإسرائيلية والخارجية، ترجمت بالتلويح بعدم دفع رواتب الموظفين، وقف التوظيف داخل مؤسساتها؛ او توظيف غير اللاجئين وصولا الى تقليص خدماتها وانهاء بعضها او استبدالها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، وقف توزيع الاعانات واستبدالها بمساعدات مالية نقدية كل ثلاثة اشهر، علما ان توزيع الاعاشة على رمزيتها واقتصارها على ذوي حالات العسر الشديد كانت ترمز الى اللجوء وبقاء "الاونروا" كشاهد عليه.

بين العجز ومحاولة حل "الاونروا"، تتقدم المخاوف من تطبيق "صفقة القرن"، فيما تتفق ​القوى الفلسطينية​ على ضرورة رسم خارطة طريق لمواجهة كل هذه المخططات، وأبرزها انهاء الخلافات والسير قدما في المصالحة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني الجامع وتفعيل مؤسسات "​منظمة التحرير الفلسطينية​"، تنسيق الموقف مع ​الدول العربية​ والاسلامية، استمرار التحركات الاحتجاجية بطريقة منظمة بحيث ترفع الصوت الاعتراضي دون ان تؤدي الى خلافات جانبية، مؤكدة انها تسعى للضغط على الاونروا لتحمل مسؤولياتها كاملة دون المساس بها قناعة منها أن نزع صفة اللاجئ من الفلسطيني تعد محاولات بائسة"، وإن "الأمم المتحدة أوجدت الأونروا وفقاً للقرار 302، وهي الجهة الوحيدة المخوّلة بحلّها، وانه ما دام الاحتلال قائماً فإن صفة لاجئ ستبقى ملاصقة لكل ​اللاجئين الفلسطينيين​ حول العالم، إلى أن يتم وضع حلول عادلة لقضيّتهم من قِبل المجتمع الدولي".

بينما تبرر "الأونروا"، التي تقدم خدماتها لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني في خمس مناطق، قرارات التقليص الأخيرة التي طالت اللاجئين في الأراضي الفلسطينية والشتات بالقول إن الدول المانحة خفضت من الدعم المقدّم لوكالة الغوث.

و"الأونروا" إحدى الوكالات التابعة للأمم المتحدة، تم إنشاؤها من قبل الجمعية العمومية عام 1949، لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؛ في ​الأردن​، ولبنان، و​سوريا​، و​الضفة الغربية​، و​قطاع غزة​، حتى إيجاد حل عادل لمحنتهم.

يذكر ان نتانياهو كان قد دعا قبل أشهر قليلة إلى "تفكيك الأونروا؛ بزعم عملها على تأييد الصراع وعدم المساهمة في حله"، وليس ذلك وحسب، فقد كشفت القناة الإسرائيلية السابعة تشكيل مجموعة ضغط جديدة هدفها الرقابة على عمليات (الأونروا)، والمطالبة بإجراء تغييرات جوهرية على صلاحياتها وقد وصل الأمر بالسفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة، داني دانون، إلى القول في رسالة وجهها ل​مجلس الأمن الدولي​ بـ "وجود علاقات بين أفراد في "الأونروا" و"حماس"، وأن الأخيرة بدلاً من أن تستخدم المدارس كمراكز للتعليم حوّلتها إلى معسكرات لتنفيذ هجمات ضدّ إسرائيل".