ما بين جنيف 8 وزيارة الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ إلى سوريا، جاء الموقف الذي أبلغه المبعوث الدولي ​ستيفان دي ميستورا​ لوفد المعارضة إلى المؤتمر، بأن تغيير النظام يكون عبر الدستور أو الانتخابات فقط، وبأنها لم تعد تمتلك مظلّة دولية داعمة لها، الأمر الذي تعترف به مصادر مطلعة من هذه المعارضة، عبر "النشرة"، مشيرة إلى أن ضغوط كبيرة تعرضت لها على مدى الأيام الماضية للتراجع عن بند السلطة الإنتقالية والبحث في مصير الرئيس السوري ​بشار الأسد​.

وتوضح هذه المصادر أن مسار جنيف عملياً لم يعد قائماً، نظراً إلى بروز أكثر من مسار آخر، خصوصاً آستانة المدعوم من قبل كل من ​روسيا​ و​تركيا​ و​إيران​، ومسار سوتشي الذي تفضله موسكو في إطار البحث عن حلٍّ سياسي، رغم رفضه من جانب قوى المعارضة الأساسية حتى الآن، وتضيف: "كل الأزمة بات ينظر إليها اليوم من بوابة الحرب على الإرهاب فقط لا غير، في حين أن مناطق النفوذ باتت مقسّمة بشكل واضح".

في هذا السياق، يعترف معارض سوري بارز، عبر "النشرة"، بأن الصورة اليوم سوداوية، خصوصاً أن الجانب الروسي بات هو المسيطر على مختلف مفاصل الأزمة السوريّة، بينما الجانب الأميركي يركز فقط على قناة "​قوات سوريا الديمقراطية​"، التي أمّنت له وجود قواعد عسكرية طويلة الأمد، في حين أن القوى الإقليمية، لا سيما تركيا و​السعودية​، منشغلة بأوضاعها الداخلية وبساحات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها.

في ما يتعلق بالموقف الأوروبي، يشير المعارض السوري إلى أن بعض الدول الأوروبية باتت تنصح قوى المعارضة بالتقرب من موسكو، على قاعدة أنها الوحيدة القادرة على الحلّ والربط في الأزمة، ويضيف: "منذ أشهر طويلة باتوا لا يتحدثون معنا إلا عن محاربة الإرهاب، لا سيما بعد العمليات التي حصلت داخل بلدان الإتحاد"، ويتابع: "من هذا المنطلق نعم قوى المعارضة لم تعد تمتلك مظلة دولية يمكن لها الرهان عليها بأي شكل من الأشكال".

ويلفت المعارض نفسه إلى أن التهديد بمؤتمر سوتشي هو من الضغوط التي تتعرض لها قوى المعارضة، مع العلم أنها حتى الساعة ترفض حضور هذا المؤتمر، ويوضح أن الإبقاء على مسار جنيف هو أفضل بكثير من الذهاب إلى مسار آخر تكون موسكو الأمر والناهي فيه، لكنه يعتبر أن أي تراجع قد تقدم عليه قوى المعارضة سيكون بمثابة "الفخّ"، لا سيّما أن كل ما يُطرح لا يمكن أن يرقى إلى مستوى الحل، ويسأل: "كيف سنواجه الشعب السوري في حال خرجنا اليوم لنقول له، بعد كل ما حصل، أن مصير الأسد خارج النقاش"؟، ويضيف: "أي وفد تفاوضي لا يملك صلاحية القبول بذلك، ولا يمكن الإقدام على مثل هذه الخطوة، خصوصاً أن هذا الأمر لن يؤدي إلى حل المشكلة، لأن فرض الأسد من جديد لن يأتي بالأمن والإستقرار".

وفي حين يعترف هذا المعارض بضيق الأفق أمام قوى المعارضة، بعد التحولات التي باتت تسيطر على المشهد السوري العام، لا يتردد بالقول أن بعض الجهات الدولية والإقليمية أبلغتهم، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ما معناه أن "اللعبة انتهت"، وبأن المطلوب منهم أن يكونوا أكثر واقعية في التعاطي مع التطورات، لكنه يوضح أن أحداً لم يقدم أي شيء مقنع حتى الآن، ويذهب إلى القول أن العسكرة العشوائية لـ"الثورة" كانت على ما يبدو الخطأ الأكبر، لا سيما أنها فتحت المجال أمام دخول الجماعات الإرهابية على الخط، ويتابع: "بعد ذلك نجح النظام في إستغلال هذه الورقة إلى أبعد حد".

في المحصلة، يجزم المعارض السوري بأن المعارضة سقطت بسبب تخاذل القوى الإقليمية والدولية التي كانت داعمة لها، لكنه يسأل: "هل يعني ذلك الحل"؟ ليجيب: "لا أعتقد ذلك".