وصل الى مكاتب "​النشرة​" بعد ساعات على نشر التقرير عن جريمة قتل البريطانية ​ريبيكا ديكس​ وما رافقها من حديث عن شركة "أوبر" ومشاكلها، ردّ من قبل أحد اللبنانيين العاملين ضمن فريق "أوبر" يتحدث فيه عن عمل الشركة ورأيه بالهجوم عليها، لذلك كان لزاما اولا نشر الرأي الآخر، وثانيا بتوسيع التحقيق في عمل هذه الشركة في لبنان، وخصوصا بعد تحذير وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ من استعمالها.

اعتبر الشاب اللبناني العامل في شركة اوبر في ردّه أننا "نعرض وجهة رأي واحدة وهي لمن يعتبر نفسه نقيب أصحاب مكاتب التاكسي في لبنان". وقال: "أنا اعمل حاليا كسائق عمومي ومسجل في "أوبر"، أنا أملك اللوحة العمومية والسيارة ولديّ رخصة مزاولة مهنة كسائق عمومي من ​وزارة العمل​ كما أن العمل مع اوبر يتطلب تقديم سجل عدلي، فلماذا التركيز على سائقي هذه المؤسسة"؟.

واضاف: "أنا لا أدافع عن أوبر بل استفزني مقال شارل أبو حرب الذي يريد ايقاف عمل أوبر في لبنان لانه غير شرعي والسائقين غير مرخصين"، معتبرا "أن نشر الخبر من قبلنا الى جانب الصحف والمواقع مع التركيز على أن القاتل سائق من "أوبر" دون الأخذ بوجهة النظر والرأي الاخر هو تواطؤ مع اصحاب مكاتب التاكسي وإلحاق الضرر بنا نحن الذين وجدنا سبيلا للتحرر من إجحاف وتسلط اصحاب المكاتب، سائلا "لماذا لا يتم ذكر سياراتهم التي تحمل أرقام اللوحة العموميّة ذاتها، والسيارات ذات اللوحات الخصوصيّة التي يستعملونها لنقل الزبائن".

بعد نفيه أن تُستعمل سيارات بلوحات بيضاء في عمل "أوبر"، يؤكد السائق حامل الاجازة في الإعلام في حديث لـ"النشرة" أن القوانين المتبعة في "توظيف" السائقين توجب على كل سائق تقديم سجله العدلي "النظيف"، واوراق سيارته العموميّة وان يكون سائقا مسجلا في نقابة ​السائقين العموميين​ وبحوزته رخصة لمزاولة هذه المهنة".

من جهته لم يوافق نقيب ​السيارات العمومية​ في لبنان عبد الامير نجدة على كل ما ورد أعلاه، اذ برأيه أن السيارات الخصوصيّة تُستعمل في تقديم خدمة "أوبر"، ويشير في حديث لـ"النشرة" الى أنه "ليس صحيحا أن السائقين الذين يعملون عبر التطبيق المذكور هم حصرا من المسجلين في النقابة".

"النشرة" تجرّب "أوبر" وتزورها

للوقوف على المزيد من التفاصيل حول عمل هذا التطبيق قمنا بطلب هذه الخدمة للتنقل بين فرن الشباك والعدليّة. ثوان معدودة ويقترح عليك التطبيق سائقا قريبا منك، يخبرك عن اسمه ويكشف لك صورته ورقم هاتفه بالإضافة الى نوع سيارته وسعر الخدمة. قمنا بتأكيد الطلب عبر الإتصال بالسائق الذي يتوجه الى مكان الزبون باستعمال الخريطة. كنا ننتظر أن تأتينا "لوحة" خصوصية فلم تأت، فالتطبيق أرسل لنا نوع ولون السيارة المتوجهة لتقلّنا وهي ذات لوحة عمومية. أقل من 5 دقائق وكنا في السيارة.

للأمانة سجّلنا حديث السائق وستنشر "النشرة" مضمون الحديث، فبعد مداخلة عن "اوبر" وما حصل في جريمة القتل، سألنا عن الشروط المفروضة للعمل مع هذه الشركة، فكان الجواب "افتح "تابلو" السيارة". "منذ أسبوعين بدأت العمل معهم وهذه الاوراق التي قدمتها اليهم ومنها السجل العدلي واوراق تثبت امتلاكي للوحة عمومية"، يقول السائق، مشيرا الى أن المشكلة التي يجب على "أوبر" حلّها هي امكانية عمل السائق معها ومع غيرها ولحسابه الخاص بنفس الوقت. ويضيف: "يمكنني ان أغلق التطبيق وأن أفتح تطبيق كريم واعمل وهكذا هي حال أخي، واظن أن هذه معضلة يجب حلّها وجعل من يعمل مع أوبر ملزما ألاّ يعمل مع غيرها".

لم تكتفِ "النشرة" بتجربة خدمة "أوبر" بل بحثت عن مكتبها وقصدته في "بناية زرقاء" في وسط بيروت، وطلبت الاستفسار حول عدّة أمور. طاولات مكاتب صغيرة في الباحة الخارجية مع موظفين شبان يتم عبرهم تسجيل السائقين الراغبين بالعمل، ومكتب مقفل خرج منه "روي" الذي أخبرنا بأن المخوّلين بالرد على اسئلة الصحافة غير متوفّرين في هذا المكتب، واعدا أن يرسل المعنيون بريدا بالاجوبة وهو ما لم يحصل حتى الآن.

أخيرا بالنسبة لسلامة الخدمة، تلفت مصادر الشركة الى أنه يجب التنبه بأنه عندما يرسل "أوبر" للزبون المعلومات الشخصية عن السائق، يصبح من واجب الزبون أن يتأكد من الشخص (السائق) الذي يأتي اليه، وهكذا يصبح التلاعب وتبديل السائقين والسيارات أمرا مستحيلا، كذلك المطلوب من الزبون عدم القبول باستعمال سيارة خصوصية ان وُجدت وعليه ابلاغ الشركة بالأمر فورا، أما بما يتعلق بسرية المعلومات "الشخصية" وتحديدا البطاقة المصرفية فأيضا يجب الاشارة الى أنه بالإمكان الدفع نقدا. كذلك كان لافتا قيام الشركة بإرسال بريد الكتروني بعد إتمام "التوصيلة" يسألون فيه عن رأي الزبون ويحددون له المسلك الذي سلكه السائق ووقت الرحلة وتجديد ذكر اسمه وصورته.

دعونا لا نربط بين جريمة القتل و"أوبر"، اذ لا علاقة بينهما حتما وكان يمكن أن يكون القاتل موظفا في أي شركة أو سائقا يعمل لحسابه الخاص، ولكن من الجيد الاشارة الى أمرين، الاول ايجابي والثاني سلبي: فالاول هو أن "أوبر" تقوم بما عليها لناحية الخدمة السليمة والآمنة، ولعل ما قالته إحداهن عن "أن خطورة التاكسي ليلا لا تكمن بالشركة المشغّلة بل بالعقول المريضة المتزايدة لدى البشر"، والثاني هو أن الشركة لا تتعاون كما ينبغي لناحية تقديم الأجوبة الكاملة عن التساؤلات المطروحة بشأنها، ما يعني أنها ستبقى متّهمة ببعض الأمور وتحديدا تلك المتعلّقة بالتزامها بالقوانين التجاريّة والماليّة والضرائبيّة للبلدان التي تعمل فيها. فهل فعلا يتم محاربة "أوبر" لهذه الأسباب أم لأسباب "ماليّة" أخرى؟.