نوّه رئيس حزب "الكتائب ال​لبنان​ية" النائب ​سامي الجميل​، في رسالة وجّهها إلى القضاة، إلى "أنّني أكتب إليكم هذه الرسالة على أمل أن تقرأوها رغم ثقل الأعمال المفروضة عليكم بسبب الدعاوى غير الملائمة والمتعلّقة ب​حرية التعبير​. أكتب اليكم حبّاً بالعدالة والحرية اللتين تسمحان للبنان بالصمود رغم كلّ الإستثناءات الّتي نشهدها في المنطقة".

وأكّد الجميل، أنّه "لم يعد خافيًا على اللبنانيين تسخير السلطة للقضاء لغايات خاصّة. فهذا الكمّ من الدعاوى المقدّمة ضدّ صحافيين وسياسيين معارضين للحكومة لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام. وإنّي لن أتناول في رسالتي هذه مضمون كلّ هذه الدعاوى، رغم اعتقادي أنّ غالبيتها لا يستحقّ أن يهدر المدعي العام وقته الثمين للنظر فيها"، مشدّداً على أنّه "مهما كان رأيكم السياسي أو معتقدكم الديني فإنّ طبيعة رسالتكم تحتّم عليكم التصرّف بسلطة ذات أهمية قصوى، لذلك فإنّ اهتمامكم يجب أن يكون منصبّاً بالدرجة الأولى على حماية الحريات العامة وصون الدستور من أي مسّ قد يتعرّض له من أي جهة كانت".

ولفت إلى أنّ "هذه المسؤولية تتخطّى الحدود الفردية عندما تطلبها السلطة السياسية، إن كان بطريقة مباشرة من خلال وزير العدل أو بطريقة غير مباشرة عبر أشخاص ينتمون إلى الخطّ السياسي التابع للسلطة"، مشيراً إلى "أنّني أكتب إليكم أيها القضاة وليس لهؤلاء الأحرار، فأنا لست واثقًا بأن القاضي الّذي قبل بملاحقة ​غسان تويني​ على سبيل المثال لم يأمل في لحظة ما العودة في الزمن إلى الوراء لمحو هذه النقطة السوداء من سجله المهني، وممّا لا يقبل الشكّ أنّ غسان تويني يومها خرج من هذه الملاحقة أكبر وأعظم".

وبيّن الجميل، أنّ "في الديمقراطيات، فإنّ السلطة تستمدّ شرعيّتها من إرادة الأكثرية الشعبية، وفي الوقت نفسه تتمتّع المعارضة بحقّ الإنتقاد المصان، ومهما كان هذا الإنتقاد لاذعًا يجب أن يتمتّع الإعلام والمواطن بحصانة تجاه الحريات العامة وتجاه التعسّف باستعمال الحقّ، وهنا يكمن دور العدالة"، مشدّداً عل أنّ "في لبنان، وللأسف فإنّ الوضع أدقّ من ذلك بكثير، ف​الحكومة​ الحالية تحظى بدعم حزب عسكري أسهم بشكل كبير في تشكيل هذه الحكومة، وبالتالي فإنّ كلمة المعارضة والإعلام تصبح أكثر من حقّ مقدّس، بل هي بمثابة علّة وجود لا نقاش فيها لبقاء لبنان".

وأشار إلى أنّه "ليس مُفاجئًا أن تختار السلطة في لبنان كمّ الأفواه المُنتقدة وليس مفاجئًا أيضًا أن تعمل على تسخير المحاكم لتحقيق هذه الغاية، وما يسهّل كلّ ذلك الطغيان هو التعددية الحزبية القائمة في الحكومة"، مركّزاً على أنّ "الحدود الّتي تفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية باتت هشّة في لبنان. ولا يمكنكم تجاهل التحفّظ الّذي أبداه مجلس ​القضاء​ الأعلى لكي لا نقول القلق الّذي عبّر عنه في هذا الخصوص، وعندما نرى التحفّظ الّذي أبدته هذه السلطة المحترمة يصبح من السهل تصوّر أن حدودًا قد تمّ تخطّيها".