يشبه زعيم ​المختارة​ النائب ​وليد جنبلاط​ سنابل القمح التي تنحني امام العواصف بانتظار انحسارها، لتقف من جديد، وهو ايضا يمارس فلسفة "اليوغا" تجاه مواقفه ليطوّعها تبعاً للاحداث التي تجري على الساحة ال​لبنان​ية، والتي حفلت في الفترة الاخيرة بالمفاجآت والتبدلات في التحالفات والانشقاقات في سقف العلاقات بين حلفاء الامس حيث سيطر الضباب على التصريحات والمواقف.

ولكن رغم كل ذلك، بدت الامور تسير في اتجاه توحيد الرؤى على الصعيد الداخلي والخارجي والتطبيع، حتى تلك التي لم تجمعهم مادة كيميائية واحدة وهما "​حركة أمل​" تيار رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ و"​التيار الوطني الحر​".

فبعد شهر العسل النفطي اتى المرسوم الشهير المتعلق بمنح اقدمية سنة للضباط الذين تخرجوا إبان تسلّم رئيس الجمهوريّة العماد ​ميشال عون​ ​رئاسة الحكومة​ العسكرية (في تسعينيات القرن الماضي) ليعيد المور الى نقطة لا يرغب احد باستعادة تجربتها، فكانت الفرصة السانحة لتزكية الخلاف بدل تدوير الزوايا رغم ان الغمز من قناة القضاء من خلال الاعلام كانت غير موفقة من قبل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

اوساط متابعة للملفّ ترى ان هناك مساعٍ لتدوير الزوايا لانعدام الرغبة لدى الافرقاء بتوسيع الشرخ وخلق مناخ توتر عال، كما أنّ من غير المسموح تجاوز السقف التي وضعته كل القوى السياسية لتجنب اي توتير للساحة الداخلية.

رغم ان تغريدة وليد بيك حول موضوع "المرسوم الازمة" كان يفوح منها العطر الذي يجمع بين زعيم المختارة وقصر ​عين التينة​، الا ان مصادر مقربة من "ابو تيمور" تؤكد انه كان من الافضل التفاهم على الملف الذي يأخذ بُعدًا حساسًا احيانا قبل طرحه، وكان لا بد من عدم اخراجه الى الاعلام بالطريقة التي خرج به بعد حصول التوقيع، ورغم ذلك فان رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي يكنّ مودة لرئيس الجمهورية ميشال عون ولا يريد ان يظهر وجود تباين في مواقفه معه، ولكن لديه الرغبة ان يتم ايجاد مخرج لهذا المرسوم من دون ان يكون توقيعه سببا لتوتير الاوضاع السياسية، بين القوى التي اتفقت على التفاهم السياسي رغم انه يضر بها، لكنه يفيد الوضع اللبناني من الناحية الاقتصادية والسياسية والامنية، حتى ولو كان حصر الخلافات الى حدود بعيدة يضعف بعض القوى الشريكة في التفاهم، ولكنه يعود في المقابل بالاستقرار على لبنان لعدم توفر سبل معالجة جدية للازمة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد، الا من خلال الاستقرار في المناخ السياسي والامني والقضائي، فالثقة بالقضاء مسالة أساسيّة أينما كانت لانها تسهم في زيادة الاستثمارات والحركة.

وتضيف المصادر ان جنبلاط يأمل باستمرار هذا التفاهم وهو في خلفيته يدرك ان رئيس الجمهورية لديه قدرة على ايجاد مخارج للتفاهمات، وهو اثبت انه يتصرف كرجل دولة من الطراز الارقى.

اما زيارة ​تيمور جنبلاط​ التي اخذت حيزا من التعليقات لناحية التقليد الذي درج عليه النائب وليد جنبلاط بشكل دوري لتهنئة سيد ​بكركي​ بحلول عيد ميلاد السيد المسيح، واللغط حول ما ورد على لسان نجله في ختام الزيارة التي وصف فيها الخطابات بـ"بلا طعمة"، لفتت هذه المصادر الى ان عدم حضور جنبلاط الأب الى بكركي كما العادة لم يأت في سياق تغيير الموقف من بكركي، انما هو كلف نجله تيمور للقيام بهذه المهمة وفي هذا التكليف رسائل واضحة، الاولى، تؤكد على استمرار العلاقة مستقبليا مع الصرح البطريركي والتفاهمات التي حلت، والثانية هي خطوة لاطلالة نجله في مثل هذه المناسبات، التي لها اهمية خصوصا عند المسيحيين ولم يرد تيمور الادلاء بأي تصريح حسب اوساطه من باحة الصرح، كما اشار في تغريدته بأن المناسبة تقليدية للتهنئة، وهو لم يقصد في الدردشة مع المحيطين به لناحية وصفه بعض الخطابات بـ"بلا طعمة" احدا، ولم يكن يعلم ان بعض الكاميرات ترصده وهو لم يقصد اي خطاب، كي لا يعتبر احد انها كنوع من الرد على بعض الخطابات او التصريحات التي ادليت في بكركي كون بعضهم ذهب بعيدا في هذا الامر معتبرا انه ردا على الرئيس عون، وهذا الامر غير صحيح لا سيّما وانه لم يكن مطّلعا على ما قاله الرئيس بعد.