لم تمض ايام عدة على قول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب ​محمد رعد​ ان ​حزب الله​ يعتز بوجود العماد ​ميشال عون​ في سدة الرئاسة، حتى جاء رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ لينعي ​الطائف​ والدستور والميثاقية، على خلفية توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة مرسوم منح الترقيات لضباط "دورة عون" من العام 1994، مما اعتبر اتهاما مباشرا للرئيس بأنه يخرق الدستور ويعرض الميثاقية للخطر .

وقالت مصادر نيابية انه لم يعد خافيا على احد خاصة بعد اعتراف الجميع بمن فيهم رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي ان التباين الحاصل بين بعبدا و​عين التينة​ تخطى الامور التقنية وتطبيق المادة 54 من الدستور، ليصبح خلافا سياسيا، لم يفصح بعد اي منهما عن تفاصيله وخلفياته، مع ان مجلس رئيس الوزراء ​سعد الحريري​ أكد ان "الخلاف في شأن مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994 يجب ان يوضع في مكانه الصحيح. فهو شأن صغير في بلد صغير يعاني من مشاكل عدة".

وأضاف "هناك وجهات نظر قانونية ودستورية في شأن هذا المرسوم، وهناك حلول في المقابل شرط ان يتم وضع المشكلة في إطارها الصحيح، وعدم تضخيمها اكثر مما هي عليه".

مصادر نيابية في تكتل "التغيير والإصلاح" رأت ان الالتزام بما قاله رئيس الحكومة هو الحل الممكن والمنطقي لهذه الازمة، لكنها استدركت قائلة بأن الذي دفع رئيس الجمهورية للحديث عن "الصراع السياسي" هو التسريبات من عين التينة الى الاعلام التي تجاوزت الخلاف القانوني حول المسار الذي اتخذه توقيع المرسوم، الى اتهام رئيس الجمهورية بخرق الطائف، والكلام عن الخلل في التوازن الطائفي في الجيش بسبب المرسوم، في اشارة الى ان المسلمين أقلية والمسيحيين اكثرية، وكذلك رد وزير المال ​علي حسن خليل​ مرسوم ترقية ضباط من رتبة عقيد الى عميد، اضافة الى ما تردد في صحف تدور في فلك الثنائي الشيعي عن مقاطعة وزرائهم جلسات مجلس الوزراء.

وفسّرت هذه المصادر مواقف رئيس ​حركة أمل​ هذه بأنه توجه الى إلزامية توقيع وزير المال الشيعي على كل المراسيم حتى العادية خلافا لنص المادة 54 التي لم تذكره بالتحديد بل اشارت الى الوزراء المختصّين .

ولفتت المصادر الى أن دستور الطائف كان واضحا في تحديد صلاحيات ​المؤسسات الدستورية​ الثلاث، وحرص على التوازن بينها، مشيرة الى ان الخلل اليوم يكمن في وجود محاولة لتكريس رباعيّة التوقيع اي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص، ووزير المال على كل المراسيم، وهذا الامر لم يأتِ الدستور على ذكره، مما يؤثر على التوازن بين السلطات، خاصة وان الصلاحية المعطاة للوزير بعدم التوقيع على المراسيم حتى الصادرة عن مجلس الوزراء هي صلاحيات مطلقة، اي يمكن ان يترك المرسوم في الأدراج، بينما رئيس الجمهورية ملزم وحسب الدستور بخمسة عشر يوما للتوقيع وإلا يصبح المرسوم نافذا .

وأملت المصادر ألا يكون هناك نوايا مبيّتة لـ"كَرْبَجَة" العهد بعد التعاون الواضح بين الرئاستين الاولى والثالثة، مع توجه واضح لقيام تحالف انتخابي بين التيار الأزرق بزعامة رئيس الحكومة سعد الحريري و​التيار الوطني الحر​ والزعيم الروحي لهذا التيار الرئيس ميشال عون .

وبالرغم من ان مصادر سياسية في ​قصر بعبدا​ نَفَت علمها حتى الان بوجود اي تحرك من قبل حزب الله باتجاهها لحلّ الازمة، هناك قناعة لدى معظم ​الكتل النيابية​ والدوائر الرسمية ان حل هذه المعضلة التي وصلت الى وضع خطير، غير ممكن الا بتدخّل مباشر من الامين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​ الذي يتمتع بثقة عالية عند عون وبري، خصوصًا وان الحريري وضع اصبعه على الجرح بتحذيره من ان "أي توتر سياسي ينعكس توترا في البلد ككل. ونحن في غنى عن اي توتر سياسي داخلي، في ظل ما يحصل حولنا في المنطقة من جنون وحروب ودماء".