في حال صدقت السُلطة السياسيّة ونظّمت ​الإنتخابات النيابية​ في 6 أيّار المُقبل، فإنّ باب الترشيحات سيُقفل في 6 آذار بحسب المادة 46 من القانون الإنتخابي الجديد(1)، أي بعد نحو ثمانية أسابيع فقط من تاريخ اليوم. وبحسب المادة 52 من القانون نفسه(2) على هؤلاء المُرشّحين أن يتوزّعوا على اللوائح المُتنافسة قبل الأسبوع الأخير من آذار المُقبل. وبالتالي، مع إستمرار العدّ العكسي السريع لدورة الإقتراع النيابيّة الأولى من نوعها منذ العام 2009، ما هي التحالفات التي حُسمت، وما هي التحالفات التي ستُحسم قريبًا؟.

لا شكّ أنّ مُختلف الأحزاب والقوى والشخصيّات السياسيّة تعتمد سياسة تكتّم شديد بالنسبة إلى موضوع التحالفات، حفاظًا على أوراق التفاوض التي تملكها، خاصة أنّه من الأفضل إستنزاف كامل المهلة المُتاحة قانونًا لعقد التحالفات لإرباك لوائح الخُصوم. لكن وعلى الرغم من ذلك، يُمكن الحديث من اليوم عن تحالفات أُنجزت وحُسمت، وأخرى تحظى بفرص كبيرة. وفي هذا السياق، يُمكن تعداد ما يلي:

أوّلاً: التحالف بين كل من "​حزب الله​" و"​حركة أمل​" مَحسوم، في ظلّ تفاهم كامل بين الطرفين على توزيع المقاعد مُناصفة بينهما. لكن وفي حين تمّ إنجاز القُسم الأكبر من تفاصيل هذا التحالف، لا تزال بعض الدوائر محطّ أخذ وردّ بين الطرفين، لجهة أن يكون الترشيح فيها لصالح "الحزب" أو "الحركة" أو لكليهما معًا، حيث يخضع النقاش في هذا الصدد لمسألة رفع حُظوظ فوز "الثنائي الشيعي" من جهة، وعدم إحراج أي منهما في تحالفات إنتخابية مع جهات سياسيّة مُختلفة من جهة أخرى.

ثانيًا: التحالف بين "التيار الوطني الحُر" و"حزب الله" سيتمّ أيضًا في أغلبيّة الدوائر التي يتواجد فيها جُمهور كل من القوّتين السياسيّتين، لكن رغبة "الوطني الحُر" بالتحالف أيضًا مع "تيّار المُستقبل" في بعض الدوائر، وتحديدًا في تلك ذات الكثافة السُكانية السنّية والمسيحيّة في آن واحد، على غرار عكار مثلاً، سيجعل الوضع دقيقًا في الدوائر التي سيتواجد فيها الأطراف الثلاثة في آن واحد، على غرار زحلة على سبيل المثال لا الحصر أيضًا. ويتردّد أنّه في هذا النوع من الدوائر سيكون "الوطني الحُرّ" مُضطرًّا للإختيار بين التحالف مع "الحزب" أو مع "المُستقبل" لأنّ التحالف معهما معًا غير وارد.

ثالثًا: مدير عام ​قوى الأمن الداخلي​ السابق اللواء ​أشرف ريفي​ حسم خياره بالتحالف مع "القوى السياديّة"، على غرار حزبي "​الكتائب​ ال​لبنان​يّة" و"الوطنيّين الأحرار" ومع بعض الشخصيّات المناطقيّة من مُستقلّي قوى "​14 آذار​" السابقة. ولم يُعرف بعد إذا كانت هيئات "المُجتمع المدني" التي يسعى اللواء المُتقاعد ريفي للتحالف معها أيضًا، ستقبل أن تكون ضُمن لوائح موحّدة مع بعض الأحزاب السياسيّة، علمًا أنّ ناشطي "المُجتمع المدني" يعملون حاليًا على تظهير ترشيحاتهم النهائية ولوائحهم المُفترضة، ويُمكن أن يكون المخرج التعامل مع كل دائرة على حدة، بحيث لا يُلزم أي تحالف في دائرة مُحدّدة الآخرين في دائرة أخرى.

رابعًا: حزب "القوّات اللبنانية" الذي يُواصل إعلان مُرشحيه في مُختلف الدوائر لمنع مُحاصرته وعزله، يدرس تموضعه في الإنتخابات من منظارين: الأوّل الخلفيّة السياسيّة للقوى وللشخصيّات التي سيتحالف معها، والثاني الخلفيّة الشعبيّة لهذه القوى والشخصيّات، علمًا أنّ المُنازلة الإنتخابيّة بين "القوّات" و"الوطني الحُرّ" تأكّدت، وبالتالي ستكون "القوّات" على لوائح مُنافسة للتيّار "البُرتقالي". ومن العقبات بوجه حزب "القوات" أنّ عدم تحالفه مع "المُستقبل" يعني حُكمًا حاجته إلى رافعة داعمة في الدوائر التي تضمّ ثقلاً إنتخابيًا سُنّيًا، وهذا الأمر سيقوده نحو اللواء المُتقاعد ريفي، مع بروز مُشكلة هنا تتمثّل في ضرورة أن يكون كل من حزبيّ "القوّات" و"الكتائب" مُتوافقان مُسبقًا، لأنّه من غير المُمكن أن يتحالف كلّ منهما مع ريفي وهما في حال مُنافسة إنتخابيّة.

خامسًا: "تيّار ​المردة​" يدرس خياراته، وهو يرغب بالتحالف مع "​الحزب القومي​ السوري" ومع شخصيّات مناطقيّة مثل النائب ​بطرس حرب​ في دائرة "زغرتا-البترون-الكورة-بشرّي"، لكنّ "الحزب القومي" يدرس بدوره تحالفاته في كل لبنان دفعة واحدة، وهو يُفضّل أن يكون إلى جانب "التيّار الوطني الحُرّ" في حال إنصافه بالترشيحات، ولا يُريد بالتالي مُعاداة "الوطني الحُرّ" في دائرة رئيس "التيّار" وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​، الأمر الذي من شأنه خلط الأوراق من جديد.

في الختام، لا شكّ أنّ المرحلة لا تزال ضبابيّة بعض الشيء على مُستوى التحالفات النهائية، حيث يُنتظر أن تشهد الأيّام القليلة المُقبلة إستكمال عمليّات الترشيح الفرديّة، قبل أن تبدأ المُفاوضات القائمة حاليًا خلف الكواليس بتظهير اللوائح الإنتخابية النهائية، الواحدة بعد الأخرى.

(1) جاء فيها: "يُقفل باب الترشيح قبل الموعد المُحدّد للإنتخابات بستّين يومًا".

(2) جاء فيها: "يتوجّب على المُرشّحين أن ينتظموا في لوائح قبل أربعين يومًا كحدّ أقصى من موعد الإنتخابات، على أن تضمّ كل لائحة كحدّ أدنى 40 % من عدد المقاعد في الدائرة الإنتخابيّة بما لا يقلّ عن 3 مقاعد، وعلى أن تتضمّن مقعدًا واحدًا على الأقلّ من كل دائرة صُغرى في الدوائر المُؤلّفة من أكثر من قضاء واحد".