ليس من باب الصدفة أبداً أن تلقي القوى الأمنية القبض على ماهر طليس، أحد كبار المطلوبين في بريتال بأكثر من ٥٠٠ مذكرة توقيف، وبعد هذا التوقيف بأيام قليلة، تكر سبحة المداهمات والتوقيفات في دورس وحيّ الشراونة في بعلبك وشانيه وبحمدون وجل الديب ضد تجّار ومروجّي المخدرات وغالبيتهم الساحقة من البقاع الشمالي. نعم ليس من باب الصدفة أبداً لسببين: الأول بحسب المعلومات لأن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ أعطى تعليماته في الإجتماعات الأمنية التي يعقدها بضرورة التشدد مع هؤلاء المطلوبين الذين يفسدون المجتمع، والسبب الثاني يعود الى أن ​حزب الله​ تمنى منذ أشهر عدّة على قيادة الجيش، إلقاء القبض على هؤلاء المطلوبين الذين لا يتخطى عددهم الـ٢٠٠٠ فار من وجه العدالة، وذلك بهدف وضع حدّ لعملية تشويه صورة وسمعة منطقة بعلبك–الهرمل. يومها سمع الحزب من القيادة العسكرية بأن الأولوية في هذه المرحلة هي لمعركة تحرير الجرود، وبعد الإنتهاء من المواجهة مع الإرهاب سنتفرغ لهؤلاء المطلوبين، وهكذا حصل. وفي هذا السياق تقول مصادر بارزة في حزب الله، "صحيح أن عدد مذكرات التوقيف ووثائق الإتصال الصادرة بحق مطلوبين من البقاع الشمالي يصل الى الأربعين ألف مذكرة، لكن هذا العدد لا يعني أبداً أننا نتحدث عن أربعين ألف مطلوب لأن تجار المخدرات وسارقي السيارات ومن يمارسون الخطف مقابل فدية، معروفون وبحق كل واحد منهم عشرات لا بل مئات مذكرات التوقيف ما يجعل عدد المطلوبين الحقيقيين ينخفض الى ١٥٠٠ أو ٢٠٠٠ مطلوب، يهزّون أمن المنطقة ساعة يشاؤون لتحقيق أرباحهم غير المشروعة، ويشوّهون صورتها، وهذا ما لم يعد مقبولاً بعد اليوم لدى قيادة الحزب".

في موازاة ذلك تعمل قيادة الحزب بكل ما لديها لإقرار قانون ​العفو العام​ الذي تعدّ وزارة العدل مسودته. منذ أربعة أشهر تقريباً، أرسلت وزارة العدل الى قيادة الحزب مشروع مسودة لقانون العفو، وضعت الأخيرة ملاحظاتها عليها وأعادتها الى وزير العدل ​سليم جريصاتي​، الذي من المتوقع أن يعود ويرسلها بعد تنقيحها من جديد، الى قيادة الحزب. الآلية عينها تعتمد مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ المهتم أيضاً بقانون العفو العام، نظراً لإنتماء عدد كبير من الموقوفين والمطلوبين الى بيئته وشارعه وطائفته. وفيما تتحدث المعلومات عن حلحلة شهدها موقف رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ حيال قانون العفو، وذلك بعدما كان الأخير رافضاً له في السنوات الماضية، تجزم المصادر النيابية المتابعة أن العفو يحتاج الى توافق سياسي، وعندما يتم الإتفاق عليه بين الأفرقاء، لن يحتاج الى أكثر من أسبوع لإقراره في مجلس النواب بعد تقديم إقتراح قانون.

ومن الآن الى حين إقرار العفو، قام عدد كبير من المطلوبين بالتواري عن الأنظار منعاً لتوقيفهم خلال المداهمات التي تنفّذ، وترددت معلومات في البقاع أن بعضهم أصبح في الداخل السوري، وعندما يصدر العفو ويشملهم، يعودون الى لبنان لتسوية أوضاعهم.

إذاً قانون العفو وضع على النار، فهل يبصر النور قبل ​الإنتخابات النيابية​؟.