لفت رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ في كلمة له أمام أعضاء السلك الدبلوماسي في ​لبنان​ إلى "أنني أتقدّم منكم، ومن شعوبكم ودولكم وممَن تمثّلون، وأيضاً من عائلاتكم ومساعديكم، بأصدق التمنيّات أن يحمل هذا العام، الخير و​الأمن​ والازدهار، رغم كل التحديات".

وأشار إلى "اننا شهدنا ​بيروت​ تستعيد فرحها وتغالب أزماتها وتأبى إلا أن تنشر البهجة والأمل؛ والفرح هو سمة الشعوب الحية التي تتخطى دوماً مصاعبها وتكمل طريقها بعزم وإقدام وثقة بالمستقبل"، متوجهاً بـ"الشكر من قداسة ​البابا​، الذي أبدى في خطابه أمام السلك الدبلوماسي المعتمد لدى ​الكرسي الرسولي​، تفهماً كاملاً لوضع لبنان وتقديره للجهود التي بذلها بموضوع النازحين، مع تشديده على ضرورة عودتهم".

وأفاد أن "​الحكومة​ التي ضمّت كل الأطراف السياسية الرئيسية، ساهمت في إرساء وتأمين الإستقرار حتى لو علت داخلها الأصوات المختلفة أحياناً، إلا أنها تبقى تحت سقف الاختلاف السياسي الذي يُغني الحياة الديمقراطية"، مؤكداً أنه "لا شك في أن إنجاز قانون انتخابات وبعد جهود مضنية، يقوم على النسبية لأول مرة في ​تاريخ لبنان​، سيؤمن مزيداً من الاستقرار السياسي لأنه سيسمح بعدالة أكثر في التمثيل، وأؤكد حرصي على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها".

وأضاف اللرئيس عون "الشأن الاجتماعي والاقتصادي هو الطريق الأصعب، لكننا اليوم وضعنا القطار على السكة، فأُقرت الموازنة بعد غياب أعوام وأعوام، وكذلك قانون الإصلاح الضريبي، وجهدنا سيتركز خلال هذا العام على الشأن الاقتصادي تخطيطاً وتطبيقاً"، مشيراً إلى أن "التعيينات التي حصلت في مختلف مؤسسات الدولة، منحتها حيوية ووضعت نهج عمل مختلفاً ومتقدّماً، سواء في القضاء أو في الإدارة، أو في الأمن حيث ظهرت النتائج جلية ولمسها اللبنانيون كما كل العالم".

وأكد أنه "لا شك أن حفظ الاستقرار الأمني وسط منطقة ملتهبة هو أمر بالغ الصعوبة، ولكننا تمكّنا من تحقيقه ومنع انتقال نار الفتنة الى الداخل اللبناني، وذلك بفضل تضافر كل الإرادات والتنسيق الكامل بين مختلف الأجهزة بعد التعيينات الجديدة في قياداتها"، مشدداً على أن "لبنان انتصر على أشد المنظمات الإرهابية إجراماً ووحشية، وتمكّن جيشنا الباسل من طردها من الأراضي اللبنانية، بعد أن استطاع هو وسائر القوى الأمنية الأخرى من إبعاد خطرها عن الداخل ومنعها من تنفيذ مخططاتها الدموية".

وشدد على أنه "من حق كل دولة أن تقرر مقار سفاراتها في العالم وفقاً للقانون الدولي وبعد اتفاق الدولتين، ولكن اختيار القدس تحديداً من الرئيس ترامب بكل ما تحمل من إرث ديني وبكل ما لها من خصوصية وما تشكل من إشكالية منذ احتلال فلسطين يعمق الفجوة ويبعد السلام ويزيد النار استعاراً في الشرق"، مشيراً إلى أن "السلام، قبل أن يكون اتفاقات على الورق هو شعور داخلي، هو حالة يعيشها المجتمع ويمارسها، والتاريخ يشهد على أن كل اتفاقيات السلام التي فرضتها الحكومات على شعوبها من غير قناعة ومن غير قبول داخلي لم توصل أبداً الى السلام الحقيقي، سلام الشعوب".

وسال الرئيس عون "هل المطلوب شحن النفوس وإشعالها بنار الظلم والحقد لتصبح فريسة سهلة للأفكار المتطرفة وصيداً للتنظيمات الإرهابية؟"، لافتاً إلى أن "السلام لن يكون ما لم تبحث جدياً مشاكل هذه المنطقة من منطلق العدالة لا القوة، وعبر الاعتراف بالحقوق لا الاعتداء عليها".

وتابع "ان الحاجة الى معالجة مشكلة النازحين قد باتت أكثر من ملحّة في لبنان لأنها تضغط بكل ثقلها ومن النواحي كافة، الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، فحتى قداسة الحبر الأعظم دعا حكام الدول التي تستقبل اللاجئين الى احترام الحدود التي يرسمها الصالح العام"، مشيراً إلى أن "النموذج اللبناني هو نقيض العنصرية والأحادية، هو نموذج عيش الوحدة ضمن التعددية والتنوع، والمحافظة عليه وحمايته هما ضرورة للعالم وحاجة".

وأضاف الرئيس عون "أجدّد أمامكم اليوم الطرح في أن يكون لبنان مركزاً دائماً للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق"، مشيراً إلى انه "بالأمس، رفع قداسة البابا الصوت عالياً داعياً المجتمع الدولي لتحمّل مسؤوليّته فعليًّا انطلاقًا من لبنان، كي يبقى "هذا البلد الحبيب"، كما يقول قداسته "رسالة الاحترام والتعايش ونموذجًا ينبغي التمثّل به للمنطقة وللعالم بأسره".