حتى الساعة، لم تحسم أغلب القوى والشخصيات السياسية تحالفاتها في ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، المقررة في شهر أيار المقبل، نظراً إلى أن التطورات، التي رافقت إنتخاب رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ومن ثم أزمة إستقالة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، قلبت المعادلات رأساً على عقب، بالإضافة إلى دور القانون الإنتخابي القائم على النظام النسبي مع إعتماد الصوت التفضيلي في ​القضاء​ على هذا الصعيد.

في ظل هذا الواقع، يبدو أن قوى الرابع عشر من آذار تعيش حالة من الضياع، بسبب الخلافات التي تعصف بأركانها من جهة، والانقسام بين الموالاة والمعارضة، بالإضافة إلى غياب المواقف الواضحة من جانب الراعي الإقليمي الأبرز، أي المملكة العربية ​السعودية​، التي لم تحسم حتى الساعة توجهاتها.

في هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة من داخل هذه القوى، عبر "النشرة"، أن المرحلة الراهنة تختلف عن تلك التي كانت سائدة قبل أزمة إستقالة الحريري، خصوصاً على مستوى العلاقة بين رئيس الحكومة و​الرياض​، وتشير إلى أن تلك الإستقالة تركت تداعياتها على العلاقة بين تيار "المستقبل" وحزب "​القوات اللبنانية​"، في حين أن علاقة التيار مع باقي مكونات ​14 آذار​ كانت قد تراجعت منذ ​التسوية الرئاسية​ التي أبرمها مع "​التيار الوطني الحر​".

إنطلاقاً من ذلك، تجزم هذه المصادر بأن أحداً من هذا الفريق لم يحسم توجهاته الإنتخابية، على مستوى التحالفات بشكل أساسي، حتى اليوم، نظراً إلى أن "كلمة السر" السعودية لم تصل بعد، لكن الأكيد أن الرياض غير راضية عن أداء حلفائها ولديها خشية حقيقية من نجاح الفريق الآخر في الفوز بالأغلبية النيابية للمرة الأولى منذ العام 2005، في حين أن البعض منهم، لا سيما حزب "الكتائب" والوزير السابق ​أشرف ريفي​، قرر مسبقاً خوض المعركة تحت عنوان إسقاط التسوية القائمة.

على هذا الصعيد، تشير المصادر نفسها إلى أن ما يهم الرياض هو الحفاظ على نفوذها على الساحة اللبنانية، نظراً إلى المواجهة التي تخوضها مع المحور الذي تقوده ​طهران​ على مستوى المنطقة، وهي تسعى اليوم إلى إعادة وصل ما انقطع مع رئيس الحكومة، على أمل لململة أوضاع حلفائها المحليين، لخوض المعركة على أساس عناوين سياسية واضحة تستهدف "​حزب الله​"، لكنها في المقابل تصطدم برغبة الحريري بخوض الإنتخابات على أساس التحالف مع "التيار الوطني الحر"، المتحالف أيضاً مع "حزب الله"، والحفاظ على التسوية معه.

وتشدد المصادر المطلعة من داخل قوى الرابع عشر من آذار على أن السعودية ستكون حاضرة في الإنتخابات المقبلة، لكنها تشير إلى أنها تأخرت في حسم توجهها النهائي، وتضيف: "حتى الآن ليس لدينا فكرة عما إذا كانت ستدعم الحريري أم ستسعى إلى إضعافه في حال عدم التفاهم معه"، لافتة إلى أن لهذا الأمر تداعياته في أكثر من دائرة، خصوصاً تلك التي يملك فيها الصوت السني القدرة على الحسم، ففي حال نجاحها في إعادة لململة الأوضاع بين حلفائها ستكون المعركة واضحة المعالم، بينما في حال فشلها سيكون عليها الإختيار بين الإستمرار في دعم الحريري أو التخلي عنه أو البقاء على الحياد، والأمر نفسه ينطبق على العلاقة بين حزبي "القوات اللبنانية" و"الكتائب".

في المحصلة، تؤكد هذه المصادر أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة على هذا الصعيد، بسبب إقتراب موعد المعركة، لكنها ترجح عدم ذهاب الرياض إلى خيار إضعاف الحريري في جميع الحالات، لخشيتها من التداعيات التي ستترتب على ذلك في حال نجاحه بالعودة إلى ​المجلس النيابي​ بكتلة وزانة، في ظل غياب أي شخصية، على الساحة السنية، تملك حضوراً على المستوى الوطني العام لا المناطقي فقط.