يحتل ردع الإرهاب واحباط المؤمرات في المملكة العربية ​السعودية​ الاولوية منذ ما يقارب العقد من الزمن، غير ان هناك تغييرا ملموسا في الطريقة التي تتحدث فيها القيادة السعودية الجديدة عن التحدي الذي يطرحه الإرهاب ومواجهته، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات محتملة.

اصبحت الرياض وبحسب مصادر دبلوماسية غربيّة شريكا للولايات المتحدة في ​مكافحة الإرهاب​، ودفعت سلسلة الهجمات التي شنّها ​تنظيم القاعدة​ داخل المملكة منذ العام ٢٠٠٣ السعوديين الى انتهاج سياسات اكثر عدائية لمكافحة الإرهاب، واليوم تتشارك واشنطن والرياض في نظرة واحدة الى تهديد ​تنظيم داعش​ الذي وقع السعوديون أنفسهم ضحيته، وأصبحت المملكة شريكا متعاونا في تمويل جهود مكافحة الإرهاب، وهذا امر مهم بسبب المبالغ الطائلة من الأموال السعودية الخاصة التي تم توجيهها الى التنظيمات الارهابية.

وقالت المصادر ان واشنطن أعربت عن رغبة شديدة في رؤية المزيد من الخطوات السعودية عندما يتعلق الامر بالجماعات المماثلة لتنظيميّ القاعدة وداعش، ويشمل ذلك بفعالية اكبر في نزع الشرعيّة عن الايديولوجية الدينية المتطرفة.

وتقول المصادر انه في الآونة الاخيرة أعربت القيادة السعودية عن رغبتها في الابتعاد عن ماضي التطرّف الديني، حيث تعهّد ولي العهد محمد بن سلمان خلال منتدى اقتصادي أقيم في الرياض في شهر تشرين الاول ٢٠١٧ "بإزالة بقايا التطرّف في المستقبل القريب جدا"، قائلا "ان السعودية لن تضيّع السنوات الثلاثين المقبلة في التعامل مع هذه الأفكار المدمّرة".

وفي مقابلة صحافية في أعقاب المؤتمر، أشار الى "انتشار المشكلة السعودية في جميع أنحاء العالم"، قاصدا على ما يبدو مسؤولية المملكة في الماضي في إثارة التطرّف. وقال "لقد حان الوقت للتخلص منه".

ولاحظت المصادر ان محمد العيسى، الامين العام الجديد لرابطة العالم الاسلامي والتي مقرها مكة، ردّد هذه الأفكار حيث اعلن في مقابلة صحافية في تشرين الثاني ٢٠١٧ ان "الماضي وما قيل من قبل اصبح من الماضي"، واشار الى ان المهمة الحالية للرابطة هي "القضاء على التفكير المتطرف "ومحو "التطرّف الديني الذي يشكل نقطة الدخول الى الإرهاب".

وتابعت المصادر انه والى جانب اللغة السعودية الجديدة لمكافحة الإرهاب اسندت مؤخرا الى عدة هيئات حكومية مهمة مواجهة التطرّف والترويج لتفسير مختلف للإسلام، ومن اكثر الهيئات فعالية في هذا الإطار هما "المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف" ومركز الحرب الفكرية، وشارك الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ في أيار الماضي بافتتاح مركز "اعتدال".

في المقابل، تعتقد مصادر سياسية عربية ان توجه السعودية الجديد لمكافحة الإرهاب امر مستحب، لكنه يبقى ناقصا اذا لم تبدّل المملكة نظرتها ل​إيران​ واعتبارها دولة ترعى الإرهاب تماشيا مع المصالح الاميركيّة والاسرائيليّة.

واضافت المصادر ان طهران كانت في مقدّمة الدول التي ساعدت دولا عربية للتخلص من الإرهاب التكفيري والتطرف، اضافة الى ان مواقف ​أوروبا​ تجاه هذه الدولة لا تنسجم مع الموقف الاميركي بوصفها دولة تدعم الإرهاب، وبالتالي ترى المصادر ان من مصلحة دول المنطقة اليوم وبعد ان اندحر الارهابيّون الى حدّ ما، التركيز على التعاون مع المجموعة الأوروبية وإجراء تفاهمات ومصالحات لمواجهة اخطر ما تتعرض له الدول العربية والإسلامية، بعد اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب ​القدس​ عاصمة ل​إسرائيل​ ونقل سفارة بلاده اليها، مع ما يتبع ذلك من تداعيات سلبية على ​القضية الفلسطينية​.