لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية الى أنه "يبدو أن ​الولايات المتحدة​ تخلت عن تحفظها في ​الأزمة السورية​ وقررت الانخراط مباشرة في تفاصيلها، بعدما كان ملحوظاً أن يد ​روسيا​ باتت طليقة وهي وحدها التي تحدد مسارها"، مشيرة الى أن "ما صدر عن وزير الخارجية الأميركي ​ريكس تيلرسون​ في جامعة ستانفورد قبل أيام يكشف عن مقاربة أميركية جديدة تجاه ​سوريا​، وأن هناك استراتيجية يجري العمل على تنفيذها لتقليص النفوذ الروسي وعدم تمكين ​موسكو​ من أن تقطف نصراً عسكرياً وسياسياً يُحسب لها وللنظام السوري ولحلفائهما، خصوصاً ​إيران​".

واضافت: "عندما يقول تيلرسون إن الجيش الأميركي باق في سوريا ليس فقط لدحر "داعش" بالكامل، بل من أجل منع رئيس ​النظام السوري​ ​بشار الأسد​ من بسط سيطرته على كامل البلاد مع حليفته إيران، وعندما يقول إن بقاء الجيش الأميركي في سوريا يمنح استقراراً كافياً يمكّن السوريين من الإطاحة بالأسد من منصبه ورفض النفوذ الإيراني، فهذا يعني استبدال الانكفاء الأميركي بدينامية جديدة، تتناقض مع ما كانت واشنطن أعلنته في السابق من أن القوات الأمريكية سوف تنسحب عندما يتم دحر "داعش"، مشيرة الى أنه "صار الوجود العسكري الأميركي مرتبطاً بعدة أهداف أولها منع النظام السوري من السيطرة على كل الجغرافيا السورية، ومنع النفوذ الإيراني، وعدم بقاء رئيس النظام في السلطة، وهي أهداف تصطدم بالمطلق مع الأهداف الروسية والإيرانية".

واشارت الى أن "واشنطن تعتمد في استراتيجيتها ​الجديدة​ على قوى محلية تتمثل في الشمال والشمال الشرقي بـ"قوات سوريا الديمقراطية" ذات الأغلبية الكردية، وفي الجنوب على قاعدتها العسكرية في "التنف" المحاذية للحدود الأردنية - العراقية، وعلى بعض العشائر العربية في البادية، حيث تقوم بتدريب نحو ثلاثة آلاف عنصر لزجهم في معارك ضد الجيش السوري، بعدما تم دحر "داعش" من المنطقة، إضافة إلى نحو ستة آلاف جندي أميركي لدعم هذه القوة الجديدة"، مشددة على أن "الولايات المتحدة تريد قطع الطريق بين العراق وسوريا لمنع التمدد الإيراني إلى لبنان، وإبعاد الوجود العسكري لطهران عن الحدود الشمالية مع "إسرائيل" في مرتفعات الجولان وجنوب لبنان، كما تريد إضعاف قوة الجيش السوري الذي يحقق مكاسب ميدانية في أكثر من جهة للحؤول دون تقوية شوكة النظام وبالتالي صموده وفرض شروطه في أي تسوية سياسية محتملة".

واشارت الى أن "هذا الموقف قد يؤدي إلى خلط كل الأوراق السياسية والأمنية التي تراكمت لمصلحة روسيا والنظام والحليفين الإيراني والتركي، خصوصاً أن ​أنقرة​ ترى أن هذا الموقف الأمريكي يستهدفها بشكل مباشر، نظراً لما تراه من خطر يهدد أمنها من خلال تقوية المجموعات الكردية على حدودها وهو ما لن تسمح به، ومستعدة لمواجهته بالقوة، كما يحصل حالياً في منطقة عفرين السورية"، مشيرة الى أن "الكرملين أيضاً ينظر بعين الريبة إلى الخطوة الأميركية، ويرى أنها تستهدف جهوده لتسوية الأزمة، بل ويمدد ساحة المواجهة والمعارك، ويعطي لـ"داعش" فرصة جديدة لإعادة لملمة صفوفه واستئناف إرهابه، ما قد يهدد أيضاً بتقسيم سوريا فعلياً".