ركّز رئيس كتلة "المستقبل" ورئيس وزراء الأسبق، ​فؤاد السنيورة​، على أنّ "لا شكّ أنّ المنطقة تعاني منذ عقود، وهذه المشكلات كانت دائمًا عرضه لأن تتفاقم بسبب التحولات والتغيرات الجارية في المنطقة، والمعالجات كانت قاصرة عن معالجة تلك التحولات الّتى كانت معظمها سلبية"، مشيراً إلى "أنّني مازلت أعتبر أنّ المشكلة ال​فلسطين​ية هي الأساس، وما جرى لفلسطين من طرد لشعبها أدّى إلى صدمة داخل المجتمع العربي، وبالتالي كانت هناك محاولات عربية للردّ على تلك الهزيمة الّتي تعرّض لها الإنسان العربي والمجتمعات العربية، ومن تلك الردود كانت على شكل الإنقلابات العسكرية، ومحصلة تلك الإنقلابات كان العجز عن معالجة تلك المشكلات المتضخمة، بسبب تصاعد الضغوط الخارجية على العالم العربي، وبسبب الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي والّتي ما عالجت المشكلات ومنها إعادة الأرض الفلسطينية المحتلة، ولم تفلح بشكل أو بآخر في استعادة الكرامة العربية".

وأوضح السنيورة، في حديث صحافي، أنّه "حدثت أربعة أحداث هامّة كانت بمثابة الزلزال في العالمين العربي والإسلامي، الحدث الأول هو الإجتياح السوفياتي ل​أفغانستان​ وما أدّى إليه من زلزال داخل المجتمعات العربية وما تمخّض عن هذا الإجتياح من وسائل لمواجهته من خلال إيقاظ الحركات الإسلامية، ثمّ جاءت بعد ذلك الإتفاقية الّتي خرجت بموجبها مصر من العالم العربي، اتفاقية "​كامب ديفيد​"، وكان ذلك لسببين أحدهما بسبب القرار والآخر للردّ على القرار، وأخرجت مصر من ​الجامعة العربية​ وبالتالي خرج ما يمثّل ثلث العالم العربي من الجامعة، وكان أثر ذلك كبيراً على الوضع العربي المتأزم، وما كان يجب معالجة الأمر بتلك الطريقة، وكان لذلك تداعيات خطيرة جدّاً أدّت إلى تراجع الفكر القومي العربي وتراجع الفكر العروبي المستنير".

ولفت إلى أنّ "الحدث الثالث كان الثورة ال​إيران​ية، وما حملته من أفكار جديدة تنطلق ممّا يُسمّى بفكرة تصدير الثورة المبنية على نظرية "​ولاية الفقيه​" العابرة للحدود السياسية، والحدث الرابع جاء ردّاً على هذا الجو الّذي نشرته الثورة الإيرانية، والّتي كان أول تلك الردود ما يُسمى بقضية "سلمان رشدي"، وكانت أولى نتائجها أيضاً هو إستيلاء الجهيمان على الحرم المكي، ونتيجة ذلك كانت ردّة الفعل في العالم العربي هي مزيد من الإنغلاق الداخلي"، منوّهاً إلى أنّ "ما نراه الآن من حالة نهوض في ​السعودية​ ليس جديداً، فقد رأيت السيدات يقودن السيارات في جدة ما قبل العام 1979، كما رأيت الكثير في حمامات السباحة في هذا التوقيت أيضاً، وأنا لست هنا بصدد تقييم الوضع الراهن في السعودية ولكنّه كان أحد نتائج الإنغلاق الّتي تحدّثنا عنها والّتي اختتمت بما يُسمى ​الربيع العربي​، والّذي جري جرفه باتجاه المنظمات الإرهابية".

وبيّن السنيورة، أنّ "بعد الحرب ​العراق​ية الإيرانية، كان هجوم العراق بقيادة الرئيس الأسبق ​صدام حسين​ على ​الكويت​ وتمّ إخراجه منها، وبعدها كانت فضيحة "أسلحة الدمار الشامل" العراقية، والّتي اتّضح أنّها كانت كذبة استخدمت من أجل الهجوم على العراق وإنهاء دوره بتسريح الجيش العراقي وإنهاء الدولة العراقية بالكامل، وحدث هذا لأنّ العراق عبر التاريخ كان يلعب دوراً يمكن تسميته بالمنطقة الحاجزة في الداخل الآسيوي والبحر المتوسط"، مشيراً إلى أنّه "بعدما أزيلت الدولة العراقية، بدأنا نسمع من إيران أنّ لديها سلطة في بغداد وسلطة على دمشق وبيروت، تلك هى المتغيّرات الّتي يجب أن نأخذها ونبني على أساسها، ولذا جاء الربيع العربي كردّة فعل على هذه المتغيّرات والتحولات وعلى التردّي بالنسبة للأوضاع الإقتصادية والسياسية".

وأكّد أنّ "الوضع الآن بعد تلك الحالة الّتي أدّت إلى خلل استراتيجي وضغط منخفض داخل المنطقة العربية، يقابلها مناطق من الضغط المرتفع الآتي من ​إسرائيل​ وإيران و​تركيا​، والتدخلات الأجنبية من خارج المنطقة، هذا كلّه في ظلّ ثورة تكنولوجية عالمية أسقطت حواجز الزمان والمكان وحواجز الدول والجماعات وحواجز الصمت والخوف، ولذا شهدنا تلك الحركات الّتي دخلت عليها الأنظمة وهى قادرة على أن تفتعل المشكلة وفي نفس الوقت تخترع الوسائل لمجابهتها، وتعمل جاهدة على ألّا تنهيها حتّى تبقي سيطرتها ودورها فاعلاً".

وشدّدت السنورة، على أنّ "​سوريا​ الّتي كانت على مدى فترات طويلة لاعباً أساسيّاً في المنطقة، أصبحت اليوم ملعب أساسيّاً لدول المنطقة والعالم، وعند دراستنا لكيفيّة ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي واستمرارها بالشكل الّذي نراه، نكتشف أنّه ليس ممكناً لها أن تقوم بهذا الدور دون أن يكون لها حامي ولاعب أساسي يسيرها ويساعدها، وفي ظلّ تلك التطورات والمتغيرات شعرت إسرائيل أنّ العالم العربي يمرذ بحالة من الفوضى والتشرذم، وتلك الحالة كانت مناسبة للقرار الأخير للرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ بنقل سفارة بلاده إلى ​القدس​، خلافاً للرأي الّذي كان سائداً في ​الولايات المتحدة الأميركية​ على مدى عقود بأنّ القدس تحت الاحتلال، وهى مازالت تحت الإحتلال لم يتغيّر شيء".