لفت البطريرك الماروني الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​، إلى "أنّنا نفتتح في مساء هذا اليوم، هنا في كنيسة الكرسي البطريركي، أسبوع الصّلاة من أجل وحدة ​المسيح​يين، وهو بعنوان: "يمينك يا رب قديرة قادرة"، المستوحى من سفر الخروج (15: 6). إنّ الصّلاة الّتي تقام طيلة الأسبوع في جميع كنائس الأرض، تلتمس نعمة الله القديرة، القادرة على مسّ العقول والقلوب والضمائر، لتحريكها في نور الحقيقة والمحبّة اللّتين تبنيان الوحدة بين المسيحيّين"، مشيراً إلى أنّ "المسيح وحده قادر على تحصين كنيسته الّتي اقتناها بدمه، بوجه كلّ ضلال ونزاع وانقسام. لكنّ قدرته هذه تنتظر منّا الإيمان بها، فنسعى جاهدين وبالإتّكال عليها، إلى بناء وحدتنا والمحافظة عليها وتجاوز كلّ أسباب الخلافات الّتي تمزّق جسد المسيح الواحد الّذي هو الكنيسة".

وشدّد البطريرك الراعي، في عظته بمناسبة تذكار الكهنة في بكركي، على أنّ "المسؤوليّة الأولى تقع على رعاة الكنيسة، المؤتمنين كوكلاء من المسيح على إعطاء أبنائها وبناتها ومؤسّساتها، طعام الحقيقة والمحبّة والوحدة. فهم مدعوّون ليتجاوزوا كلّ أسباب الإنقسام اللاهوتيّة والشخصيّة والسياسيّة والقوميّة"، مركّزاً على أنّه "لا يمكن أن نبشّر بالمسيح الواحد و​الإنجيل​ الواحد والكنيسة الواحدة، ونحن منقسمون ونستمرّ في انقسامنا، من دون السّعي الجدّي إلى شدّ أواصر الوحدة"، منوّهاً إلى أنّ "الرّب يسوع ربط وحدة المؤمنين به بمصداقيّة الإيمان بسرّه كرأس للجسد الّذي يجمع كلّ أعضائه في سرّ الكنيسة الواحدة الجامعة، وبمصداقيّة وصيّة المحبّة الّتي تعلو كلّ اعتبار".

وبيّن أنّه "عندما نتحرّر من ذواتنا، ومن مصالحنا الخاصّة عندما تكون على حساب الصّالح العام، وعندما نتحرّر من انقساماتنا بقوّة الحقيقة والمحبّة والمصالحة، نستطيع العمل على تحرير الآخرين من الظّلم والإستعباد والإستبداد والعنف والفقر والحرمان والإتجار بالبشر، وتحرير سواهم من الألم والبؤس والقلق، ومن الإنحراف في مجالات الإدمان على المخدّرات والسّكر والعيش المخلّ بالأخلاق والآداب. وعندها نستطيع أن نحيي الرّجاء والشّجاعة في القلوب".

وأكّد الراعي أنّه "آلمتنا، كما الجميع، مأساة الأربع عشر ضحية من الأخوة النازحين من ​سوريا​ الّذين قضوا من البرد والصقيع، فيما حاولوا الدخول إلى ​لبنان​ بطريقة غير شرعية. إنّها مسؤوليّة الأسرة الدولية الّتي لا تريد إيقاف الحروب وإحلال السلام في سوريا وبلدان المنطقة، وتكشف يومًا بعد يوم أنّها غير معنيّة بالكائنات البشرية وبسلامة المواطنين وحقوق عيشهم الكريم في أوطانهم"، مركّزاً على أنّ "لبنان، مع كلّ أزماته السياسيّة والإقتصاديّة والمعيشيّة، فيبقى كما كتب عنه القديس البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي "رجاء جديد للبنان"، يلبّي دعوته بأن يكون نورًا لشعوب المنطقة، وعلامةً للسلام الآتي من الله".

واشار إلى أنّ "الرب يسوع يشترط أن يكون الكاهن ذا فضيلتين: الأمانة والحكمة. الأمانة هي للمسيح الّذي دعاه، وللكنيسة الّتي منحته الكهنوت وأشركته في رسالتها، وللجماعة المؤتمن على خدمتها. والأمانة تقتضي أن يتحلّى الكاهن بالإيمان والتقوى والضمير الحيّ"، مشدّداً على أنّه "لا يمكن للكاهن أن يمارس خدمته بحسب قلب المسيح، إلاّ إذا كان أمينًا لتعليم الكنيسة والطاعة للسلطة الكنسيّة وقرارتها. فطاعته مصدر قوّة له".

وأوضح الراعي أنّ "الحكمة، وهي أولى مواهب الروح القدس السبع، فتتّصف بالمسلك الفطن والواعي، بحيث يتجنّب الكاهن ما يستوجب الّلوم من الله والنّاس، وما يولّد عندهم الشّك. والحكمة نور من الروح القدس يساعد الكاهن على اتّخاذ قراراته، وتنفيذ أعماله، والقيام بمبادراته وفقًا لإرادة الله، ونيّة المسيح والكنيسة، ومن منظارهم"، منوّهاً إلى "أنّنا نذكر المسؤولين المدنيّين والإداريين في المجتمع، والسلطة السياسية في الدولة، كي يدركوا أنّهم وكلاء لا أرباب، خدام لا أسياد، وأنّهم مؤتمنون على تأمين الخير العام لا خيرهم الشخصي فقط ومصالحهم الفئويّة".