أفادت صحيفة "الخليج" الاماراتية أنه "في استراتيجية الدفاع القومي التي عرض ملخصاً لها وزير الدفاع الأميركي ​جيمس ماتيس​ يوم الجمعة الماضي يظهر بوضوح تبدل الأولويات في الاستراتيجية الأميركية ​الجديدة​، وهي الأولى منذ العام 2014، وتأتي ترجمة عسكرية لاستراتيجية الرئيس ​دونالد ترامب​ التي قدمها الشهر الماضي وما عرضه ماتيس من مواقف يقع في عشر صفحات سمح بنشرها من أصل خمسين صفحة، وهي تقدم ملامح عن التوجهات العسكرية الأميركية على الساحة الدولية في السنوات المقبلة، وتعكس ما تنوي الإدارة الأميركية فعله في مجرى الصراع الدولي القائم كي تحتفظ بدور القيادة والريادة، وكأنها تصر على التفرد بالنظام الدولي وعدم السماح لأية قوة دولية بالمشاركة في قيادة هذا النظام".

ولفتت إلى انه "من التحولات البارزة في الاستراتيجية الأميركية الجديدة، أن موضوع ​مكافحة الإرهاب​ تراجع إلى المرتبة الثانية وربما أكثر، لأنه لم يعد ضمن الأولويات كما جاء في الاستراتيجية والأولوية هي لمواجهة التحديات التي تمثلها كل من ​روسيا​ و​الصين​ باعتبارهما من القوى الرجعية التي تسعى إلى إقامة عالم يتناسب مع أنظمتهما المتسلطة وهذا يعني فتح أبواب المواجهة مع البلدين، ما يستدعي إعادة النظر بمجمل السياسات الأميركية تجاههما، وهذا يفترض تحديث ​الجيش​ الأميركي لأن التقدم التنافسي لهذا الجيش كما قال ماتيس يواصل التراجع في كل ​الميادين​، جواً وبراً وبحراً وفي الفضاء وفي العالم الافتراضي".

وسألت "ماذا يعني ذلك؟ يعني ضخ المزيد من الأموال في ميزانية وزارة الأميركية والمزيد من الإنفاق العسكري، وإطلاق سباق تسلح جديد مع كل من روسيا والصين، في استعادة لحملة سباق التسلح التي أطلقها الرئيس الأسبق رونالد ريجان في مواجهة الاتحاد السوفييتي السابق ثم إن استبدال الحرب على الإرهاب بإطلاق مواجهة مع روسيا والصين باعتبارهما قوى رجعية ومتسلطة يعني أن ​واشنطن​ تريد للإرهاب أن يتنفس من جديد، وأنه لن يجد منها أية مقاومة، ما يثير جملة تساؤلات -من بينها أميركية- طرحت خلال السنوات السابقة حول الجهة التي أسست "داعش" وأخواتها واستخدمتها في إطار استراتيجية تقسيم وتفتيت المنطقة العربية"، متسائلة "هل تنجح هذه الاستراتيجية في تحقيق أهدافها في مواجهة كل من الصين وروسيا بدلاً من الإرهاب ؟".

وأوضحت الصحيفة أن "مصطلح استراتيجية يعني فن الحرب أو التخطيط العسكري، أي وضع الخطط المناسبة، ثم تنفيذها بغية الوصول إلى الأهداف المرجوة، لكن هذا لا يعني أن نجاحها مضمون، لأن ذلك رهن بالطرف الآخر الذي لديه استراتيجيته وخياراته أيضاً، ومع الأخذ في الاعتبار كافة العوامل التي تؤثر في تطبيقها، إذ ربما تصطدم بواقع آخر مختلف عما تم التخطيط له بما يعيق مسارها وربما يفشلها كلها، وعندها تتحول إلى استراتيجية عمياء وإن إطلاق نعوت على الخصم، مثل الرجعية والمتسلطة لا يلغي قوة هذا الخصم ولا يعبر بالمطلق عن واقع قائم، لأن ​الولايات المتحدة​ التي خاضت عشرات الحروب المدمرة ضد دول أخرى، وقامت باحتلال دول أخرى، ودعمت أنظمة ديكتاتورية عديدة ونظمت عشرات الانقلابات ضد أنظمة ديمقراطية ليس لها الحق في وصم الآخرين بهذه الأوصاف".