أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ الخلاف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري سيطول على ما يبدو، مشيراً إلى أنّ الرئيس عون يعتبر أنّ مسألة مرسوم الأقدميّة انتهت وبات نافذاً بما أنّه وقّع على المرسوم، وهو حفظ حقوق المستفيدين من هذا المرسوم، إلا أنّ الأمر يحتاج أيضًا لصدور مرسوم الترقيات، الذي يتطلب توقيع وزير المال، وهو ما لا يزال عالقاً.

وفي حديث إلى تلفزيون "OTV" ضمن برنامج "بالمباشر" أداره الإعلامي رواد ضاهر، كشف أبو فاضل أنّ حزب الله أبلغ الطرفين، أيّ عون وبري، أنّه لن يدخل طرفًا في هذه الأزمة، وهو يعتبر أنّ المشكلة هي في قلب بيته، موضحًا أنّ الرئيس ميشال عون يُعتبَر خط الدفاع الأول وعماد الوطن القريب جدًا من الحلف الممانع المقاوم الذي أصبح اليوم في المنطقة منتصراً، كما أنّ الرئيس بري هو الحليف الشيعي داخل المنزل.

ورأى أبو فاضل أنّ حزب الله يعتبر أنّه إذا وقف مع بري تتأثر العلاقة مع عون سلبًا، والعكس صحيح أيضًا، فإذا وقف الحزب مع الرئيس عون ضدّ الرئيس بري، ستنعكس الأزمة في داخل المجتمع الشيعي بصورة مباشرة، وهو ما لا يرضاه أحد.

أبعد من قصة مرسوم...

ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ هيئة التشريع والاستشارات تبدي رأيها بالمسائل المطروحة عندما تُسأَل عنه، وبالتالي من الطبيعي أن يكون الرأي "غب الطلب"، كونه يأتي بطلب من أحد الأفرقاء، مشيراً في المقابل إلى أنّ رأي هيئة الاستشارات ليس ملزمًا أو مبرمًا، فهو ليس حكم مجلس عدلي أو مجلس دستوري.

واعتبر أبو فاضل أنّ الأزمة بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ليست "قصّة مرسوم"، متحدّثاً عن "قلوب مليانة" بين الجانبين، ملمّحًا إلى وجود "صراع ديوك" بشكلٍ أو بآخر على هذا الصعيد، ولفت إلى أنّ الرئيس عون رئيس قوي وملم بالملفات، كما أنّ وزير العدل سليم جريصاتي هو وزير متمرّس جداً بالقضايا القانونية والدستورية والتشريعية، وأشار إلى أن بري في المقابل هو محامٍ وهو رئيس السلطة التشريعية.

بري باقٍ في رئاسة المجلس

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الأزمة مستمرّة حتى الانتخابات النيابية المقبلة المقررة في السادس من أيار، مرجّحاً أن تنعكس أيضًا على معركة رئاسة المجلس النيابي المقبل، إلا أنّه رأى أنّه لن يكون هناك رئيس مجلس نيابي جديد إلا الرئيس نبيه بري، لافتاً إلى أنّ التحالف الشيعي يُعتبَر الضمان الأول للمقاومة والدفاع عن المقاومة وكذلك صمّام الأمان للمقاومة.

ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ مسألة وزارة المال قد تبقى عالقة، مشيراً إلى أنّ رئيس الجمهورية ربما يشترط بعد الانتخابات توقيع مرسوم الترقية حتى يوقّع على مرسوم تأليف الحكومة الجديدة، معتبراً أنّ المفارقة الفعلية وسط كلّ ذلك تكمن في أنّ الرئيس نبيه بري هو رئيس المجلس النيابي وزعيم المعارضة في آن، ولفت إلى أنّ الرئيس بري هو الذي منع تطيير وزراء القوات اللبنانية من الحكومة، ولو وافق على إخراجهم لخرجوا.

الاصلاحات ضرورية

وفي ملفّ الإصلاحات الانتخابية، أكّد أبو فاضل أنّه يؤيد تطبيق الإصلاحات، رافضًا التذرّع بضيق الوقت لعدم إنجازها، مشدّدًا على أنّ الرئيس ميشال عون مستعجل لانجاز الانتخاب نظراً لانعكاس ذلك على مسار العهد الذي بدأه منذ وصوله إلى بعبدا، مستبعدًا انطلاقاً من ذلك ما يُقال لجهة أنّ الوزير باسيل يسعى لتأجيل الانتخابات أو تطييرها من خلال إصراره على الإصلاحات.

إلا أنّ أبو فاضل رأى، في سياق آخر، أنّ قانون الانتخاب بصيغته الحاليّة ما يزال بحاجة إلى عمليات تجميل، مشيراً إلى أنّ اعتماد مراكز اقتراع كبرى أو ما يُعرف بـ"الميغاسنتر" مثلاً لا يفترض أن يكون مصدر إزعاج، وكان من الضروري إنشاء مثل هذه المراكز، وأكد أنّه كذلك مع انتخاب المغتربين وتمديد المهلة الممنوحة لهؤلاء للتسجيل للمشاركة في الانتخابات، معتبراً أنّ هذا الموضوع لا يضرّ أحدًا، بل على العكس من ذلك، ولكنّه استبعد إقرار هذا الموضوع.

التيار قد يتحالف مع "أمل"

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ التحالف بين حزب الله وحركة أمل ثابت، إلا أنّه أشار إلى أنّ التيار الوطني الحر سيتحالف معهما في بعض الدوائر، مشدّداً على أنّ التحالفات الانتخابية تبقى مرتبطة بخصوصية الدوائر الانتخابية والتقسيمات، متحدّثاً في هذا السياق عن مشكلتين أساسيتين في الانتخابات على هذا الصعيد بين التيار الوطني الحر وحركة أمل في كلّ من جبيل وجزين.

وفيما أكّد أبو فاضل أنّ التحالفات في زحلة باتت محسومة، وأنّ التيار الوطني الحر مرتاح في عروس البقاع لتحالفه مع تيار المستقبل الذي من شأنه أن يعطيه فائض قوة، تحدّث عن مشكلة في المقابل في بعلبك الهرمل، حيث هناك إمكانية لخرق لائحة تحالف حزب الله وحركة أمل، مشيراً إلى أنّ مرشح القوات يمكن أن يخرق، متسائلاً عمّا إذا كان حزب الله يمكن أن يضحّي بمقعد شيعي أو اثنين من أجل المرشح الماروني أو الكاثوليكي.

معارك بالجملة

وكشف أبو فاضل أنّ الرئيس بري لن يعلن لوائحه إلا في اللحظة الأخيرة، وكذلك الوزير جبران باسيل، إلا أن التحالفات ستكون على القطعة، ولفت إلى أنّ المعركة في دائرة صيدا جزين ستكون كبيرة، وأشار إلى أنّ هناك أسماء شيعية جديدة مطروحة لملء المقعد الشيعي الذي كان يملأه النائب عباس هاشم، ولفت إلى أنّ المعركة في كسروان أيضًا ستكون كبيرة.

ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ رئيس الحكومة سعد الحريري سيتصالح مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، مشيراً إلى أنّ الجانبين قد يتحالفان في العديد من الدوائر، مشدّداً على أنّ رئيس حزب القوات سمير جعجع أصبح من مفاتيح السعودية في لبنان.

القضاء بخير

ورفض أبو فاضل تشكيك بعض القوى السياسية، ومن بينهم النائب بطرس حرب، بالقضاء، من بوابة الحرص على الحريات، مشدّداً على أنّ القضاء ليس في خطر، وأشاد بالقاضي هنري خوري الذي تمّ تعيينه رئيسًا لمجلس الشورى لم يتلوّث جوفه، ولا يمكن أن يرتشي، واستشهد على سبيل المثال بقرارات مجلس شورى الدولة الأخيرة، ومن بينها توقيف قرارات وزير الاتصالات جمال الجراح، الذي يتّهمه أصلاً النائب حرب بممارسة الهدر.

وتمنى أبو فاضل أن ينعكس أداء مجلس شورى الدولة على الجميع، ولفت إلى طريقة التعاطي مع المحكمة العسكرية، التي أشاد بها الجميع مثلاً حين أصدرت حكمها بحق الوزير السابق ميشال سماحة، في حين تتعرّض للهجوم حين تحاكم غيره.

العفو سيستثني الأسير وحبلص

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّه يؤيد إصدار قانون عفو، مشيراً إلى أنّ العفو جيّد كما هو مطروح، لافتاً إلى أنّ الفكرة فكرة رئيس الجمهورية، ولكنه اعتبر أنّ توقيت إعلان العفو هو توقيت سياسي، لافتاً إلى أنّ العد العكسي لإصدار قانون العفو يبدأ من 15 آذار.

واستغرب أبو فاضل الهجوم الذي يشنّه الإسلاميون، في حين أنّ 95 بالمئة من الموقوفين الإسلاميين سيستفيدون من قانون العفو، إلا أنّه جزم أنّ هذا القانون سيستثني من تورّط من هؤلاء في قتل عسكريي الجيش اللبناني، من أمثال أحمد الأسير وخالد حبلص وسواهما، وكذلك من تورّط في قضايا إرهابية كبيرة.

وإذ دعا أبو فاضل لاصلاح "دماغ" سالم الرفاعي قبل إصلاح القوانين في لبنان، أسف للدرك الذي وصل إليه ما أسماه "الإسلام السياسي المتهوّر" على هذا الصعيد، متأسّفاً للدرك الذي وصل إليه هؤلاء حين يطلبون إطلاق متورطين بدم الجيش مثل أحمد الأسير. وشدّد على أنّ من يخدم الإسلاميين هو الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل فقط لا غير.