تتابع "جبهة تحرير الشام" ومن يدور في فلكها من مجموعات إرهابية محاولاتها اليائسة لإحراز أي تقدم ميداني بمواجهة الجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاومة، وكانت شنّت في هذا الإطار هجوماً لافتاً في توقيته ومكانه على مواقع ​الجيش السوري​ في الشمال الشرقي ل​ريف حماه​، وكالعادة باء بالفشل، بعدما تمكّن الجيش العربي السوري وحلفاؤه من صده، وقد اشتركت مع إرهابيي "النصرة" في الهجوم مجموعة من انتحاريي وانغماسيي الحزب التركستاني، الذين دائماً كانوا يؤمّنون دعماً قوياً لـ"النصرة" في أغلب معاركها الحساسة في الشمال السوري، وحاولوا تطبيق ما يُعرف "باستراتيجية الدفاع في العمق" لمنع تقدُّم الجيش السوري باتجاه ​ريف إدلب​ الجنوبي، غير أنه تقدم من محوري شمال اللطامنة وخناصر، وتمكّن من فرض طوق على المسلحين وشلّ قدرتهم على أخذ أي مبادرة على الأرض في المنطقة المذكورة، حسب ما تؤكد مصادر ميدانية.

من الناحية السياسية، يأتي هذا الهجوم رداً على مسارَي فيينا وسوتشي، في محاولة لتفرض "النصرة" نفسها كلاعب أساسي في أي عملية تفاوض سياسية لحل الأزمة الراهنة أيضاً، خصوصاً أن "النصرة" مصنَّفة على لائحة ​الإرهاب​ الدولي، بالتالي هي تفتقد للشرعية، ولن تكون جزءاً من الحل المرتجي، لذا تلجأ إلى التصعيد العسكري، علّها تفرض نفسها على طاولة التفاوض. ويسعى راعيها التركي الى ذلك من خلال محاولة دمجها مع باقي الفصائل وصهرها فيها، تحت مسمى "الجيش الموحد"، الذي تؤسسه أنقرة، ليكون حاجزاً بين الحدود السورية – التركية ومناطق إنتشار ​الأكراد​ في الجانب السوري، أي إقامة منطقة عازلة خاضعة للنفوذ التركي، كذلك يقدمه الأتراك لدى الأميركيين بديلاً عن "قوات سورية الديموقراطية"، برأي مصادر سياسية سورية.

أما من الناحية الميدانية، فقد حاولت المجموعات المسلحة عبر الهجوم الأخير، وصْل ريف حماه الشمالي الشرقي بريف إدلب الجنوبي، لكن دون جدوى، على أثر المقاومة العنيفة التي أبدتها القوات السورية في الدفاع عن مواقعها في المنطقة المذكورة، وتكبد المسلحون خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد .

إلى ذلك، يحقق محور المقاومة تقدُّماً سريعاً، خصوصاً في ريفي حلب وإدلب الجنوبيين، وريف حماه الشمالي، وكان أبرز هذه الإنجازات الذي حققها هذا المحور، هي الوصول إلى مطار أبو الظهور الاستراتيجي في ريف إدلب الجنوبي، الذي يشكّل نقطة ارتكاز لتقدُّمه نحو مدينة إدلب.

وهنا تؤكد مصادر معارضة أن قرار الحسم في إدلب تقرره القيادة الروسية مع الحلفاء، خصوصاً أن القوات الروسية العاملة في سورية لم تعد قوات ردع وحسب، أي كان في السابق دورها يقتصر على الاستعلام عن مواقع المسلحين، ثم استهدافها بالطائرات أو الصواريخ، أما في الوقت الراهن، فهي موجودة عملياً بشكل كامل .

تجدر الإشارة إلى أن القوات الروسية تدخل إلى أي منطقة يستعيدها الجيش السوري للتنسيق والمراقبة، أما بشأن استقدام ​موسكو​ لمقاتلات ميغ 29 المتطورة إلى ​قاعدة حميميم​، فترى المصادر أن مسرح العمليات مايزال واسعا أمام الجيش العربي السوري، الذي يحتاج إلى الدعم اللوجستي، كاشفاً أن الروس يؤمنون العتاد اللازم لأي معركة قبل اندلاعها، بالتشاور مع مختلف مكونات المحور المعروف بمحور المقاومة .

وتختم المصادر بالقول: "الضربة لإدلب واقعة لا محال".. فهل تقدم تركيا على هذه الخطوة، أو تذهب إلى حل "النصرة" وتفكيكها، كون أنقرة تريد أن تقدم اعتمادات لموسكو مقابل عدم دعم الروس لأي مشروع كردي انفصالي، لاسيما بعد دخول الفصائل السورية المدعومة من أنقرة إلى ​مدينة عفرين​ ذات الغالبية الكردية؟

وهل ثمة محاولة تركية للعب في الوقت قبل انعقاد مؤتمر سوتشي أواخر الجاري، والاحتفاظ بأوراق قوة تعزز حضورها في المؤتمر المذكور، قبل أن تفقد المبادرة على الأرض، على أثر هزيمة الفصائل المسلحة المدعومة منها، خصوصاً بعد تقدُّم القوات السورية نحو إدلب؟