كل القوى السياسية انصرفت للانتخابات النيابية المقبلة بعد ثلاثة أشهر. توحي التحضيرات واطلاق الماكينات ألاّ تراجع عن اجراء الاستحقاق. لكن الصورة ضبابية في التحالفات الانتخابية تعكس حال التخبط السياسي الحاصل. لم يتحدد مشهد تلك التحالفات، بانتظار اللحظة الأخيرة. باستثناء الحلف الثابت بين "الثنائي الشيعي" والتفاهم المبدئي بين التيار "الوطني الحر" و"المستقبل"، لا يجزم أي فريق ببتّ تحالفاته، لكن الجميع يبدي الجهوزية والاستعداد لخوض المعركة من دون قلق، استنادا" لقانون انتخابي يعتمد النسبية يتيح للجميع الوصول الى ساحة النجمة.

بحسب المصادر المواكبة، فان "القوات" سلّمت وزير الثقافة ​غطاس خوري​ رؤيتها الانتخابية للتحالف مع "المستقبل"، بانتظار جواب رئيس الحكومة ​سعد الحريري​. تلك الرؤية شاملة، لكنها ليست ثابتة. "القوات" لا تجد مانعا من التحالفات الموضعية سواء مع "المستقبل" أو غيره وفقا لمصالحها الانتخابية في كل دائرة. هي تنفتح على التحالف مع "الوطني الحر" أيضا. وبحسب المصادر نفسها، لا يزال التفاوض قائم بينهما. ما يعني أن رئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ مستعد لكل السيناريوهات، وهو أشرف على وضع خرائط انتخابية لكل دائرة وجهّز الأسماء، وينتظر حتى موعد تقديم الترشيحات بعد عشرة أيام، لرسم صورة التحالفات.

وبحسب المطّلعين أيضا، فان سيناريوهات طرحت في دوائر: "الوطني الحر"، "المستقبل"، "القوات"، حول مصلحة مشتركة في التحالف الثلاثي في البقاع، لكن مطبّات تعترض هذا الحلف. أولا: لا يجد "العونيون" مصلحة لهم في خوض المعركة ضد "​حزب الله​" في بعلبك-الهرمل والمساهمة في اضعاف لوائح الحزب مقابل مقعد للتيار "البرتقالي"، يمكن تأمينه ضمن لوائح "الثنائي الشيعي". لكن المصلحة تكمن في حلف الثنائي "المستقبل" و"القوات" لتحقيق خرق بمقعدين أو أكثر في بعلبك-الهرمل، كما تتوقع مصادرهما.

في زحلة، للثلاثي المذكور مصلحة مبدئية مشتركة في خوض الانتخابات معا، لعدة اعتبارات يرويها المواكبون: رفض "حزب الله" التحالف مع "المستقبل"، ما يعني انحياز "العونيين" هنا الى الحلف مع الحريري، الذي يؤمّن حاصلا" انتخابيا مضاعفا عما تؤمنه "الثنائية الشيعية" في دائرة زحلة. مطالبة "​الكتلة الشعبية​" بثلاثة مقاعد لم يوافق عليها "الشيخ سعد"، وهذا يعزز توجه الحريري للتحالف مع "الوطني الحر" و"القوات". سباق الاحجام لا ينسحب على "المستقبل" و"الوطني الحر"، ولا بين "القوات" و"المستقبل". فالحريري لديه خيارات واسعة في هذه الدائرة للتحرك بكل الاتجاهات وجمع الحلف الثلاثي لتخفيف الضغوط الخليجية عليه بضم "القوات". لكن ما يعيق التحالف الثلاثي هو السباق القائم بين "القوات" و"الوطني الحر" حول اعداد مقاعدهما. ما يعني ان الحريري سيميل حكما للتحالف مع "العونيين"، مقابل توجه "القوات" نحو خيارات أخرى ليس من بينها التحالف مع رئيسة الكتلة الشعبية ​ميريام سكاف​ التي تصرّ على مقاعد ثلاثة. في حال التباعد بين "الحكيم" و"الشيخ سعد"، سيكون ذلك بسبب عدم الاتفاق بين "القوات" و"الوطني الحر"، عندها سيتجه جعجع للتحالف مع قوى اخرى من بينها "الكتائب" وأنصار الوزير السابق ​أشرف ريفي​.

في البقاع الغربي، تبدو حركة "أمل" مرتاحة لتحالفها مع الوزير السابق عبدالرحيم مراد، في ظل توجه الأنظار لمعرفة قرار ​الحزب التقدمي الاشتراكي​. أين سيكون؟ المعلومات تتحدث عن تواصل مفتوح مع النائب ​وليد جنبلاط​ الذي يميل الى الحلف مع "الثنائي الشيعي". مقابل توجه "المستقبل" للتحالف مع "العونيين"، بينما تترقب "القوات" مسار المباحثات مع "الوطني الحر" و"المستقبل" لتحديد الخطوات. وبحسب الاستطلاعات فان كل فريق أساسي قادر على ايصال مرشحه الى ​المجلس النيابي​.