يلاقي ​حزب الله​ الى حد بعيد وزير الخارجية ورئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​ في تأكيده بأن التحالف بينهما "استراتيجي ولا يمكن لألاعيب سياسية صغيرة أن تقوى عليه"، وان كان بخلاف باسيل لا يتردد بالتعبير عن "بعض العتب" الذي تحول لدى جمهوره "استياء عارما" من التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس "التيار" عن ​اسرائيل​، وكما من بعض مواقف مقربين منه من موضوع "التطبيع"، فسرها البعض كردّ مباشر على الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصرالله​. ولكن تلقف "الجمهور الأصفر"، الذي اعتبر نفسه طُعن بالظهر، لهذه المستجدات، اختلف تماما عن تلقف القيادة لها، والذي اتسم بالهدوء والاستيعاب، وهو ما سيسمح في الايام القليلة المقبلة بوضع حد للسجال الذي لا يزال قائما ويتخذ أشكالا لم تعرفها العلاقة بين الحليفين منذ أكثر من 12 عاما.

ففيما قد يستنتج اي متابع للحملة الكبيرة التي شُنت على "التيار الوطني الحر" على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار "تيار التطبيع" بأن العلاقة بين التيار وحزب الله سلكت منحدرا خطيرا خاصة وأن الموضوع السجالي يشكل خطا أحمر للحزب لا يمكن أن يقبل بتجاوزه، تؤكد مصادر مطلعة على موقف قيادة الحزب بأن "ما يحصل موجة ومن شأنها أن تمر"، مشددة على ان "ما يعبّر عنه الجمهور الممتعض، والذي يقرأ بعض المواقف والتصريحات من دون التعاطي مع خلفياتها أو أبعادها، لا يمت بصلة للموقف الحقيقي لقيادة الحزب التي وان كان لديها أكثر من علامة استفهام على بعض المواقف التي تصدر من هنا او هناك، انما هي في النهاية تتعامل مع المواقف الرسمية وبالتحديد تلك التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ووزير الخارجية جبران باسيل من على المنابر العربية خلال الأزمة الأخيرة التي نتجت عن اعتراف الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ بالقدس عاصمة لاسرائيل". وتضيف المصادر: "هما قالا كلاما لم يُقَلْ منذ زمن، وقد عبرا عن موقفنا أفضل مما نعبّر عنه نحن في بعض الأحيان، لذلك لا نعتقد ان هناك ما يتوجب سؤال "التيار الوطني الحر" عنه، كما نرفض تحميل بعض المسائل أكثر مما تحتمل، وان كنا حاسمين بموقفنا لجهة رفض التطبيع تحت اي عنوان، أكان ثقافيا أو فنيا أو سواهما".

وبالرغم من ذهاب البعض بعيدا في تحليلاته، لجهة حديثه عن تخلي "الوطني الحر" عن حليفه الشيعي بعد ترسيخ علاقته بالمكون السني، تجزم المصادر المقربة من الحزب بأن "كل شيء قابل للتفكك الا تفاهم مار مخايل، فهو أمّن على مر السنوات الماضية ولا يزال يؤمن مصلحة استراتيجية لطرفيه، لا يرغب أي منهما بالتخلي عنها، تحت أي ظرف كان. حتى انّهما يتعاطيان مع اي احتمال مماثل على انّه انتحار".

وتعتبر المصادر أن "التيار الوطني الحر"، "واع تماما لواقع ان التحالف مع تيار "المستقبل"، وان اعتبرناه ممثل المكون السنّي في البلد، غير قادر على تأمين الغطاء والمصلحة التي يؤمّنها له التحالف مع حزب الله، خاصة وانّه ثبت طوال الأعوام الماضية وبخاصة خلال تجربة استقالة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، ان الحليف السني ليس بالصلابة التي يُتكل عليها استراتيجيا". وتضيف المصادر: "الحريري حاليا لا يمثل الا جزءا من الشارع السني الذي يبدو عشية الاستحقاق الانتخابي مشتتا أكثر من أي وقت مضى، وهو ما ستعكسه صراحة صناديق الاقتراع".

بالمحصلة، قد لا يكون من السهل على الاطلاق استيعاب تداعيات الاشكال الأخير بين جمهوري "حزب الله" و"الوطني الحر" خاصة وان بعض الاعلام التابع لهما شارك ولو بحدود دنيا بتغذيته، اضف الى لعب جمهور واعلام حركة "أمل" دورا أساسيا فيه، ما بات يستدعي تدخل القيادات سريعا للحؤول دون مزيد من الأضرار الجانبية التي من شأنها ان تترك تشوهات كبيرة وغير مسبوقة على بنود وثيقة تفاهم مار مخايل.