تبرز بين الحين والآخر محاولات لتعديل الدستور والقانون، وفق مصالح شخصية وحزبية وطائفية خاصة، وهو ما يلامس حدوث فتن واندلاع حرب أهلية جديدة، بعدما أدى الخلل وشعور بعض الطوائف بالغبن إلى إندلاع حرب عبثية في العام 1975، كان لبنان ضحيتها بأهله وعمرانه واستقراره.

لم تتوقف الحرب، إلا مع اجتماع اللبنانيين في مدينة الطائف بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، ودور محوري بارز للرئيس الشهيد رفيق الحريري، بما أفضى إلى صياغة "إتفاق الطائف"، الذي صدر بتاريخ 30 أيلول 1989، وتحول إلى "وثيقة الوفاق الوطني" التي أقرها مجلس النواب، بتاريخ 22 تشرين الأول 1989، والتي ضمنت المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

وأعطى هذا الاتفاق دفعاً لعودة الحياة إلى شرايين المؤسسات، وانطلقت عجلتها مع إجراء الانتخابات النيابية خلال شهري آب وأيلول 1992، وانتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً للمجلس النيابي وتشكيل الرئيس رفيق الحريري حكومته الأولى.

في الآونة الأخيرة عاد الحديث تلميحاً وتصريحاً إلى الحديث عن أن "إتفاق الطائف" أدى إلى خلل في التوازن السياسي، والمطلوب اليوم إعادة التوازن.

لقد كثرت التساؤلات عن أهداف وتوقيت طرح رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل "إلغاء المذهبية السياسية للمحافظة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين"؟!

هذا الطرح، اعتبر غير بريء، لأن هناك من يشعر بغبن كبير في الوظائف والتعاطي في مناحي الحياة كافة، بما في ذلك الأحكام القضائية، وحتى محاولات استثناء مجموعة من الموقوفين، الذين ينتمون إلى الطائفة السنية، من قانون العفو العام، تحت ذريعة "الإرهاب"! بينما يبحث عن مخارج للآخرين وفي مقدمهم من فتك بالأمن الإجتماعي، وتعامل مع العدو الإسرائيلي وفرّ إلى داخل الأراضي الفلسطينية بعد اندحار الإحتلال في 25 أيار 2000.

وتطرح اليوم تساؤلات مشروعة عن دوافع إثارة مثل هذه المواضيع الخلافية بين الحين والآخر؟!.

من أجل وضع النقاط فوق الحروف، واستناداً إلى الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية لأعداد الناخبين وتوزيعهم على الطوائف مع نسب التمثيل (قبل تحديثها النهائي للانتخابات النيابة المقبلة بتاريخ 6 أيار المقبل)، تظهر فوارق شاسعة بين أعداد الناخبين ونسب التمثيل، وذلك وفق الآتي:

- أن عدد الناخبين في لبنان بلغ (3685786)، يتوزعون على النحو التالي:

- المسلمين (2341917) ويشكلون 63.54%، ويبلغ معدل تمثيل النائب (36593).

- المسيحيين (1324390) ويشكلون 35.93%، ويبلغ معدل تمثيل النائب (20693).

علماً بأن كلاً من المسلمين والمسيحيين يتمثل بعددٍ متساوٍ للنواب يبلغ 64 نائباً من المجلس النيابي المؤلف من 128 نائباً، حيث تم تصحيح الخلل الذي كان قائماً سابقاً، عندما كان المجلس النيابي يتمثل بـ(99 نائباً: 54 للمسيحيين و45 للمسلمين) بأن رفع العدد إلى 108، بإضافة 9 نواب مسلمين ليتساوى العدد مع المسيحيين، قبل إضافة 20 نائباً جديداً توزعوا مناصفة بين المسيحيين والمسلمين تحت عنوان شمولية تمثيل المناطق.

وعلى الرغم من ذلك بقي الخلل بشأن التمثيل لأعداد الناخبين وتمثيلهم قائماً، وحتى مع توزيعهم على المناطق.

المسلمون

يتوزع المسلمون وفق الآتي:

- السنة يبلغ عدد الناخبين (1061123) - أي ما نسبته 28.79% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بـ(27 نائباً) - أي أن معدل تمثيل النائب هو (39300).

- الشيعة: يبلغ عدد الناخبين (1045771) - أي ما نسبته 28.37% من أعداد الناخبين، يتمثلون بـ (٢٧ نائباً) - أي أن معدل تمثيل النائب هو (38732).

- الدروز: يبلغ عدد الناخبين (204237) - أي ما نسبته 5.54% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بـ(8 نواب) - أي أن معدل تمثيل النائب هو (25530).

- العلويون: يبلغ عدد الناخبين (30786) - أي ما نسبته 0.84% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بـ(نائبين) - أي أن معدل تمثيل النائب هو (15393).

المسيحيون

يتوزع المسيحيون، وفق الآتي:

- الموارنة: يبلغ عدد الناخبين (719811) - أي ما نسبته 19.53% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بـ(34 نائباً) - أي أن معدل تمثيل النائب هو (21170).

- الروم الأرثوذكس: يبلغ عدد الناخبين (255734) - أي ما نسبته 6.94% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بـ(14 نائباً) - أي أن معدل تمثيل النائب هو (18266).

- الروم الكاثوليك: يبلغ عدد الناخبين (170880) - أي ما نسبته 4.64% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بـ(٨ نواب) - أي أن معدل تمثيل النائب (21360).

- الأرمن الأرثوذكس: يبلغ عدد الناخبين (87611) - أي ما نسبته 2.38% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بـ(5 نواب) - أي أن معدل التمثيل هو (17522).

- الأرمن الكاثوليك: يبلغ عدد الناخبين (19509) - أي ما نسبته 0.53% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بنائب واحد - أي أن معدل التمثيل هو (19509).

- إنجيلي: يبلغ عدد الناخبين (18899) - أي ما نسبته 0.51% من أعداد الناخبين، ويتمثلون بنائب واحد - أي أن معدل التمثيل هو (18899).

- وجمعت أعداد ناخبي 3 طوائف لتتمثل بنائب واحد، ضمن خانة الأقليات، يبلغ عددهم (51946) موزعين على: سريان أرثوذكس (19345) - أي ما نسبته 0.52%، سريان كاثوليك (11004) - أي ما نسبته 0.30% والأقليات (21597) - أي ما نسبته 0.59%.

بينما لا يتمثل بأي نائب الإسرائيليون الذين يبلغ عدد ناخبيهم (4700)، أي ما نسبته 0.13%، وكذلك من لم يحدد طائفته وبلغ عدد الناخبين منهم (14779) - أي ما نسبته 0.40%.

وفي ضوء أعداد الناخبين وتوزعهم على المذاهب، يظهر بوضوح الخلل قياساً على أعداد النواب ونسب تمثيلهم للناخبين، فضلاً عن انسحاب هذا الخلل على التوزيع المناطقي في الدوائر الـ15، التي اعتمدت في القانون التي ستجرى على أساسه الانتخابات النيابية، الأحد 6 أيار المقبل، والذي لم تعرف منه اجتهادات المقاييس التي اعتمدت بتقسيم الدوائر وتوزيع الناخبين والنواب عليها!