حاضر رئيس "تيار الكرامة" الوزير السابق ​فيصل كرامي​، عن "الرؤى الاقتصادية والإنمائية والسياسية ل​مدينة طرابلس​"، خلال ندوة في صالون ناريمان الثقافي، في حضور عدد من الشخصيات والهيئات والمهتمين.

واعتبر اننا لسنا بحاجة الى مؤسسات دولية تجرى دراسات وتقدم لنا ارقاما واحصاءات، لكي نعرف ما هو واقع مدينتنا، مع ذلك هناك أرقام تصيب بالهلع حين نعرفها. فنحن نعيش كلنا في المدينة ونعرف كل شيء ونحس بكل ما تعانيه المدينة، وربما ما نعرفه اكثر دقة ووضوحا من ارقام المؤسسات الدولية التي تظهر حجم ​الفقر​ و​البطالة​ وانعدام فرص العمل وانكماش ​الحركة التجارية​ وزوال الحركة الصناعية فضلا عن موجات ​الهجرة​ الكثيفة بين اجيال الخريجين من الجامعات الذين اما ان يهاجروا أو يبقوا في بيوتهم عالة على اهاليهم. وأحدث الارقام الصادرة عن المؤسسات الدولية تقول ان 51% من السكان لا يتجاوز مدخولهم اليومي 4 دولارات، و 73% من عائلات المدينة ليس لديها تأمين صحي، و 70% من السكان يشربون من مياه الشفة الملوثة، و20% من الطرابلسيين لا يملكون وسائل تدفئة وتبريد، و25% من العائلات يقل مدخولهم الشهري عن 500 دولار".

ولفت الى "انها ارقام مفزعة، تخيلوا عدد العائلات التي تعيش بمدخول لا يتجاوز 500 دولار اميركي، تيخلوا الرقم المفزع الذي لا يمكن لغيرنا ان يصدقه، هو ان اكثر من 50% من الافراد لا يتجاوز مدخوله اليومي 4 دولارات، وان هذه الاربع دولارات هي للسكن والطبابة والتعليم والاكل والشرب وسائر لوازم العيش، فلنتخيل كيف يعيش الانسان في لبنان باربع دولارات وعندئذ سوف نكتشف هول الخطر الذي تعيشه المدينة. بوضوح وصراحة، انا اقول لكم ان تحول طرابلس الى بؤرة فقراء وعاطلين عن العمل ويائسين واجيال شابة بلا آفاق ولا آمال، انما هذا لا يشكل خطرا على هؤلاء فقط، بل على الجميع، عليي وعليكم وعلى كل انسان في المدينة".

وشدد كرامي على انه بالرغم من ذلك "لا زلنا صامدين كمجتمع عبر التحويلات المالية التي تصل الى العائلات من ابنائهم واقربائهم في دول الخليج واوروبا واميركا، وعبر توفر بعض الخدمات الخيرية على المستوى الصحي والتعليمي تؤمنها مؤسسات خيرية عديدة، أقول بلا تردد ان ابرزها المستشفى الاسلامي الخيري ومستوصفات ومدارس الكرامة وجامعة المنار. ولكن، الاعتماد على هذا الصمود المتواضع ليس هو الحل، فالقنبلة الاجتماعية جاهزة للانفجار في أي لحظة، ومن هنا، ومن خلال فهمي العميق للواقع، اقول ان كل التحليلات السياسية والاجتماعية التي تحاول تفسير بعض الظواهر الغريبة عن المدينة، هي تحليلات قاصرة ولا تصيب الحقيقة كاملة ولا تضع الاصبع على الجرح. ان المواطن، او الشاب، او اي شخص، او اي بيت، يعاني من كل هذا الفقر والحرمان وفقدان الامل، وانما من الطبيعي ان يقع عند اول فرصة يعتبرها فرصة خلاص في التطرف، بل وفي "داعش" وغيره، وسبق وعاشت المدينة حوالى 20 جولة قتال بين افقر منطقتين فيها، التبانة و​جبل محسن​، حيث كان المتقاتلون ينفقون في معاركهم اليومية اسلحة وذخائر بعشرات الاف الدولارات في حين لا تجد في جيب اي منهم اكثر من 100 دولار ربما تكون راتبه الاسبوعي او الشهري من جانب الجهات التي تلاعبت بأمن المدينة وحياة ابنائها وأرزاق أهلها".

وأضاف: "حين تكون نسبة البطالة في المدينة 58%، ونسبة الامية 69%، ونسبة عمالة الاطفال في لبنان 13% نصيب طرابلس هو ثلث هؤلاء، اي اكبر نسبة في لبنان، ومن الطبيعي ان يكون لطرابلس النسبة الاكبر في جرائم الاحداث، وهي 40% من مجمل جرائم الاحداث التي تحصل في لبنان. النتيجة الحقيقية التي نستخلصها من كل ذلك هي ان المدينة على شفير الهاوية، وأمام انهيار اجتماعي كبير ولعل ذلك هو اخطر ما يمكن ان تتعرض له مجموعة سكانية في بقعة جغرافية.

مقابل هذا الواقع، نرى واقعاً ثانياً على المستوى السياسي، لأن الأمور تكمّل بعضها البعض".

وختم كرامي، بالاشارة الى "ان الدول والمدن في العالم لا يبنيها ولا يصونها ولا يعلي شأنها غير ابنائها. هذه حال لندن وباريس بعد الحرب العالمية الثانية، وهذه حال المانيا كلها بعد الحروب التي خسرتها، وهذه حال مصر بعد نكسة 1967، غير ان القدر لم يتح لجمال عبدالناصر العمر الكافي لكي يحقق النهضة التي خطط لها بعد النكسة. واني سعيد بهذه الفرصة التي اتاحتها لي السيدة ناريمان الجمل عبر صالونها الثقافي المميز لكي احكي بعض الآراء واتبادل بعض الافكار مع نخبة من وجوه طرابلس ممن يعرفون مكانة هذه المدينة في الوطن عموما، وممن يعرفون مكانة البيت الكرامي خصوصا".