احتفل رئيس أساقفة ​بيروت​ المطران ​بولس مطر​، يحيط به ألأباء رئيس مدرسة الحكمة في برازيليا كاهن رعيّة السيدة في الحدت الخوري بيار أبي صالح وكاهن رعيّة القديسة تريزيا الطفل يسوع في الفياضيّة الخوري عصام إبراهيم وكاهن رعيّة مار جرجس في الخريبة الخوري دوري بطرس فيّاض والخوري دانيال الخوري، بالقدّاس الإلهي في كنيسة القديسة كلارا في دير سيدة الوحدة للراهبات المتوّحدات، الكلاريس في ​اليرزة​ مختتمًا اسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس، التي حمل شعارًا لهذه السنة ( يمينك يا ربّ قديرة قادرة)، شارك فيها لفيف من الكهنة والرهبان والراهبات ومصلّون.

وبعد ​الإنجيل​ المقدّس ألقى المطران مطر عظة، تحدّث فيها عن وحدة ​المسيح​يين التي صلّى يسوع المسيح ليلة آلامه من أجلها، وقال: مثل كل عام نلتقي في كنيسة هذا الدير المبارك في مناسبة أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين، الذي بدأ تنظيمه منذ مئة سنة، ونشكر الله عليه. وقد كان له فعله الكبير في تقريب القلوب بعضها من بعض وتقريب الأفكار بقوّة الروح القدّس وبنعمة يسوع المسيح، فانتهى في الكنائس عهد البغض والإنقسام الحاد وتراشق التهم، وبدأ عهد التلاقي والتفاهم والرضى، على رجاء بأن تتمّ الوحدة، كما يريدها الله، عندما يريدها. وعلينا نحن أن نصلّيَ من أجلها، كما صلّى يسوعُ المسيح بذاته، ليلة إقباله على الموت، حين قال: ليكونوا يا أبتاه، واحدًا كما أنت وأنا واحد. ما صنعه يسوع في بستان الزيتون من صلاة للأب من أجل وحدة تلاميذه، نصنعه نحن اليوم، بنعمة يسوع المسيح وبركته.

وقد أراد المنظّمون لأسبوع الوحدة أن يبدأ في 18 كانون الثاني من كل عام في عيد قيام كرسّي بطرس، أي في ذكرى وصوله إلى ترتيب الكنيسة وحمله المسؤوليات وهو الذي كان صيّاد سمك فقط. وينتهي الأسبوع في 25 الجاري في عيد اهتداء مار بولس على طريق دمشق وأصبح مهندس الإيمان وهو علّمنا وأول مَن علّمنا مَن هو يسوع المسيح، الذي سمّاه آدم الجديد، أي منطلق إنسانيّة جديدة غير محصورة، لا بشعبٍ يهودي بل هي لكل الشعوب، وكنّا نصلّي في بداية قدّاسنا، قائلين: سبّحوا الربّ يا جميع الشعوب، هلّلويا. لم نكن نقول، سبّحوا الربّ يا جميع ​الموارنة​ ولا يا جميع الأرتوذكس ولا يا جميع المسيحيين، بل يا جميع الشعوب من كلّ لون ومكان. كلّنا أبناء للآب الذي في السماء، ولكن يجب أن نعرف يسوع المسيح ونعتمد ونأخذ إنجيله المقدّس حياةً لنا . هذا الرسول العظيم بولس مثل بطرس رجل الإيمان والمحبّة المطلقة لربّه ولو خطىء ولكنّه ندِم وامتلأ من نعمة المسيح وصار بطلًا في كنيسة الربّ، رئيسًا سفك دمّه من أجل سيّده.

بعد كل ذلك وكل هذه الألام التي احتملها بطرس، وبولس مات بحدّ السيف في روما، إيمانًا بيسوع المسيح، هل يعقل أن تنقسم الكنيسة؟ نعم، يا إخوتي، عندما يدخل الشيطان تنقسم الكنيسة. وعندما يُطرد الشيطان تعود الوحدة إلى الكنيسة. لذلك علينا أن نأخذ من بولس نعمة وقوّة، يُعّلمنا كيف نكون مسيحيين. هذا المسيحي كان كلّه لربّه، بإيمان عظيم وثقة بالمستقبل وبالروح ​القدس​. علينا نحن أيضًا، أن نكون مثل بولس مؤمنين مئة بالمئة، واثقين بالربّ، محبين للكنيسة وبعضنا لبعض وللناس أجمعين، خميرة صالحة في عجين الأرض كلّها. نحن لسنا يهودًا جددًا، ننغلق على أنفسنا. نحن خميرة لكلّ الشعوب، لتتوّحد بيسوع المسيح، بإنسانيّة واحدة من أبناء آدم الجديد. هذا هو دورنا. ومار بولس يقول: سُلمنا خدمة المصالحة، وقال لنا بكلّ محبّة، وأنا أقولها من جديد: تصالحوا مع الله. تصالحوا مع ربّكم لتتحقق الوحدة, تصالحوا بعضكم مع بعض. نشكر الله نحن سائرون على طريق الوحدة، مع إخوتنا الأرتوذكس. نحن كنيستان شقيقتان و 99 بالمئة من إيماننا واحد. هناك خلافات لاهوتيّة تُزّلل بإذن الله، وتعود الوحدة. هناك حوار في بين الكاثوليك في روما والبروتستانت الإنجيليين. وفي ذكرى 500 سنة على إنفصال لوثر عن الكنيسة البروتستانت 500 مليون في أوروبا، ذهب قداسة ​البابا فرنسيس​ إلى السويد للمشاركة في الإحتفال الذكرى وليقول لهم: نحن إخوة وتعالوا لننسى الماضي ولنفكّر معًا، وكلّنا معمدّون بيسوع المسيح ونؤمن بالثالوث الأقدس وبتجسّد الإبن وبالفداء. طبعًا هناك خلاف حول الكنيسة والكهنوت والقربان، ولكن تعالوا لنتحدّث ولنبحث معًا عن الحلول. هناك خلافات حول السلطة تعالوا لنتحدّث عنها. والبابا يوحنّا بولس الثاني القديس، قال لإخوتنا الأرتوذكس. كنّا معًا إخوة لألف سنة ومن دون أي شيء يفرّقنا والبابا كان خادمًا للوحدة. رأس الكنيسة هو خادم للوحدة بمحبّته، وليس رجلًا متسلطًا. وفي الألف الثاني كان الإنقسام، فتعالوا لنتوّحد في الألف الثالث كما كنّا في الألف ألأول. هناك اليوم حركة وبرّكة من أجل هذه الوحدة، فلنصلّي كي تستمر هذه الحركة المسكونيّة.

مار بولس يعلّمنا الثقة بالربّ والشجاعة والقداسة ويعلّمنا أن نضحّي في سبيل الكنيسة. ليس نحن مَن يجب أن نظهر، بل علينان أن يتعرف العالم على يسوع المسيح من خلالنا. نحن يجب أن نكون خدّامًا ليسوع المسيح. يجب علينا ألا نحجب المسيح لنظهر نحن. بل علينا بأعمالنا وكلامنا أن نظهر يسوع المسيح ومحبته ورحمته، فتعود الوحدة التي نصلّي من أجلها ولتكن صلاتنا مقبولة عند الربّ ونشكر مشاركتم ومحبتكم، ومشاركة الأباء، كهنة الرعايا في منطقة اليرزة والمحيط. جئنا إلى هذا الدير محبّة له وللراهبات اللواتي كرّسنا العمرَ في سبيل الصلاة من أجل وحدة المسيحيين. صلاتهن ليل نهار وحياتهنّ كلها في هذا الدير من أجل وحدة الكنيسة. وعلى كل إنسان منّا أينما كان ألا يكون حجر عثرة من أجل وحدة الكنيسة، والربّ هو الذي يعمل فينا كلّ عمل صالح. وعلى رجاء أن تكون كنيسة المسيح بفضل رسله بخير وتتمّ مشيئة الله بجمع كلّ الناس إلى واحد، بالربّ يسوع المسيح له المجد والشكر، إلى أبد الأبدين.