تستمر تداعيات ما قاله وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​ تجاه رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​، ويبدو أن الازمة المشتعلة لن تقف عند حدود بيان سياسي أو تحرك في الشارع، خصوصا وأن "المعالجات" السليمة لما حصل لم تبدأ بعد، بالرغم من تحرك رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ الذي حاول الدخول على خط الأزمة.

لم يستطع الحريري التوجه الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة للقاء بري بعد لقائه رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، فالرجل "غير المرغوب فيه" بحسب مصادر مطلعة أرسل وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ الى بري ليقف عند توجهاته بما يخص الازمة. تشير المصادر عبر "النشرة" الى أن المشنوق سمع ما كان يتوقعه من بري، وهو ان ​حركة أمل​ التي كانت حريصة على استقرار لبنان ووحدته لن تكون غير ذلك اليوم وفي أي يوم، ولكن ما قيل من قبل وزير الخارجية لا يمكن السكوت عنه، لا لأنه يشكل إهانة لبري وحركته والمجلس النيابي وفئة من الشعب اللبناني، بل لأنه يشكل خطرا على الوحدة الوطنية وخروجا عن المألوف بالحياة السياسية اللبنانية.

وتكشف المصادر أن الحركة ورئيسها ونوابها لم يطلبوا "اعتذار" باسيل أبدا، مع العلم أن اعتذاره بعد صدور التسريب مباشرة كان ليغيّر الكثير، بينما اعتذاره اليوم أو غدا او بعده لن يغيّر شيئا لانه وعملا بالمثل اليوناني فإن "الاعتذار البارد هو إهانة ثانية". وترى المصادر أن "محاولات مسؤولي ​التيار الوطني الحر​ تقليل حجم وخطورة كلام باسيل لم ولن تنفع، والقول بأن الحديث هو حديث صالونات فهو غير مقبول أيضا لان حديث الصالونات لا يكون امام عشرات الأشخاص ومن احزاب مختلفة".

وترى المصادر أن خطورة حديث باسيل هو في استحضار مرحلة الحرب اللبنانية، مشيرة الى أن تحصيل حقوق المسيحيين لا يكون عبر إهانة الطوائف الأخرى، وحماية موقع ​رئاسة الجمهورية​ لا يكون عبر تهشيم مواقع اخرى. وتضيف المصادر، "إن المطلوب اليوم هو تثبيت قواعد التعاطي السياسي القائم على الاحترام، داعية باسيل لدراسة تأثير خطاباته على جمهور الطوائف اللبنانية المتنوعة.

وتكشف المصادر أن كلام باسيل لم يكن الأول من نوعه في نفس السياق اذ أن اجتماعاته مع مغتربين في الخارج تخللها حديثا مشابها في اكثر من مرة، ظنا منه أن هذه الطريقة بالتخاطب تشد عصب المسيحيين للمشاركة بالانتخابات النيابية، لافتة نظر باسيل الى أن ضمانة المسيحيين في لبنان لم تكن يوما عبر الطائفية بل عبر الدولة. وتقول المصادر: "على التيار أن يقرأ التاريخ لمعرفة المكان الذي وصلت اليه الاحزاب الطائفية"، مشددة على ضرورة الحفاظ على اتفاق الطائف الذي كلّف لبنان ما يزيد عن مئة ألف ضحية، مشيرة الى أنه لا يمكن العودة عن الاتفاق فقط لأن مجموعة من اللبنانيين تريد ذلك.

من جهتها تؤكد مصادر مقربة من ​حزب الله​ ان ما صدر عن باسيل لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال. وتكشف انه "لم يصدر بيان حزب الله سوى بعد اتصالات مكثفة جرت مع باسيل ومسؤولين بالتيار الوطني الحر دون جدوى"، مشددة على أن التحالف مع حركة أمل هو اولوية عند الحزب وقيادته وشارعه، ورئيس المجلس بما يمثل من مكانة شيعية ووطنية هو خط احمر يتخطى كل التحالفات السياسية.

وتضيف المصادر: "لا يريد حزب الله ولم يفكر يوما في الخروج من تحالفه مع التيار الوطني الحر، لكن على الأخير معاينة الأضرار التي يتسبب بها في شارع الحزب الذي بدأ يشعر بالتململ، من بعض التصرفات "المقلقة" للتيار الوطني الحر بداية من قضية حديث باسيل عن ​اسرائيل​، مرورا بملف "المخرج الداعم لاسرائيل" والذي أشعل الخلاف بين جمهوري الطرفين على وسائل التواصل، وصولا الى ما قاله عن رئيس مجلس النواب"، مشيرة الى أن الخروج عن الثوابت مرات متكررة ستؤدي الى هزّ التحالف".

"نفّس" جمهور حركة أمل غضبه في الشارع وتمّ ضبط التحركات ومنعها من الانجرار الى اماكن لا تحمد عقباها، لكن التعاطي السياسي لن يبقى كما كان قبل "التسريب".