اعتبرت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن "هناك مبالغة ومجافاة للحقيقة وتهرّب من الواقع، عندما يقال إن إدارة الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ نسفت العملية السلمية وقضت على أي أمل بالتوصل إلى أية تسوية للصراع العربي- ال​إسرائيل​ي، وبالتالي ليست وسيطاً نزيهاً صالحاً، ليقوم بمهمة رعاية المفاوضات، ولا بد من إيجاد مرجعية أخرى تقوم بهذه المهمة برعاية دولية".

ولفتت إلى انه "صحيح أن إدارة ترامب قامت بما لم تتجرأ عليه أية إدارة سابقة، عندما أعلنت الاعتراف ب​القدس​ عاصمة لإسرائيل، وأنها تعتزم نقل سفارتها من ​تل أبيب​ إليها، لكن هذا الموضوع كان مطروحاً أمام كل الإدارات منذ العام 1995 عندما صادق ​الكونغرس الأميركي​ على قانون نقل السفارة إلى القدس، وأعطى الحرية للرئيس بالتوقيع عليه لإقراره ومنحه سلطة تأجيل تنفيذه ستة أشهر، وهو ما دأب عليه الرؤساء الأميركيون المتعاقبون"، مشيرةً إلى أنه "منذ ذلك التاريخ، بل ومن قبله، وتحديداً منذ مؤتمر ​مدريد​ العام 1991، وقيام ​الولايات المتحدة​ برعاية المفاوضات، حتى نهاية ولاية الرئيس الأميركي السابق ​باراك أوباما​، كانت الإدارات الأميركية تؤجّل تنفيذ قرار الكونغرس، ليس لأنها لا تريد تنفيذه بل لتوفير فرصة أمام إسرائيل كي تفرض وقائع ميدانية على الأرض من خلال توسيع ​الاستيطان​ في القدس وكل ​الضفة الغربية​، واستكمال مخطط تهويد المدينة المقدسة بالعمل الحثيث على تغيير معالمها العربية والإسلامية، من دون أن تقوم بأي إجراء يمنع إسرائيل من القيام بهذه الانتهاكات الواضحة لكل قرارات الشرعية والقانون الدولي".

وأشارت إلى أنه "ظلت الولايات المتحدة تمارس هذا الدور الملتبس والمشبوه طوال أكثر من 25 عاماً من المفاوضات التي كانت تدور في حلقة مفرغة، والسلطة الفلسطينية منخرطة فيها بقوة، وهي تعرف أن إسرائيل لن تقدّم شيئاً، وأن الولايات المتحدة لن تقوم بأية خطوة لإلزام إسرائيل بالحل الذي كانت الإدارات الأميركية وعدت فيه، أي حل الدولتين ومع ذلك لم تعترض السلطة على مواصلة المفاوضات العبثية، ولم تستمع لأصوات عربية وفلسطينية بالتخلي عن مسار مثل هذه المفاوضات، والبحث عن بديل آخر أجدى وأنفع".

وسألت "ماذا تغيّر الآن ؟ كانت المفاوضات من أساسها مثل الحرث في البحر، وكان واضحاً أن إسرائيل لن تنفّذ أي قرار دولي، ولن تعطي الفلسطينيين دولة، وأن الولايات المتحدة كانت بصورة أو بأخرى شريكةً مع إسرائيل في المفاوضات ضد الفلسطينيين، بمعنى أن الإدارات الأميركية لم تكن يوماً وسيطاً نزيهاً"، معتبرةً أن "ما فعلته إدارة ترامب الآن كان يمكن أن تفعله أية إدارة أميركية سابقة، لكن هذه الإدارة كان لديها الجرأة على تنفيذ ما وعدت به وفي هذه الحال علينا ألا نلوم إلا أنفسنا، لأن السلطة غرقت في وحل المفاوضات ولم تتمكن من الخروج منه، ولأن العرب تخلّوا عن قضيتهم المركزية وتركوها رهينة بيد إسرائيل والولايات المتحدة، وعندما وقع الفأس في الرأس، استيقظوا على القدس تضيع منهم، وعلى ​القضية الفلسطينية​ تواجه مصير التصفية".