فتحت قضية تسريب الفيديو، الذي يصف فيه وزير الخارجة والمغتربين ​جبران باسيل​ رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ بـ"البلطجي"، الباب أمام أزمة كبيرة، كانت قد بدأت منذ أشهر طويلة، متعلقة بالتحالفات بين قوى الثامن من آذار و"​التيار الوطني الحر​" في العديد من الدوائر التي يملك الجانبان حضوراً بارزاً فيها، لا سيما أن العلاقة بين التيار والعديد من أطراف هذا الفريق ليست على أحسن حال.

بعد تسريب الفيديو ليس كما قبله، هذا ما تؤكد عليه مصادر في قوى الثامن من آذار، متمنية في المقابل معالجة المشكلة بأسرع وقت ممكن قبل أن تتفاقم أكثر، خصوصاً أن تطور الأوضاع سيجبرها على الإختيار بين الوقوف إلى جانب بري أو باسيل، لا سيما أن الموقف، الذي عبّر عنه البيان الصادر عن "​حزب الله​"، يوحي بأن الأمور وصلت إلى مكان لم تعد تنفع معه المعالجات الجانبية.

وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن الغالبية العظمى من قوى الثامن من آذار وجدت نفسها مضطرة إلى إعلان تضامنها مع رئيس المجلس النيابي، مؤكدة أن هذا الأمر لا يمكن إلا أن يكون له تداعيات على مستوى التحالفات الإنتخابية في أكثر من دائرة، لكنها تراهن على قدرة قيادة "حزب الله" على "لملمة" الخلافات بين حليفيه الأساسيين على المستوى الوطني.

إنطلاقاً من ذلك، توضح المصادر نفسها أن العلاقة بين التيار "الوطني الحر" وتيار "المردة" وصلت إلى طريق مسدود على مستوى التعاون الإنتخابي منذ فترة طويلة، تحديداً في دائرة البترون-الكورة-بشري-زغرتا، لكنها توضح أن الأزمة الأخيرة قضت، إلى حد بعيد، على أي إمكانية للتعاون بين "الوطني الحر" و"​الحزب السوري القومي الإجتماعي​" في هذه الدائرة، خصوصاً أن الحزب كان حاسماً في تأييد وجهة نظر بري، وتشير إلى أن هذا الواقع من المرجح أن ينتقل إلى دوائر أخرى منها دائرة المتن الشمالي.

وفي حين ترى هذه المصادر المطلعة أن الواقع نفسه ينطبق على دائرة صيدا-جزين، التي ستشهد معركة قاسية بين كل من "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل" من جهة، وتحالف يجمع أمين عام "​التنظيم الشعبي الناصري​" النائب السابق ​أسامة سعد​ والمرشح عن أحد المقعدين المارونيين إبراهيم عازار المدعوم من "​حركة أمل​"، تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول الأجواء التي ستخاض فيها المعركة في دائرة بعبدا، التي كان من المتوقع أن يتحالف فيها "الوطني الحر" مع "أمل" ضمن لائحة تضم مرشحاً من "حزب الله" عن أحد المقعدين الشيعيين وآخر عن المقعد الدرزي.

في الإطار نفسه، تلفت هذه المصادر إلى أن ما حصل سيضعف موقف كل من "الوطني الحر" وقوى الثامن آذار في المفاوضات مع رئيس "​اللقاء الديمقراطي​" النائب ​وليد جنبلاط​، حول تشكيل لائحة إئتلافية في دائرة الشوف وعاليه، نظراً إلى أنه في حال الخلاف مع النائب جنبلاط من المستبعد أن يكون "الحلفاء" قادرين على تشكيل لائحة، كانت المعلومات تتحدث عن إمكانية أن تكون برئاسة رئيس "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" وزير الدولة لشؤون المهجّرين ​طلال أرسلان​.

بالتزامن، تؤكد هذه المصادر أن هذا الواقع من المفترض أن ينعكس أيضاً على الدوائر الإنتخابية في محافظة البقاع، سواء كان ذلك في دائرة زحلة أو دائرة البقاع الغربي أو دائرة بعلبك الهرمل، وتوضح أنه في جميع هذه الدوائر سيكون هناك خلافات واسعة في حال لم تعالج الأزمة في وقت قريب، خصوصاً أنها تضم أفرقاء من قوى الثامن من آذار إلى جانب "التيار الوطني الحر"، وتضيف، "هذا الواقع قد ينتقل أيضاً إلى دائرة جبيل كسروان، حيث من الممكن أن ترشح أمل إحدى الشخصيات عن المقعد الشيعي، بالرغم من أن بري أكد أن هذا المقعد خاضع للنقاش مع حزب الله".

في المحصلة، لا تخفي هذه المصادر الإحراج الذي تمر به قوى الثامن من آذار، في الوقت الراهن، لافتة إلى أن المشهد يذكّر بالخلاف الذي شهدته معركة الإنتخابات الرئاسيّة قبل أن يقرر رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ الإنسحاب، لكنها ترى أن الإستمرار في التصعيد قد يقود إلى معركة، بعد ​الإنتخابات النيابية​، حول رئاسة المجلس النيابي، ومعركة أخرى حول تشكيل الحكومة.