أكد وزير الزراعة ​غازي زعيتر​، في كلمة له خلال اطلاق التقرير عن "آفاق الامن الغذائي في المنطقة العربية"، أنه "لا بد لنا بداية من التوقف امام التحديات التي تواجه العالم بشكل عام ومنطقتنا العربية بشكل خاص، في ظل ما نشهده اليوم من اسوأ ازمة لجوء في المنطقة وتداعياتها على مستوى اوضاع الامن الغذائي لهذه الدول واستنزاف الموارد الطبيعية وانعكاسات كل ذلك على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية"، مشيرا الى ان "في ​لبنان​، فان التحديات التي يشهدها قطاع الامن الغذائي والزراعة لا تختلف عن سائر بلدان المنطقة، فهي عديدة ومترابطة، وقد تم التطرق الى بعضها في سياق التقرير الذي يتم اطلاقه اليوم، أما أبرز هذه التحديات فتكمن في أهمية تحديث الزراعة وزيادة انتاجيتها ورفع كفاءتها وضمان القدرة التنافسية لسلاسل الانتاج لاهم المحاصيل في ظل تفتت الحيازات وصغر حجمها وضعف البنية التحتية الزراعية والتسويقية، وتحديث معايير الصحة والصحة النباتية لتتماشى مع المعايير الدولية مما يسهل انسيابها الى الأسواق الخارجية في ظل تجارة عالمية حرة، اضافةً الى ضمان توافر إمدادات غذائية سليمة وكافية وتعزيز الأمن الغذائي في ظل تقلبات أسعار المواد الغذائية".

وتابع بأن من هذه التحديات أيضاً "استقطاب الشباب للعمل والاستثمار في الزراعة وزيادة فرص العمل والدخل في المناطق الريفية والحد من ​الهجرة​ و​النزوح​ الريفي ضمن تنمية ريفية متكاملة، وضمان الإدارة المستدامة واستخدام الموارد الطبيعية في ظل تغير المناخ وتدهور الأراضي والرعي الجائر وأنماط الزراعة غير المناسبة والاستخدام الجائر لموارد الغابات والاستغلال المفرط للموارد السمكية الضعيفة".

كما أوضح زعيتر أنه "بالارقام، فقد بلغت نسبة الاسر التي تعاني من انعدام الامن الغذائي في لبنان حوالي 10% من اجمالي عدد الاسر بحسب دراسة أجريت حول اوضاع الامن الغذائي للاسر في عام 2015. وتشكل الزراعة المصدر الرئيسي للدخل وفرص العمل في المناطق الريفية، اذ يمثل ​القطاع الزراعي​ حوالي 4% من الناتج المحلي الاجمالي وحوالي 6 % من العمالة الوطنية. وكما ذكر التقرير يعتبر لبنان مستوردا اساسيا للمواد الغذائية حيث ان المنتجات المحلية تلبي فقط حوالي 20% من حاجات الاستهلاك المحلي، في حين بلغت المساحة الاجمالية للأراضي الصالحة للزراعة 330 ألف هكتار، يزرع منها 250 ألف هكتار، كما يعتبر القطاع الزراعي المستخدم الاكبر للمياه حيث تقدر احتياجات ​مياه الري​ بحوالي 810 مليون متر مكعب بالسنة"، لافتا الى انه "أمام هذا الواقع، اعتمدنا في ​وزارة الزراعة​ ومنذ العام 2015 استراتيجية وطنية للقطاع الزراعي والغذائي تمحورت حول ثمانية مسارات عمل شملت عددا من البرامج أهمها تحسين سلامة وجودة الغذاء المنتج محليا والمستورد، زيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية للمنتجات الزراعية اللبنانية من خلال تحسين سلاسل الانتاج بشقيه النباتي والحيواني، وتعزيز الإدارة الرشيدة والاستثمار المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز وتطوير وتفعيل الارشاد الزراعي والبحث العلمي الزراعي وعمل المختبرات، اضافة الى تنمية القطاع التعاوني والتعاضدي وتخفيف ​الآثار​ المترتبة عن ​التغير المناخي​ وادارة الكوارث الطبيعية التي تؤثر على القطاع الزراعي".

كما نوه زعيتر الى أنه "في مجال تطوير الانتاج الزراعي، تعمل الوزارة على تعزيز سلاسل الانتاج من خلال تشجيع اعتماد الممارسات الزراعية الجيدة، ومكافحة الآفات الواسعة الانتشار، ورصد ومراقبة انتشار الآفات الزراعية في لبنان، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر برنامج الحبوب من خلال تأمين البذار المحسنة للمزارعين بأسعار تشجيعية ومشروع تقوية القدرات في مجال فاقد الغذاء"، لافتاً الى أنه "في ادارة الثروة الحيوانية، يجري العمل على استكمال خطة مكافحة الامراض الوبائية من خلال حملات تحصين المواشي وتحسين انتاج قطاعي اللحوم والحليب كما استكملت برنامج تطوير زراعة الاعلاف وتربية الماشية".

وتابع بالقول أنه "أما في مجال الادارة المستدامة للموارد الطبيعية والموارد الوراثية، يجري التركيز على زيادة انتاجية مياه الري من خلال عدد من المشاريع الهادفة لتطوير كفاءة استخدام ​المياه​ في الزراعة، كما استمر موضوع سلامة الغذاء ليشغل حيزا ذا أولوية في ​سياسة​ الحكومة اللبنانية فتركزت الجهود على ادخال قانون سلامة الغذاء الذي اقر في نهاية 2015 حيز التنفيذ وتنفيذ عدد من المبادرات في مجال تحسين التغذية ورصد الملوثات".

وأعلن زعيتر، ان "لدى دول العالم اليوم أجندة عالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة، والقضاء على الجوع وسوء التغذية وانهاء الفقر ومعالجة قضية التغير المناخي بجميع أبعادها بحلول العام 2030"، مشيرا الى ان "هذه المسائل تشكل تحديات لنا جميعا من حكومات ومنظمات مجتمع مدني ومنظمات دولية وحتى أفراد معنيين مباشرة بقطاع الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية، وعلينا تقع مسؤولية تنفيذها، على ان يتم مساندتها في الجهود التي تبذلها في هذا المجال، مؤكدين مرة جديدة اهمية التعاون الدولي لتعزيز الاستثمارات في مجال التنمية المستدامة في سبيل تحقيق الامن الغذائي".

وذكر "اننا اليوم، نشهد إطلاق تقرير "الافق العربي 2030: آفاق تعزيز الامن الغذائي في المنطقة العربية" الذي يقدم استعراضا متقدما وشاملا لحالة الامن الغذائي السائدة في المنطقة العربية ويحلل أهم التحديات مقدما حلولا بديلة للمستقبل تركز على زيادة الانتاجية الزراعية واعتماد أنماط استهلاك للمواد الغذائية أكثر صحية".

وختم بالقول "أننا نتطلع بكثير من الامل الى انعكاسات نتائج هذا التقرير على الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالامن الغذائي، والى دور رائد لكل من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا، ولمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والمنظمة العربية للتنمية الزراعية في مساندة الدول بحيث يصبح القطاع الزراعي والغذائي مساهما أساسيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لا عبئا عليها، ونحث المنظمات الدولية على إيجاد السبل لزيادة الإنتاج الزراعي والغذائي بطرق مستدامة وسليمة بيئيا".