ترأس ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ الصرح البطريركي في ​بكركي​ الجلسة الإستثنائية ل​مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك​ في ​لبنان​ المخصصة للنظر في تداعيات تطبيق القانون 46/2017 المعروف بقانون ​سلسلة الرتب والرواتب​، بحضور أصحاب الغبطة والسيادة والسماحة، قدس الرؤساء العامين والرئيسات العامات، ​اتحاد المؤسسات التربوية​ الخاصة والهيئة التنفيذية للأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية ولفيف من الكهنة والراهبات من الحقل التعليمي.

واستهل الراعي الجلسة برفع صلاة على نية ان يلهم الله المجتمعين على كل ما هو عدل وحق وانصاف.

وأكد أنه "يسعدني أن أرحِّب بكم جميعًا، ونحن نجتمع من بعد أن أحدث صدور القانون 46/2017، بتاريخ 21 آب 2017، المختصّ بسلسلة الرّتب والرواتب والدرجات الاستثنائيّة السّت، من إشكاليّات فرَّقت بين مكوِّنات الأسرة التربويّة في المدرسة وهي: الإدارة والهيئة التعليميّة وأهالي التلامذة. فتقرّر اجتماعنا اليوم بعد التشاور مع الأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة وهيئتها التنفيذيّة والمطارنة والرؤساء العامّين والرئيسات العامّات المكلَّفين من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وبعد التشاور مع اتّحاد المؤسّسات التربويّة الخاصّة الذي يضمّ مدارس مسيحيّة كاثوليكية وأرثوذكسيّة وإنجيليّة، ومدارس إسلاميّة سنّيّة وشيعيّة ودرزيّة، وغيرها مدنيّة. الغاية من الاجتماع توحيد الموقف الذي يحمي التعليم الخاصّ وأهميّته التي لا بديل عنها، ويحافظ على حقوق المعلّمين، ويضمن للأهل حقّهم في اختيار المدرسة من دون إرهاقهم بأقساط تفوق طاقاتهم، وحماية حرية التعليم المنصوص عليها في الدستور، وجعل المدرسة الخاصّة في متناول جميع المواطنين، لا حكرًا على الأغنياء والقادرين. وهو موقف يأتي بحلول تساعد الجميع وترضيهم. أما مشاركة رؤساء الكنائس والطوائف فتهدف إلى مساندة مؤسّساتنا التربوية في مطلبها الموحَّد، وهي ذات منفعة عامّة تعنينا كلَّنا، وذلك تلبيةً لمطلب القيّمين عليها".

ولفت الراعي الى أنه "لقد أخذت هذه الإشكاليّات المستحدثة شكل نزاع مثلّث فإدارات المدارس تؤكِّد عجزها عن تطبيق كامل القانون 46 من دون رفع أقساطها، وهي لا ترغب في ذلك لأنّ الأهل غير قادرين بسبب أوضاعهم الاقتصاديّة والمعيشيّة المتردّية. وتؤكّد أنّ عددًا منها لا يُستهان به سيضطرّ على الإقفال، وهذا ما لا تتمنّاه لأنّه يعني زجّ عدد من المعلّمين والموظّفين في حالة البطالة. وأولى هذه المدارس تلك الجبليّة وتلك المتواجدة في الأطراف، ما يعني إرغام الأهالي على النزول إلى المدينة وهجر بيوتهم وممتلكاتهم، والمعلّمون يتمسّكون بتطبيق القانون 46، ويعلنون عن عدم تراجعهم عمّا أعطاهم هذا القانون من حقوق قد ناضلوا في سبيلها لسنوات. ويصرِّحون بأنّهم مستعدّون للتفاهم مع كلّ مدرسة، وإيجاد السبل معها لكيفيّة دفع المستحقّات بموجب هذا القانون. وهم يستعملون للمطالبة بتطبيق هذا القانون، ولرفض أيّ تعديل عليه، سلاح الإضراب. وهو في اعتقادنا بغيض وخطير لأنّه يولِّد لهم عداوة من الأهل، وقلّة احترام من التلامذة، وإشكاليّة مع إدارة المدرسة، لجان أهالي التلامذة تتأرجح بين رافضين لرفع الأقساط بالمطلق، ومشكِّكين في إدارات المدارس التي تربّي أولادهم لجهة موازناتها، وغير مجارين للمعلّمين في كلّ مطالبهم، ومطالبين الدولة بتحمّل جزء من العبء المفروض".

وأشار الراعي الى أنه "في كلّ هذه الإشكاليّات والنزاعات، يدفع التلامذة الثمن الغالي، بسبب توتُّر الأجواء في البيت والمدرسة والمجتمع، وبسبب الإضرابات وإقفال المدارس، وتعطيل سير الدروس بشكله الطبيعي السليم، بالإضافة إلى المشاكل الأخرى المطروحة يوميًّا عبر وسائل الإعلام. وكلّها تترك أثرًا سلبيًّا في نفسيّة أجيالنا الطالعة، لا أحد يعرف إلى أين ستؤدّي بهم، ولقد أعرب المسؤولون الكبار في الدولة عن تفهُّمهم لهذا الوضع بمجمله: أعني فخامة رئيس الجمهورية، وكلًّا من دولة رئيس مجلس النوّاب ورئيس الحكومة، ووزير التربية. وتراوحت مواقفهم بين أن تتحمّل الدولة كلفة التعليم الخاصّ، وتتولّى مراقبة الأقساط المدرسيّة وضبطها، مع حفظ خصوصيّة المدرسة في مشروعها التربوي والتزامها بالتشريعات التربوية والتعليميّة والقانونية والتنظيمية؛ وبين مؤيِّد لهذا الطرح مع بعض التحفّظ بسبب وضع الخزينة العامة؛ وبين توزيع المستحقات ​الجديدة​ الصادرة في القانون 46، بالتساوي عل الفئات الأربع: الدولة والمدرسة والأهل والمعلِّمين، بنسبة 25% لكلّ فئة؛ وبين تقسيط دفع المتوجّبات والدرجات السّتّ مع مفعولها الرجعي على ثلاث سنوات".

وأشار الى أنه "تظهر مشكلة المدارس المجّانية التي تضمّ أكثر من 142 ألف تلميذًا من الطّبقات الفقيرة، ومن ذوي الحالة العائليّة والإجتماعيّة الخاصّة، وهم من أولى مسؤوليّات الدولة، وفي طليعة رسالة المؤسّسات الروحيّة، المسيحيّة والإسلاميّة. هذه المدارس مهدّدة بالإقفال التام إذا طُبِّق القانون 46 عليها، من دون أن تتحمّل الدّولة تغطية موجباتها المالية. ولسنا نفهم كيف تسمح الدّولة لنفسها بإهمال المدرسة المجانية، وبعدم تسديد مساهماتها المتأخّرة منذ ثلاث وأربع سنوات. وينبغي عليها ربط احتساب المساهمات بسلسلة الرّتب والرّواتب، لا بالحدّ الأدنى للأجور، كما هو حاصل حاليًا. أمّا القول أنّ "ثمّة مدارس مجانيّة وهميّة"، فيجب على الدولة تشغيل أجهزة الرّقابة واتّخاذ ما يجب من تدابير. فنحن هنا لا نغطّي أيّة مخالفة وأيّ هدر للمال العام".

ورأى الراعي أنه "تأتي مشكلة صندوق التّعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصّة، وقد فصّلها محضر إجتماع اللّجنة الماليّة لهذا الصندوق بتاريخ 3/10/2017، وتشمل المشكلة: المدارس التي تتأخّر عن تسديد المستحقّات عن العام الدّراسي 2016-2017، وتطلب التأجيل، وعدم دفع الغرامات المستحقّة والإعفاء منها؛ وعن تسديد سندات مستحقّة وتطلب تأجيلها أو الإعفاء من الغرامات المترتّبة عليها. لقد اتّخذت اللّجنة الماليّة التّدابير اللازمة بهذا الشّأن، فمن الواجب على المدارس المعنيّة أن تسدّد مستحقّاتها القانونيّة الملزمة، وتشمل المشكلة بعض المعلّمين الذين يمتنعون عن توقيع البيانات الواجب تقديمها إلى كلّ من صندوق التعويضات، والصّندوق الوطني للضمان الإجتماعي، ودوائر ضريبة الدّخل. وتشمل نقابة المعلّمين التي ترفض صرف حقوق المستحقّين وفقًا للجدول 17، المرفق بالقانون 46، بانتظار بتّ الإشكاليّات المطروحة. وتشمل لجان الأهل التي تتمنّع عن التّوقيع على الموازنات المدرسيّة للعام الحالي 2017-2018. فكان طلب إتّحاد المؤسّسات التربويّة الخاصّة تمديد المهل القانونيّة بسبب تأخّر المعالجات السياسيّة والإداريّة والقانونيّة والماليّة للقانون 46".