أكّد وزير المالية ​علي حسن خليل​، خلال لقاء ضم ​القضاة​ العقاريين ورؤساء المساحة والشركات الملتزمة أعمال التحديد والتحرير والكيل، والمساهمين الّذين ينفّذون أعمال التحديد والتحري، أنّ "اللقاء مع المسّاحين ليس احتفالاً إنّما اجتماع إداري للتباحث بمصير وشأن المسح العقاري والكيل على مستوى الأراضي ال​لبنان​ية"، مشيراً إلى "أنّنا نريد أن نكون متّفقين مع بعضنا بأنّ مسار هذا الملف غير مرضي، وبالتالي نحن أمام واقع بحاجة لإعادة نظر ومعالجة من قبل الإدارة ومن قبل الجهاز القضائي ومن قبل الشركات الملتزمة المساحة".

ولفت إلى أنّ "عدم الرضى هذا ليس مسألة مزاجية وفرديّة، إنّما موضوع مرتبط بالأداء خلال المرحلة الماضية سواء ما يتعلّق بالوقت والتأخير، أو بالنتائج الّتي حصلت نتيجة الأعمال الّتي أُنجزت. والأمر الثالث هو المشاكل الّتي أدّت إلى خسارة الدولة لمساحات واسعة من الأراضي أو بحكم الأمر الواقع والإحتلالات الّتي حصلت لها، أو بتواطؤ بطريقة أو بأخرى من إحدى هذه الحلقات المعنيّة أو المسؤولة عن المسح".

وركّز خليل، على أنّ "من غير المعقول، وبكلّ وضوح وأريحيّة، أن يكون هناك عقود لإجراء أعمال التحديد والتحرير منذ عام 2002 أي منذ 16 سنة تمّ تلزيمها لإنجاز عمليات المسح بها، وهذا كلام واقعي، وهي لم تنجز بعد حتّى الآن وفق التقارير التي بين أيدينا. والمفارقة في هذه الدولة، أنّ شركة تلتزم على مدى 16 سنة عمل بقيمة 100 مليون ليرة ويكون ذلك مربح لها وأنّ تدّعي بأنّها تعمل وفق الأصول بهذا الإلتزام".

وأوضح "أنّني كمواطن لا أصدّق أنّ شركة تحصل على التزام بأقلّ من 100 مليون ليرة لبنانية ويستمرّ على سنوات مع موظّفين وأعمال، من دون أن نقول إنّها إمّا تعمل تبرّعاً للدولة أو أنّها تحصّل البدلات من المواطن بطريقة غير شرعيّة، وهذا أمر واقعي وحقيقي"، مشيراً إلى أنّه "من يفترض أنّ هذا الكلام غير دقيق فأقول له إنّ عندنا عشرات التقارير حول أداء الكثير من المساحين سواء الشركات أو تواطؤ من بعض المسّاحين الموظّفين في الدولة، والمنطق والعقل يقول كذلك. فكيف يُعقل أن نعمل وكلّ ما يمكن أن نحصّله بالشهر هو أقلّ من 8 مليون ليرة لبنانيّة لمسّاحين على الأرض يعملون على مدى عشر سنوات فتصبح القيمة أقل من مليون ليرة بالشهر الواحد لكلّ الفريق الّذي يعمل".

وبيّن خليل، "أنّني لا أتكلّم الآن كي أدين أو أرمي اتهامات، ولكنّي أقول إنّنا يجب أن نطوي هذه المسألة ليس على قاعدة أنّنا نريد أن نتجاوز أيّ مخالفة، إنّما على قاعدة أنّنا نريد الإنطلاق بمرحلة جديدة من العمل، أوّل شيء فيها هو أنّه لن يكون هناك التزام بعد الآن بالتراضي وبمبلغ مقطوع والمسألة مرتبطة بحجم الأعمال وتقدير كلفتها وإجراء مناقصات في إدارة المناقصات لتلزيم هذه الأعمال، وهذا الأمر يفترض أن يلغي حجّة أي أحد بأن يستوفي على كلّ معاملة مبلغاً من المال وأن نفتح نقاشات في القرى لا تنتهي ويصبح المسّاح أو الشركات لا يعملون لدى الدولة إنّما يفتحون على حسابهم مع المواطنين".

وشدّد خليل، على أنّ "بعض الناس وضعوا تسعيرات معلنة"، واصفاً ذلك بأنّه "رشوة منظّمة أو معلنة لإنجاز الأعمال التي يؤدّونها"، لافتاً إلى أنّ "هذه القضيّة نريد أن ننتهي منها ونحن اليوم لزّمنا 5 أو 6 قرى على هذا الأساس ويفترض أن يبدأوا بعملهم وفق هذه الآلية. وبكل وضوح حيث حصل هذا التلزيم ومن دون أيّ تردّد ومن دون أيّ إنذار فإنّ أي إخبار عن تجاوز الأصول من قبل الشركات الملتزمة وقبض أيّ مبلغ من المواطنين حول عملها سيّتخذ فوراً الإجراء أوّلاً توقيف العمل وثانياً الإحالة إلى النيابات العامة لاتّخاذ الإجراءات بهذا الخصوص"، منوّهاً إلى أنّه "إذا ما كان هناك من مبررات وهي برأيي غير موجودة ولكن واقعياً قد تكون موجودة خلال المرحلة الماضية، ولكننا نتحدّث هنا عن مرحلة يجب أن تتّسم بكثير من الوضوح والشفافيّة والجدّية".

وأشار إلى أنّ "بموضوع العقود القائمة لإنجاز المسح، فنحن اتّخذنا قراراً أوقفنا بموجبه أعمال المسح خلال الفترة الماضية، ولكن منذ أكثر من سنة ونيّف أعيد المسح وإذا جمعنا هذه الفترات فلم يعد هناك أيّ مبرّر على الإطلاق للتأخير. وصحيح أنني وقّعت تمديداً لكثير من الشركات حول الأعمال نحو 6 أشهر في بعض الأحيان وسنة في أحيان أخرى. ولكن الآن لم يعد بإمكاننا أن نمدّد أي عمليّة للشركات الملتزمة لعملها إلّا إذا كان هناك تقرير واضح يحدّد كل ما أنجز بكل مراحله وما تبقّى من عمليات المسح والأسباب الموجبة لعدم إنجازها وفق المهل المحدّدة واقتراح المدة المتبقيّة الضروريّة لإنجازها".

وأوضح خليل، أنّ "​التمديد​ التلقائي الّذي يصل إلى المدير العام للتوقيع عليه لم يعد يمشي، وذلك إلى حدّ أنّني سأضمّن ​الموازنة​ العامة التي تناقش حالياً بنداً يلزمني أنا بعدم التمديد، أي تقييد حتى الوزير بإلغاء كل العمليّات التي مرّ عليها سنوات وتحميل جميع المعنيّين والشركاء في هذه العمليّة من الشركة إلى المسّاح وغيرهم المسؤوليّة عن هذا الأمر"، مؤكّداً "أنّنا نريد أن ننهي هذه المسألة، وقد حدّد المدير العام جورج معرّاوي النقاط العشرة الواجب تنفيذها، ولن أكررها ولكني أقول إنّنا قادرون على إنجازهم إذا كنا جدّيين وعمليّين لا أن ننتظر ظرفاً سياسياً أو تعقيدات في البلدات، فهناك عمليّة يجب أن نطلقها وأن نحدّد الثغرات في هذا الموضوع".

ولفت إلى أنّه "في كل اللقاءات التي تحصل حتى مع جهات دوليّة مهتمّة بمساعدتنا على الاستفادة وتنظيم الأراضي ولدينا اليوم مشروع كبير بين المديريّة العامة للشؤون العقاريّة و​البنك الدولي​ وقد أصبحنا في مراحله الأخيرة، فلا يصدّق أحد أنّ لبنان بمساحته الصغيرة لا يزال فيه مساحات شاسعة من دون تحديد وتحرير وتعرفون انعكاسات هذا الأمر الكبيرة على مجمل الوضع الاقتصادي"، مشدّداً على أنّه "لا يصح ألا يكون لدينا أراضي ممسوحة بالكامل ومفرزة وأنتم تعرفون مدى اختلاف القيم الخاصة بها وكم يساعد على أنجاز الكثير من العمليات الاقتصاديّة التي تحرّك الوضع في البلد وتكسر حركة الجمود التي نعيشها وتساعد في عمليّة التصحيح الاقتصادي والمالي وترفع نسبة النمو".